تعقيب على بيان الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي حول بيان لجنة المتابعة للقاء اليساري العربي كما هو معلوم انعقد بالرباط أيام 7- 8 و9 نونبر 2014، في ضيافة حزب التقدم والاشتراكية ورئاسة الرفيق خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، اجتماع الدورة الثانية للجنة المتابعة للقاء اليساري العربي. وأصدرت اللجنة في نهاية أشغالها بيانا ختاميا مما جاء فيه، إضافة لمواقف من مجمل القضايا المطروحة في المنطقة العربية وشمال إفريقيا، تثمينها عاليا "للدور الذي يلعبه حزب التقدم والاشتراكية من موقعه في المؤسسات التشريعية والتنفيذية في تطوير المؤسسات الوطنية، وتعميق الديمقراطية ورسم البرامج والقوانين الهادفة إلى الارتقاء بمستوى الحياة العامة للبلاد، وتعزيز حقوق المرأة والشباب، والعمال والمهمشين، وتمنت اللجنة على القوى اليسارية والديمقراطية في المغرب استعادة الآليات الائتلافية والتحالفية لدعم وتطوير مسار التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد، والدفاع عن القضايا الاجتماعية لعموم الشعب المغربي وتؤكد وقوف القوى اليسارية العربية إلى جانب الشعب والدولة في المغرب، في التصدي للإرهاب". هذا التحليل للوضع المغربي وموقع حزب التقدم والاشتراكيه ودوره الطلائعي في الحياة السياسية الوطنية، والموقف الذي عبر عنه الرفاق أعضاء لجنة المتابعة من خلال البيان العام، جاء بعد نقاشات رفاقية معمقة جدية وصريحة، وبعد توضيحات وتحاليل، والاطلاع على وثائق ومنها أطروحات المؤتمر الوطني التاسع للحزب، وبعد زيارات ميدانية لأعضاء اللجنة لبعض المؤسسات الوطنية ومنها البرلمان الذي تم استقبالهم به من طرف فريقي حزب التقدم والاشتراكية بمجلسيه، والاطلاع ميدانيا (وليس نظريا) على جوانب من الحياة التنظيمية لحزب التقدم والاشتراكية ونضاله الميداني (وليس النظري مرة أخرى) بجانب الشعب وفئاته الكادحة والمهمشة من خلال زيارة مقر فرع الحزب بتمارة، والاطلاع على عمل الرفيقات والرفاق اليومي بجانب المواطنين بشكل ملموس، وعقد لقاءات مع مناضلات ومناضلين وفاعلين محليين ومع مواطنين لمسوا نتائج جهد ونضال مناضلي ومناضلات الحزب، إضافة إلى نقاش وحوار نظري رفيع المستوى مع قيادات يسارية عربية وازنة يصعب مخادعتها، وليس من شيمها المجاملة عندما يتعلق الأمر بمواقف أو تحاليل، وهي التي تواجه في بلدانها قمعا شرسا (كما هو حال الرفاق في الحزب الشيوعي السوداني) أو مواجهة وصراعا قويا مع القوى الرجعية، لا تتراجع ولا تجامل ولا تخفي الحقائق، وبالأحرى أن تجامل أو تخفي حقيقتها ومواقفها في لقاء رفاقي مسؤول اتسم بالحرية المطلقة والمسؤولية في النقاش والحوار، والتعبير الصارم عن المواقف، وتقديم تحاليل بناء على المشترك بين كل أحزب اليسار الحقيقية الفاعلة (وليس الافتراضية كما يجب التنويه)، وانطلاقا من منهجية التحليل الجدلي التاريخي للواقع الفعلي وليس المفترض، والنظرية الللينية في الاستراتيجية والتكتيك... كان حزب التقدم والاشتراكية فاعلا بالفعل في هذا اللقاء بصفته عضوا يتمتع بنفس حقوق باقي أعضاء اللجنة وليس بصفته مضيفا يملي تحاليل ومواقف، وهذا ليس من شيمه علاوة على أن إملاء مواقف أمر غير مقبول من طرف مناضلين وقيادات الصف الأول لأحزاب اليسار