بقايا أثرية بصحن مسجد «ولد الحمراء» أكدت المفتشة الجهوية للمباني التاريخية والمواقع بجهة الدارالبيضاء الكبرى رابحة زاهيد مؤخرا، أن اللقى الأثرية التي تم اكتشافها مؤخرا بالمدينة العتيقة للدار البيضاء ستمكن بعد دراستها من إبراز محطات لم تكتشف بعد من تاريخ أنفا القديمة. وأوضحت زاهيد، في تصريح خصت به وكالة المغرب العربي للانباء، أنه على إثر أعمال الترميم والصيانة التي يعرفها حاليا مسجد "ولد الحمراء"، والتي تندرج ضمن مخطط إعادة تهيئة النسيج العمراني للمدينة العتيقة للدار البيضاء، تم اكتشاف بقايا أثرية بصحن المسجد بمستويات مختلفة تعود إلى عصور سابقة لتاريخ بنائه، مبرزة أن هذه الاكتشافات تمت خلال عملية الحفر، التي واكبتها المفتشية باعتبارها الجهة القانونية المخول لها مواكبة الملفات التقنية لأعمال الترميم والصيانة لهذه المعلمة التاريخية. وأضافت أنه إثر ذلك تم توقيف عمليات الحفر، لتباشر المفتشية الحفريات على مستوى الصحن، حيث تم اكتشاف حوض مائي وبقايا قنوات مائية قديمة تعود إلى مراحل مختلفة من استقرار الإنسان بحاضرة أنفا، وبقايا من الحجر المنجور وأجزاء من الأعمدة المقطعة، مرجحة أن تكون تلك الأعمدة قد أعيد استعمالها في البناء والتزيين، أو أنها جلبت من أماكن أخرى لهذا الغرض. وذكرت أنه تم أيضا اكتشاف طبقات أركيولوجية تعود لحقب زمنية مختلفة ولقى أثرية عبارة عن بقايا خزفية، وعظام وأصداف بحرية، مؤكدة على أن أهمية هذه اللقى تكمن في كونها أدوات ومفاتيح أساسية لدراسة فترات من تاريخ أنفا القديمة، حيث أن هناك مراحل هامة من تاريخها ما تزال مستعصية على الدارسين، ومثل هذه الكشوفات سيمكن من إضاءتها وإعادة كتابة تاريخ هذه الحاضرة الضاربة جذورها في عمق التاريخ. وأكدت في هذا السياق أن مجموع هذه الاكتشافات سيخضع للدراسة والخبرة من قبل متخصصين ليتم تحديد الفترة الزمنية التي تعود إليها ووظيفتها وماهيتها، مشيرة إلى أن إحدى القطع الحجرية المصقولة التي تم العثور عليها في المكان تشبه الحجارة التي بني بها موقع "الصقالة" التاريخي مما يفتح الباب لطرح عدة أسئلة حول الأهمية التاريخية للمسجد، والحضارات التي تعاقبت على المكان قبل بنائه، وهي الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها قبل إجراء الخبرة الضرورية. يذكر أن مسجد "ولد الحمراء"، الذي يشهد أعمال صيانة وترميم لجميع مكوناته من سقف وأقواس وبلاطات ومحراب، أسسه أحد المحسنين يدعى "ولد الحمراء " الشاوي من قبيلة أولاد امحمد في سنة 1204 ه/1790م على عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وأعيد بناؤه وتجديده في عهد السلطان مولاي الحسن الأول سنة 1290 /1876 حيث رفع صومعته وأضيف إليه بلاطان لتوسعته. وتجدر الإشارة إلى أن المدينة القديمة للدار البيضاء شهدت، ومنذ الزيارة الملكية في غشت 2010، قفزة نوعية في مجال التعريف بها والمحافظة على مكوناتها العمرانية والهندسية، بحيث تم تصنيفها تراثا وطنيا لتصبح اليوم من أهم المكونات التي يرتكز عليها ملف ترشيح مدينة الدارالبيضاء لإدراجها في لائحة اليونسكو كتراث عالمي.