قبل أيام، تحدثت تقارير إعلامية عن قرب بدء تصوير فيلم «سبيكتر»، النسخة 24 من سلسلة أفلام «جيمس بوند» الشهيرة. كما أعلن أن الفيلم، الذي سيلعب فيه دور البطولة الممثل دانييل كريج، سيتم تصويره بمدن لندن وروما ومكسيكو ومنطقة جبال الألب، إضافة إلى طنجة. فيما يتوقع أن يتم عرض الفيلم في نوفمبر 2015. وقبل طنجة، التي اختيرت لتصوير مشاهد من «سبيكتر»، كان النجم الأميركي توم كروز قد صور مشاهد من فيلمه «المهمة المستحيلة 5»، لمخرجه جاك ريتشر، بين مراكش والرباط والدار البيضاء. وهو الفيلم الذي يتوقع عرضه أواخر 2015. وتعود عادة اختيار تصوير أكبر الأفلام العالمية بعدد من مناطق المغرب إلى بداية القرن الماضي، إذ تم تصوير أفلام كثيرة، بينها «كازابلانكا» (1942)، لمايكل كورتيز، وبطولة همفري بوغارت وإنغريد بيرغمان، و«عطيل» (1949)، لأورسن ويلز، و«الرجل الذي يعرف أكثر مما يجب» (1956)، لألفرد هيتشكوك، و«مائة ألف دولار تحت الشمس» (1956)، لهنري فرنيل، وبطولة جان بول بلموندو ولينو فونتورا، و«لورنس العرب» (1962) لديفيد لين، و«الرجل الذي أراد أن يكون ملكا» (1975) لجون هوستن، وبطولة شين كونري ومايكل كاين، قبل أن تتوسع لائحة التصوير والإخراج والبطولة، مع مخرجين كبار، أمثال ريدلي سكوت وأوليفر ستون ومارتن سكورسيزي وكلينت إيستوود، وممثلين رائعين من حجم توم هانكس وتوم كروز وبراد بيت ومات ديمون وجيريمي آيرونز وروبرت ريدفورد وكيت بلانشيت وبن كينغسلي ونيكول كيدمان، وغيرهم. وفي الوقت الذي تحول فيه عدد من الأفلام التي صُورت ما بين أربعينات وستينات القرن الماضي إلى أسطورة في تاريخ السينما العالمية، تزايد عدد الأفلام المصورة في المغرب، في العقود الأخيرة، بمتوسط سنوي يتراوح بين 20 و30 فيلما طويلا. وحسب المركز السينمائي المغربي، فقد بلغت استثمارات الإنتاجات الأجنبية بالمغرب أزيد من 502 مليون درهم، أي ما يناهز 60 مليون دولار، يجسدها 22 إنتاجا سينمائيا وتلفزيونيا (حتى نهاية 30 يونيو 2014). وهو مبلغ يمثل زيادة بنسبة 150 في المائة مقارنة مع الأرقام المسجلة برسم 2013. ووفقا لمصادر من المركز السينمائي المغربي، فإنه من المتوقع، على أساس عقود الإنتاج الموقعة، أن يتم تجاوز هذا المبلغ حاجز المائة مليون دولار مع نهاية سنة 2014، ليحتل المغرب المرتبة الأولى عربيا وأفريقيا في استقطاب تصوير الأفلام الأجنبية. ومن أبرز الأفلام التي صورت، في العقود الأخيرة، في المغرب، وحققت صدى عالميا، سواء على مستوى متعة المشاهدة واعتراف النقاد أو حجم الإيرادات، نذكر «آخر رغبات المسيح» (1987)، لمارتن سكورسيزي، و«شاي في الصحراء» (1989)، لبرناندو برتولوتشي، وبطولة روجي مور، و«كوندون» (1996) لمارتن سكورسيزي، و«المصارع» (2000)، لريدلي سكوت، وبطولة راسل كرو، و«سقوط الصقر الأسود»(2001)، لريدلي سكوت، وبطولة جوش هارتنت، و«لعبة التجسس» (2001)، لتوني سكوت، وبطولة روبرت ريدفورد وبراد بيت وكاثرين ماكورماك، و«هوية بورن» (2002)، لدوج ليمان، وبطولة مات ديمون وفرانكا بوتينت، و«الإسكندر» (2004)، لأوليفر ستون، وبطولة كولن فاريل، و«طروادة» (2004)، لولفجانج بيتيرسن، وبطولة براد بيت وإيريك بانا وأورلاندو بلوم وشون بين، و«مملكة السماء» (2005)، لريدلي سكوت، وبطولة أورلاندو بلوم وإيفا غرين وغسان مسعود وجيريمي آيرونز، و«المومياء» (2005)، لستيفن سومارز، وبطولة براندن فريزر وراشيل وايز، و«بابل» (2006)، لأليخاندرو غونزالس إناريتو، وبطولة براد بيت كيت بلانشيت، و«أمير فارس: رمال الزمن» (2010)، لمايك نيويل، وبطولة بن كينغسلي وجيك جيلنهال. واستقبل المغرب خلال السنة الجارية إنتاجات سينمائية ضخمة، بينها فيلم «ملكة الصحراء»، للمخرج ويرنير هيرزوغ، وبطولة نيكول كيدمان وجيمس فرانكو وروبير باتيسون، إلى جانب عدد من الممثلين الآخرين، بينهم نحو 50 ممثلا مغربيا، و65 تقنيا مغربيا، فضلا عن نحو 1500 كومبارس، عملوا إلى جانب نظرائهم الأجانب. في حين اختار كلينت إيستوود المغرب لتصوير فيلمه عن حياة القناص الأميركي الشهير، كريس كايل، وهو مشروع ضخم، انتهى إيستوود من تنفيذه في ماي الماضي، فيما انتهى توم هانكس من تصوير فيلم «صورة مجسمة للملك»، للألماني توم تيكفر. ولا تمكن الإنتاجات السينمائية الضخمة من تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، فحسب، بل تساهم في تعزيز إشعاع وجاذبية صورة المغرب على الصعيد الدولي، الشيء الذي يسهم في استقطاب المزيد من الإنتاجات العالمية، دون إغفال الإيجابيات التسويقية التي يمكن جنيها من توافد مخرجين وممثلين عالميين من حجم ريدلي سكوت ومارتن سكورسيزي وأوليفر ستون وتوم كروز وراسل كرو ونيكول كيدمان وتوم هانكس وكلينت إيستوود، وغيرهم، خاصة فيما يتعلق بدعم وجهة المغرب السياحية، وتأكيد ما يعيشه من أمن واستقرار. ويسهم عدد من المهرجانات والتظاهرات السينمائية، ذات البعد القاري والعالمي، في دعم توجهات المغرب، خاصة فيما يتعلق باستقطاب كبار المنتجين العالميين لتصوير إنتاجاتهم، بشكل يفتح باب التواصل واللقاء ويعزز جو الثقة في وجهة المغرب. وتحول المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي يرأس مؤسسته الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى موعد سنوي يجمع مختلف المتدخلين في عالم السينما.