العربي الممثلة في هذه اللجنة. لقد نجح حزب التقدم والاشتراكية في تنظيم اللقاء بتنسيق كامل مع الرفيق خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ومنسق لجنة المتابعة، ونجح في إقناع الرفاق في أحزاب اليسار العربية بالتحليل السليم للوضع المغربي، وبصواب اختياراته وخطه السياسي المرحلي، وبأهمية دوره الفاعل والتقدمي في المسار السياسي الإيجابي لمغرب اليوم.. ومن حق الحزب أن يعتز بهذا النجاح الذي هو نجاح للجنة المتابعة ولمنسقها وللقاء اليساري العربي على وجه العموم. نجاح لم تكن ترغب فيه القوى الرجعية وخصوم اليسار مغربيا وعربيا، وهذا أمر طبيعي ومفهوم، لكن الغريب أن يعبر تنظيم يتموقع في اليسار مبدئيا عن تضايقه من هذا النجاح وما أسفر عنه من موقف إيجابي تجاه التجربة المغربية، ومن الدور الفاعل لحزب التقدم والاشتراكية في مسار التجربة وعملية التحول الديمقراطي في بلدنا، هذا التنظيم هو حزب النهج الديمقراطي (أقول المغربي أم في المغرب؟) الذي أصدرت كتابته الوطنية بيانا، بعد مرور أسابيع على اللقاء، يهاجم فيه حزب التقدم والاشتراكية، ويسود الوضع في المغرب إلى أقصى الحدود، ويخرج أول حزب يساري في المغرب (نشأ منتصف أربعينات القرن الماضي) بجرة قلم شارد من دائرة اليسار... وحسب ما تعلمناه من دروس عبر التاريخ البعيد والقريب، عالميا ووطنيا، فإن غلاة اليسار وغلاة الرجعية يلتقون موضوعيا، التطرف يلتقي مع التطرف يمينيا كان أم يساريا، هذا الالتقاء الموضوعي ليس غريبا في أدبيات وتاريخ اليسار، مسألة سوء تقدير سياسي وغياب استحضار لمفاهيم مركزية في النظرية السياسية الماركسية ومنها مفهوم التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي، وبناء التحالفات التكتيكية والإستراتيجية بناء على تحديد التناقضين من منطلق طبقي وليس إيديولوجي مطلق، ومفهوم التراكمات الكمية والتحول النوعي، والعلاقة بين الوطنية والأممية كما أبرزها نظريا وممارسة الزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ وبوضوح أكثر القائد الاشتراكي الفرنسي جون جوريس، وجسدها بشكل باهر القائد الشيوعي المغربي الطيب الذكر الراحل علي يعته مؤسس الحزب الشيوعي المغربي الذي أصبح يسمى منذ منتصف سبعينات القرن الماضي حزب التقدم والاشتراكية. لكل ما سبق، وباعتباري تتبعت كل أشغال لجنة المتابعة كممثل لحزب التقدم والاشتراكية، مع رفاق آخرين، ومنها صياغة البيان العام، لا يسعني سوى استهجان بيان حزب النهج الديمقراطي الذي أصدره وعممه يوم 29 دجنبر 2014 حول اللقاء، أي بعد أسابيع طويلة من انعقاده، وتعبيره عن تحفظاته وأسفه لأن لجنة المتابعة عبرت عن تثمينها عاليا للدور الذي يلعبه حزب التقدم والاشتراكية في تطوير المؤسسات الوطنية وتعميق الديمقراطية، وتعزيز حقوق المرأة والشباب والعمال والمهمشين ... هو بيان يشكل إهانة، عمليا، لقيادات وازنة ومناضلة في اليسار العربي، واستهانة بقدراتها الفكرية والسياسية، ويشكك في ذمتها الأخلاقية، ويتهمها ضمنيا بالمجاملة وبالتالي النفاق ومن ثمة تخليها عن مبادئها ومواقفها وتحاليلها لاعتبارات تافهه. كل ذلك يمس بكرامة وهوية ومصداقية قيادات يسارية مناضلة ومتشبثة بقناعاتها في كل الظروف. بيان النهج الديمقراطي يعيدنا، ويذكرني شخصيا، إلى سنوات