اختتمت أول أمس الجمعة الحملة الانتخابية في تونس تمهيدا لإجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم غذ الأحد والتي انحصر التنافس فيها بين مرشح حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي والمرشح المستقل المنصف المرزوقي، في حين حذرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من تهديدات "إرهابية" تستهدف الانتخابات. وقد اتسمت هذه الحملة الانتخابية بتنافس شديد وصل إلى حد التشنج أحيانا، مما أثر في المناخ العام وأدى إلى ظهور خطابات تقسم البلاد بين الشمال والجنوب، خاصة بعد أن وصف السبسي عبر وسائل إعلام فرنسية كل الناخبين الذين صوتوا للمرزوقي ب"الجهاديين والمتطرفين"، مما خلف حالة من الانقسام. وفي تعليقه على ذلك، قال مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي عدنان منصر "من أحدث هذا الانقسام هو من اعتبر مليون ومائة ألف تونسي صوتوا للمرزوقي من الإرهابيين والسلفيين والمتطرفين". في الجانب الآخر، تنفي حملة قايد السبسي أن تكون تصريحاته هي سبب تأجيج الخلافات في الشارع التونسي، وتتهم المرزوقي وأنصاره بمحاولة تقسيم التونسيين. ويقول مدير الحملة الانتخابية للسبسي محسن مرزوق إن "الحملة المنافسة تعتمد على تقسيم التونسيين خاصة على المستوى الجهوي وتريد إحياء نعرات قديمة" وقد واصل كلا المرشحين حملته الانتخابية موجها انتقاداته للطرف المقابل، وقال السبسي أمس الخميس أمام أنصاره في اجتماع جماهيري بمدينة النفيضة بمحافظة سوسة ""سنذهب معا لتغيير حالة البؤس التي تركتها الترويكا". وانتقد السبسي فترة حكمها "الترويكا" كون وضع البلاد تدهور على كافة المستويات، خاصة الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية، حسب قوله. وكانت الترويكا -التي ضمت إلى جانب حركة النهضة حزبين محسوبين على يمين الوسط، هما المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل من أجل العمل والحريات- قد حكمت بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011 قبل أن تترك الحكم مطلع العام الجاري لحكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة. في المقابل، قال المرزوقي في خطاب جماهيري أمام أنصاره في محافظة تطاوين الخميس "أعلن منذ الآن إني قابل بنتيجة الانتخابات الرئاسية، وأدعو منافسي أن يعلن هو الآخر قبوله بنتيجة الانتخابات منذ اليوم"، وأضاف المرشح المستقل "لدي معلومات تفيد بأنهم بدؤوا بالتحضير منذ الآن لخطة بديلة عبر التشكيك في نتيجة الانتخابات الرئاسية في حال فوزي". وتجرى الانتخابات داخل تونس الأحد المقبل 21 دجنبر، وأيام 19 و20 و21 من الشهر نفسه للتونسيين في خارج البلاد. يأتي ذلك بينما حذرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من تهديدات "إرهابية" تستهدف الانتخابات، وفق ما أكده قال رئيس الهيئة شفيق صرصار في مؤتمر صحفي الخميس. ولم يوضح صرصار طبيعة تلك التهديدات، ولكن تصريحه جاءت بعد ساعات من توعد تنظيم الدولة الإسلامية في مقطع فيديو منسوب له بتنفيذ هجمات في تونس. وأوضح صرصار أن "الهيئة راجعت بالتنسيق مع الجهات الأمنية مكاتب الاقتراع ذات التوقيت الخاص، ولفت إلى أن ارتفاع عدد المكاتب ذات التوقيت الخاص (نظرا للظروف الأمنية) لتبلغ 124 مكتبا، وذلك بعد أن كانت 56 مكتبا في الدور الأول من انتخابات الرئاسة. وتشهد المحافظات الحدودية لتونس -خاصة مع ليبيا- توترا أمنيا، وسط حالة استنفار للقوات الأمنية. وفي هذا السياق، قررت السلطات التونسية الخميس إغلاق المعبرين الحدوديين مع ليبيا "رأس جدير" و"الذهيبة" حتى الأربعاء المقبل، باستثناء الحالات العاجلة والإنسانية. يشار إلى أن السلطات التونسية خصصت مائة ألف ما بين عسكريين وأمنيين لتأمين الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.