حددت الحكومة، سواء خلال مجلسها لأول أمس أو في المذكرة التوجيهية أو خلال الندوة الحكومية المطولة، الخطوط العريضة لمشروع قانون مالية 2015، والتي يمكن حصرها في أربع مستويات أساسية هي الاستثمار ودعم المقاولة، وتسريع الإصلاحات وتنزيل الدستور، ودعم التماسك الاجتماعي وإنعاش الشغل ومواصلة المجهود للتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية. وأوضحت الحكومة، خلال هذه المحطات الثلاث، أن العجز المتوقع لسنة 2015 لن يتعدى 4.3 كنسبة ستسمح للمغرب بالتقدم في مجال التحكم في المديونية، في اتجاه تقليص وتيرة تفاقمها. والملاحظ، منذ بدء عملية تحضير مشروع قانون المالية لسنة 2015، والتي انطلقت بتعميم المذكرة التوجيهية على مجموع القطاعات الحكومية، واشتغال اللجان القطاعية طيلة الأسبوعين الأولين من شهر شتنبر الجاري، أن سعر المحروقات في الأسواق الدولية بات مؤرقا لمحمد بوسعيد الذي يجد نفسه أمام معادلة صعبة. هل يتم الاتجاه نحو الإلغاء النهائي لدعم مادة الغازوال كمقدمة قوية لإصلاح صندوق المقاصة؟. لكن ما العمل في حالة تسجيل ارتفاعات مستقبلية لهذه المادة الحيوية التي ترتبط بها تكاليف إنتاج كل القطاعات الصناعية والفلاحية والخدماتية؟. في حالة كهاته، سيكون إلغاء الدعم كرة ثلج تنذر بانهيارات قوية خاصة على المستوى الاجتماعي. مصادر بيان اليوم من قلب ندوة الحكومة التي انعقدت الأحد الماضي بافران، تجزم بأن القرار النهائي اتخذ بشأن الإلغاء الكلي للغازوال الذي سيتم تفعيله بداية من يناير 2015، وذلك في حال تسجيل انخفاض للأسعار خلال الثلاثة أشهر القادمة. وهو إجراء ترمي الحكومة من ورائه بلوغ مراحل متقدمة على درب ورش إصلاح صندوق المقاصة يكون ذا طابع اجتماعي بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى طابعه الموازناتي. وهو الإصلاح الذي أصبح يفرض ذاته بقوة في ظل الاختلالات التي يعرفها هذا الصندوق، والتي أصبحت تهدد بقوة استقلالية القرار الاقتصادي في المغرب. وحسب المصادر التي نقلت لبيان اليوم بعضا من أطوار الندوة الحكومية، يجد التعجيل بإصلاح المقاصة أسبابه أولا، في الارتفاع المهول لنفقات الدعم التي باتت تشكل أكثر من 6.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مما أضحى يؤثر بشكل سلبي على توازن الميزانية العامة للدولة، حيث تجاوزت نفقات صندوق المقاصة نفقات الاستثمار التي يفترض فيها أن تخلق الثروة وتوفر المزيد من فرص الشغل. وثانيا، في الارتفاع الكبير والمستمر لأسعار المحروقات في السوق العالمية، إضافة إلى ارتفاع الاستهلاك الداخلي من هذه المواد، وبالتالي فقد أصبحت المحروقات تستولي على أكثر من 84 في المائة من مبالغ الدعم التي يقدمها صندوق المقاصة، في حين تراجعت نسبة دعم المواد الغذائية. وإلى جانب الاتفاق حول المنظومة التقنية لإصلاح صندوق المقاصة التي يبدو أنها باتت جاهزة الآن، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، يستشف من الاستعدادات الجارية لتقديم مشروع قانون المالية أن هناك اتفاقا أيضا على إدراج الاعتمادات المالية المخصصة للجهات، لأول مرة، في إطار القانون المالي لسنة 2015، رغم أنه لم يتم التوافق بعد في الصيغة التي سيتم اعتمادها، في ظل وجود جهات داخل الحكومة تطالب بتخصيص نسبة من ميزانية الاستثمار للجهات، وأخرى تدعو ل تخصيص نسبة من الضرائب للجهات. ويشدد الإعداد لقانون المالية على ضرورة إصلاح نظام التقاعد في سنة 2015، حيث رصدت اعتمادات مالية لهذا الغرض في إطار القانون المالي، وهي تخص، من جهة، رفع مساهمات الدولة في نظام التقاعد، طبقا للإصلاح المرتقب، ومن جهة ثانية، رصد اعتمادات أجور الموظفين الذين كانوا مرشحين للتقاعد. وخصصت الحكومة لهذا الإصلاح 5 ملايير درهم في القانون المالي 2015. ولا يخلو المشروع من جديد تطرقت له الندوة الحكومية المطولة والتي اتخذت من الخطابين الملكيين الساميين أرضية لها. جديد المشروع يهم معالجة إشكالية التوزيع الغير عادل للثروة، ووضع الآليات الكفيلة لتمكين المغرب من الالتحاق بركب الدول الصاعدة وما يقتضيه ذلك من تشجيع للحكامة الجيدة وتخليق للحياة العامة وتحسين لمناخ الأعمال ورفع للاستثمار وإصلاح لأنظمة التكوين، بالإضافة إلى تفعيل هو مخطط الصناعة، الذي سترصد له الحكومة مبلغ 3 ملايير درهم سنويا، بداية من 2015، في أفق أن يصل غلافه المالي إلى 20 مليار درهم سنة 2020.