السبعينات من القرن الماضي وحتى قبل ذلك، والنقاشات داخل الوسط الطلابي، والعداء المستحكم الذي كان يكنه ما كان يسمى بالطلبة القاعديين الذين أسس بعضهم حزب النهج الديمقراطي لا حقا وظل آخرون على نهجهم العدمي المطلق لدرجة اعتبار النهج نفسه منحرفا ومندمجا موضوعيا في النظام، أقول العداء المستحكم لحزب التقدم والاشتراكية وقبله حزب التحرر والاشتراكية، واعتبار الحزب العدو الرئيسي والمشكلة الأساسية لهولاء اليساريين الطفوليين، الذين بقوا طفوليين ولم يكبروا أو يطوروا مقارباتهم وتحليلهم قيد أنملة، بقوا هناك عند منتصف ستينات القرن الماضي... بنفس العداء للحزب، ونفس المقاربة العدمية، ونفس الشعارات النارية لكن دون فعل، ونفس التحاليل الجامدة عقائديا ومتخشبة سياسيا. أزيد من أربعة عقود تحول فيها المجتمع والسياسة والاقتصاد والفكر والثقافة والأجيال والعالم وكل شيء إلا يسار النهج لا يتبدل ولا يتغير كما يقول إشهار قديم لنوع من البن يتواجد في السوق منذ عقود بنفس المذاق... فليذهب الديالكتيك إلى الجحيم أو ما شابه، بل إن الديالكتيك أصبح مقلوبا نوعا ما. فإذا كان ماركس يعتبر أنه "ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم"، فإن اليساريين الطفوليين في النهج الديمقراطي (اللاديمقراطي في الواقع)، كما اليسار الصبياني في كل مكان، يقلبون الديالكتيك رأسا على عقب، كما فعل هيجل حسب نقد ماركس لهذا الأخير، ويعتقدون أن وعي بضعة عشرات من اليساريين الطفوليين الحالمين يحدد الوضع الاجتماعي والسياسي والفكري والثقافي وكل شئ، هو وهم بالطبع أما الواقع فشيء آخر، الواقع في حركة ديالكتيكية متواصلة يواكبه تطور في الفكر حسب التحليل الجدلي، (هم في الواقع بضعة عشرات أو مئات في أحسن الحالات، وأستعير قول أحد قادة اليسار العربي في حوار خاص وغير رسمي في وصف وضعية أحد الأحزاب الشيوعية العربية، الذي ينطبق تماما على جماعة النهج، بأن عدد أعضاء مكتبه السياسي أكثر من عدد منخرطيه... في صراعنا الإيديولوجي بدون هوادة مع اليسار المتطرف داخل الجامعة كما كان يسميه الحزب، وأنا أتحفظ على هذه التسمية لأن الأمر يتعلق بتطرف لفظي لا غير ولا ممارسة متطرفة على الإطلاق، وبشعارات وألفاظ كبيرة تفقد أي قيمة لأنها لا تمر إلى الممارسة، ولو مرت لاحترمتهم رغم خلافي معهم، أقول في صراعنا آنذاك كان مرجعنا الرئيسي كتاب لينين المشهور "مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية" المكروه جدا من طرف هذه الجماعة، وملحق كتاب المفكر والقائد الشيوعي اللبناني الفذ الرفيق الشهيد مهدي عامل "مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني" المعنون ب " اليسار الحقيقي واليسار المغامر"، وأعمال المفكر والقائد الشيوعي الإيطالي انطونيو غرامشي... غير أن الجهل المطبق للجماعة التي أسست النهج الديمقراطي بالمبادئ الأولية للنظرية الثورية بل وعدم قراءة الأعمال المؤسسة للنظرية وعدم استيعابها والاكتفاء ببعض الملخصات وبعض الشعارات العامة، جعل الحوار معهم بدون جدوى ... وكان المسار والمصير الذي يعرفه الجميع اليوم: حزب التقدم والاشتراكية باستيعابه الجيد والخلاق للديالكتيك ونظرية التغيير الاجتماعي، واجتهاداته لتطبيق النظرية التقدمية في الواقع الخاص، باستيعاب كامل لأطروحة العام