صدر عن مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان صدر عن مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان كتاب جديد للقاص والشاعر المغربي عبد العزيز أمزيان بعنوان "رسائل حب"، وتزين غلافه لوحة بريشة الفنان التشكيلي حسن جوني. قدم للكتاب عبد الناصر لقاح، ومما قاله فيه: "نحتاج في هذا الزمن ألوانًا من الآداب، وأنواعا من القول لم يتم طرقها كثيرا في الأدب العربي الحديث والمعاصر. ومن تلك الألوان والأنواع فن الترسل، وبخاصة الترسل في الحب. "لقد قيد الله لنا في زمن ما - ونحن أحداث - أن نطَّلع على رسائل الحبِّ التيَّاهة في سبحات الخيال المجنح عند الشاعر والروائي العبقري ڤيكتور هوغو، تلك التي بعث بها إلى حبيبته الممثلة جولييت دروي التي أنفق قرابة خمسة عقود في الترسّل معها وهو، في هذا، المترسل بامتياز، استنادًا إلى الفارق بين المترسل والمرسل كما ورد عند ابن وهب (ق 4) في كتابه الموسوم بالبرهان في وجوه البيان. ومن بعد هوغو قرأنا رسائل الأديب العالمي جبران خليل جبران ومي زيادة، ورسائل مصطفى صادق الرافعي، وهي تتصف بكونها رسائل من دون أجوبة، يتصوَّرُ فيها الأديب الألمعي الفذ شخص المحبوب، فيتحدث إليه حديث العاشق الوامق في خطرات تأملية ونظرات فلسفية ثرة... وهذه الرسائل، رسائل الرافعي، بحسبي، هي أكثر الرسائل جمالا وسحر بيان وعمق متاع. "قراءة رسائل الأديب والصديق عبد العزيز أمزيان لا تغرب عن أسلوب الرافعي في اللغة والوصف معا، إلا ما كان مخصوصا بجنان أمزيان، وبحناياه، وهي رسائل عبارة عن مرآة لصاحبها وقطعة من حياته الهانئة تحكيه - أديبا وإنسانا - له كبد تشف وقلب يحب "رسائل أمزيان ينبوع من البيان وآماد واسعة من القول العذب. ولو شئتَ أن تقوم بثبت بالألفاظ الدالة على شؤون العِشق بها، من المتعارف عليه والموحى به، لأنست بها كل مطلب وأممت كل غاية مما يعتور المحب الهيمان من اللذة والنشوة والسهو. والمعشوقة في هذه الرسائل من لحم ودم وعظم حينا، ومن ضوء بهير وعشق أسطوري حينا آخر، إنها صورة ما يكابد الأديب، لا حكاية واقع متاح وشائع بين الناس... إنها تخلق في روحه كنورس لا يشبع من الرقص بعيدًا في شمس الفرحة. "إن في هذه الرسائل عجبًا يبعث على الإعجاب ولذة تستزيد لذاذة ومتعة تقتصي متاعا آخر وإبداعا لا إتباعا. "هنيئا لشاعرنا الأديب الطيب عبد العزيز أمزيان بالذي عرضه علينا من حنايا الفؤاد وثبات العقل، وهنيئا للقارئ العربي هذا الجمال الجميل المترع صدقا. وأما عبد العزيز أمزيان فقاص وشاعر مغربي، من مواليد مدينة القصر الكبير (المغرب)، عام 1963 مجاز في اللغة العربية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة تطوان 1990، حاصل على شهادة الأهليَّة التربوية للتعليم الثانوي من المدرسة العليا للأساتذة بفاس، 1991 يعمل أستاذا في التعليم الثانوي التأهيلي بمدينة الدارالبيضاء منذ تخرجه. يهوى الشعر والأدب، وله كتابات وأنشطة ثقافية مختلفة. حاز عن مؤلّفه الحاضر إحدى جوائز ناجي نعمان الأدبية (جائزة الإبداع، 2013). ومن الكتاب، الرسالة السابعة: "عزيزتي عبق الزهر: ها أنت تطلين علي، من كوة الضوء بوجه سرمدي، وروح قلقة مضطربة. تخدشك أظافر السحاب، تلوي عنقك وعنق الأحلام في أرخبيل النجوم، وصقيع الوحشة المضروبة في زوابع البحر الهائج، وعواصف المطر المنهمر على أشرعة السفن المنكسرة على صخرة المساء، وجلمود الليل الحالك. ها أنت تنصبين لي شباك هواجسك وفخاخ مخاوفك، كي أهوى في قعر الشجن، وينحسر الأمل، وأتجرَّعَ كأس المرارة. لكني لن أنهزم أو أترك الأمواج ترميني في انحدار البحر، أو أدع الريح تقلع جذري في الهواء. سأصمد كجبل، وأعلن فيك ميلاد الخريف، وأطمس لون وجهي في غياهب المساء، كقوس الشجر، وقبة النهر في آخر المدى. هذا وجهك يختلط بعزف بيانو في صدر المدينة، ويتهادى على رقصة الأسى في رنين الروح، يتغلغل عميقًا في أنفاسي الهائمة في دهاليز الحياة، وعطر الدمع الخالد في اتساع رموشك في سكون العشق، وعناق اللحظات العارمة بسنابل أصابعي التي تنبت في ضفائر روحي. ليت الزمن يتوقف! يبقى هذا الرنين يطن في مسامعي، وتظل حكايتك في صدري خالدة، على هديل البحر، وهدير الشمس، تلاطم جسدي، وتشعل نار فتيل العشق في منارة العمر. "دمت بخير، وتقبلي ودي ووردي وكثيرًا من العشق".