ستنظم وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية يومي 22 و23 شتنبر 2014 المناظرة الوطنية حول مدونة الشغل تحت عنوان "مدونة الشغل بين متطلبات التنمية الاقتصادية وضمان العمل اللائق" وذلك بعد مرور عشر سنوات من تطبيقها، وبعد أن تم في إطار التحضير الاشتغال خلال الفترة الصيفية على أربعة أوراش شارك فيها خبراء وأساتذة جامعيون وممثلون عن مختلف القطاعات الوزارية ذات العلاقة ونقابيون ومهنيون حيث تناولت المواضيع التالية: الورشة الأولى "مدونة الشغل وعلاقة الشغل الفردية" الورشة الثانية في موضوع "حكامة سوق الشغل" الورشة الثالثة في موضوع "مدونة الشغل وظروف العمل: الصحة والسلامة المهنية ومدة العمل" الورشة الرابعة في موضوع "مجال المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وآليات المفاوضة الجماعية" وقد أسفرت هذه الورشات عن صياغة أوراق عمل تتضمن خلاصة لمجمل الآراء التي تناولتها الجلسات، وفي هذا الصدد نثير بعض القضايا التي نرى أنها ستحظى باهتمام المشاركين في هذه المناظرة. 1 لابد من التأكيد أن مدونة الشغل لم تأت من فراغ بل جاءت ارتكازا على تراكمات عديدة ومنها كل ما صدر من ظهائر ومراسم كانت بمثابة قانون الشغل المعمول به طيلة الفترة الممتدة ما بين 1913 عند صدور قانون الالتزامات والعقود إلى غاية تاريخ إصدار مدونة الشغل سنة 2003، كما كان الارتكاز على الاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية المصادق عليها من طرف المغرب، وينضاف إلى كل هذا ما تحقق من تراكمات من خلال الممارسة الفعلية في الميدان. كل هذه العناصر الثلاث تم أخذها بعين الاعتبار واعتمد منها ما كان ممكنا عن طريق التوافق بعد تسع سنوات 2003 – 1994 من النقاش بين الأطراف الثلاث داخل البرلمان وخارجه. 2- ومنذ صدور المدونة، استمر النقاش حولها بشكل مكثف من طرف كل الفاعلين والباحثين في هذا المجال، بحيث تعتبر المدونة من أبرز القوانين التي عرفت نقاشا واسعا.. ومن هذه النقاشات ما كان يطغى عليها الطابع النظري الصرف، ومنها ما كان موضوعيا. فقانون الشغل المغربي، سواء قبل المدونة أو بعدها، لم يكن سيئا بالشكل الذي يروج له البعض، فبعض الملاحظات من طرف بعض المشغلين كانت تحكمها انتقادات تستهدف قانون الشغل قبل صدور المدونة واستمرت حتى بعد صدورها بهدف التهرب من تطبيق القانون. 3- وبالعودة إلى المواثيق الدولية والتطورات التي عرفها مجال حقوق الإنسان ولتحقيق شروط العمل اللائق، فإن المنطق يحتم إدخال تعديلات على المدونة في اتجاه حماية المكتسبات والمزيد من الحقوق.. غير أن الموقف المعبر عنه سابقا من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب من خلال الكتاب الأبيض وما يعبر عنه في العديد من المناسبات، يجعلنا نركز على تفعيل بنود المدونة بدل الدخول في البحث عن التعديلات التي بالتأكيد يستحيل التوافق حولها، علما بأن قانون الشغل بشكل خاص، والقانون الاجتماعي بشكل عام، يعتمدان التوافق بالدرجة الأولى وهي منهجية منظمة العمل الدولية. 4- ومن القضايا الأساسية التي يتطلب تفعيلتها: - ضمان استقرار العمل عندما يكون العمل مستمرا بطبيعته مع اعتماد المرونة عندما يكون العمل مؤقتا أو موسميا؛ تفعيل آليات التشاور لكون هذه الآليات لا تشتغل بالشكل المطلوب، ويتعلق الأمر بالمجلس الأعلى والمجالس الجهوية والإقليمية لإنعاش التشغيل، مجلس المفاوضة الجماعية، مجلس الصحة والسلامة والوقاية من المخاطر المهنية واللجنة المكلفة بالتشغيل المؤقت؛ -إعادة النظر في الطريقة التي تشتغل بها لجان البحث والمصالحة بما فيها اللجان المحلية والإقليمية والوطنية؛ تعميم انتخابات مناديب العمال بجميع المقاولات؛ - تفعيل المادة 08 من دستور 2011 بشأن المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية؛ - تقوية دور وزارة التشغيل من خلال تقوية جهاز تفتيش الشغل وتمكينه من الإطار القانوني الملائم والإمكانيات البشرية والمادية، لما له من دور حيوي في مجال تطبيق قانون الشغل وحماية لحقوق العمال والمقاولات التي تطبق القانون وهيكلة القطاع الغير مهيكل. كل هذا لن يتأتى إلا بحماية حق الانتماء النقابي كحق دستوري والعمل على تقوية عامل الثقة بين طرفي الإنتاج حماية لحقوق العمال وخدمة لمصلحة المقاولات بصفة خاصة والاقتصاد الوطني بصفة عامة بهدف توفير مناخ اجتماعي سليم كفيل بحماية النظام العام الاجتماعي.