والخاص في النظرية الثورية التي تعتبر أن لا وجود لعام بدون خاص يتجسد فيه بشكل ملموس ومتميز، واجتهادات مفكريه وقادته الكبار أمثال المفكر اليساري وأحد قادة الحزب البارزين الراحل عزيز بلال، هذا الحزب، الشيوعي في الأصل، والوطني حتى النخاع، والتقدمي واليساري بدون طلب اعتراف من أي كان، حاضر اليوم، وقبل اليوم، بقوة وتأثير أكيد في الحياة العامة الوطنية سياسيا وفكريا وثقافيا، حضور جماهيري واسع، تجذر في الواقع الوطني، وتمثيلية مشرفة في البرلمان والمجالس المحلية وفي كل المؤسسات الوطنية سياسية ونقابية ومدنية، تنظيمات جماهيرية، عمل ميداني يومي، تأثير في قرارات وبرامج وتوجهات السياسات العمومية، قوة سياسية فكرية وثقافية وجمعوية... حضور وازن ومؤثر في كل مجالات الحياة العامة، رقم لا يمكن تجاوزه في الحياة السياسية لمغرب اليوم... في المقابل لا وجود فعلي في الواقع الوطني لحزب يسمى بالنهج الديمقراطي ما عدا بعض البيانات المتباعدة في الزمان، ونقاشات عقيمة ومكررة، في فضاءات جد محدودة، تستعيد وتعيد أفكار ومقاربات مر عليها حوالي نصف قرن حول طبيعة النظام وضرورة الحزب الثوري والنضال الجماهيري (نظريا طبعا) وكأن المغرب مجتمعا وتاريخا وسياسيا جامد في مكانه منذ منتصف الستينات من القرن الماضي، وكأن هذا الشعب بدون تعبيرات سياسية ومدنية وبدون فعل وبدون نضال مجدي، وكأن هذا المجتمع المغربي لا يعيش الصراع الطبقي الذي يعبر عنه الصراع السياسي، وكأن كل تضحيات مناضلات ومناضلي القوى الحقيقية لهذا الشعب بدون جدوى على المسار السياسي للبلاد وبدون مكاسب ديمقراطية واجتماعية، وكأن هذه البلاد متوقفة تنتظر تشكيل الحزب الثوري الذي ما زال في المخاض منذ حوالي نصف قرن من الزمان، كأن هذه البلاد تنتظر غودو... كل هذه النقاشات والبيانات التي يدبجها النهج من حين لآخر بدون جدوى أو تأثير بأي شكل في الحياة الوطنية في أي جانب من جوانبها، مجرد شعارات كبرى براقة بدون مضمون، وجمل ثورية حسب تعبير فلاديمير اليتش اوليانوف لينين، ومزايدات سياسيوية بئيسة، والتعبير عن جمود عقائدي فضيع كتعبير عن أصولية لا تقل تخلفا وانغلاقا ورفضا لتطور التاريخ والمجتمع والاقتصاد عن الأصولية الدينية (وأحيل هنا إلى المفكر الماركسي الفرنسي قبل تراجعه الغامض عن مساره الفكري روجيه جارودي حول مفهوم الأصولية وحديثه عن الأصوليات، وأنا اعتقد أن التمسك بأطروحات القرن التاسع عشركما هي ومقاربات منتصف ستينات القرن الماضي كما تمت صياغتها آنذاك، ورفض أو تجاهل كل ما حدث من تحول في المجتمع والسياسة والاقتصاد والمجتمع والفكر، هذا الجمود الفضيع في مواكبة تحولات المجتمع والفكر هو أصولية مثلها مثل أصولية الإسلاميين المتطرفين ما دام يحكمهما نفس منطق التفكير والجمود بل والتخشب وتكرار ما قاله السابقون منذ عقود أو قرون.. الحضور اليتيم لهذه الجماعة هو فقط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد الاستيلاء عليها بشكل كامل وطرد أو رفض كل من لا يناصر مقارباتهم العدمية (أذكر القارئ غير المغربي أن هناك عدة جمعيات حقوقية في المغرب والجمعية المغربية إحداها وتضم أساسا بعض الطلبة القاعديين سابقا) وهي جمعية تطرح كثيرا من الأسئلة حول حقيقيتها وارتباطاتها وتمويلها، حيث إنها لا تخفي مواقفها المتماهية مع مواقف الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر ودعم الجنرالات لتنظيم البوليزاريو الانفصالي، خاصة ما يتعلق بالقضية الوطنية لكل المغاربة مع عدا بضعة عشرات من أعضاء هذا التنظيم الذي يقف في مواجهة كل الشعب ويدعي في الآن ذاته تمثيله للشعب، هذا تناقض جوهري من المفروض التفكير فيه على الأقل... وحتى الحضور الطارئ للتنظيم داخل حركة 20 فبراير، وكانت فرصته التي لا تتكرر لقيادة الجماهير نحو الثورة حسب أحلامه الصبيانية، فإنه كان حضورا هامشيا ولفظيا، فالحركة من إبداع شباب لا علاقة لهم بأوهام متياسري النهج، وقوتها العددية مستمدة أساسا من الحضور القوي لجماعة أصولية غارقة في المحافظة لكن بامتداد جماهيري حقيقي هي جماعة العدل والإحسان. وللتذكير فإن جماعة النهج كانت متحالفة مع هذه الجماعة الأصولية دون التساؤل حول المنطلقات الإيديولوجية المتنافرة بشكل مطلق، ولا تجد الجماعة أي غضاضة أو تناقض وهي تؤاخذ على حزب التقدم والاشتراكية على ائتلافه، وليس تحالفه كما أوضحت ذلك أطروحات المؤتمر التاسع، مع حزب العدالة والتنمية الأكثر انفتاحا على العصر وعلى محيطه السياسي ... هذا الحزب، أو بالأحرى الحزيب، بهذا الحجم البئيس وهذا اللاحضور واللاتأثير يضع نفسه في موقع إعطاء الدروس ليس فقط لحزب التقدم والاشتراكية بل لكل قيادات اليسار العربي.. أي وقاحة.. أما تساؤلات البيان حول من هو اليساري وغير اليساري اليوم فالممارسة والفعل والعمل الجماهيري اليومي هو المحدد وليس الجمل الثورية اللفظية بكل تأكيد، ووحده من يمارس يملك حق التقييم أما مدبج البيانات المناسباتية فمن الأفضل أن يعرف قدره ويلزم حده... ولن أناقش البيان / النميمة في مضامين أخرى، فأي متتبع بسيط للشأن السياسي الوطني سيدرك أن مدبج البيان عبر عن ضحالة مثيرة للشفقة وجهل مطبق بالقانون الدستوري وبالمعطيات الاقتصادية الوطنية، وعدم التتبع الجدي للسياسات العمومية، لأنه يتضمن أرقاما خاطئة ومعطيات متجاوزة وأحكاما جاهزة منذ عقود يتم تكرارها كل عقد بدون أدنى عناء للتحيين لأجل حد أدنى من المصداقية... هل يحتاج حزب التقدم والاشتراكية، اليساري فكرا وممارسة وحضورا وفعالية، والوطني حتى النخاع، والمستقل في تفكيره وتحاليله ومواقفه، لاعتراف جماعة هامشية بهويته ويساريته وارتباطه بقضايا شعبه ووطنه؟ وهل يحتاج قادة اليسار العربي الممثلون لأحزاب شامخة ومناضلة لدروس وتوجيه ممن اعتبرهم لينين، المرجع الرئيسي لكل اليسار، مجرد يساريين طفوليين بل ومتطفلين؟ واقع الحال يجيب... وأختم بما قاله الرفيق نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في جواب عن سؤال لإحدى الصحف الوطنية الصادرة يوم فاتح يناير 2015: "إذا كان اليسار الحقيقي هو أن نظل في هوامش الهوامش فإني أترك هذا النوع من اليسار للنهج الديمقراطي". وأنوه في الأخير إلى أن البيان العام الذي صدر عن لجنة المتابعة لم يقترحه ممثلو حزب التقدم والاشتراكية في الاجتماع بل صاغه رفاق قياديون في أحزاب يسارية في المشرق العربي، ونوقش بعمق في اجتماع رسمي للجنة، وساهمنا كما باقي الأعضاء في مناقشة كل فقراته والمواقف التي عبر عنها من كل القضايا المطروحة عربيا ومغاربيا. * عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية