بعد دعوة مؤتمر باريس حول العراق للقضاء على تنظيم (داعش) شن الطيران الأميركي ضربة جوية على موقع لتنظيم الدولة الإسلامية جنوب غرب بغداد، وذلك للمرة الأولى منذ بدء واشنطن غارات على مواقع للتنظيم. وقالت القيادة الأميركية الوسطى في بيان، إن الموقع المستهدف «كان يطلق النار على جنود عراقيين». وأضافت أن الغارة تأتي في إطار مساندة الجيش العراقي في هجومه على مسلحي التنظيم. وأفاد مصادر صحافية في واشنطن أن مسؤولين أميركيين صرحوا لوسائل الإعلام بأن الضربة الجوية الأميركية جاءت بطلب من القوات العراقية التي يبدو أنها كانت بحاجة إلى الدعم. وأول أمس الاثنين أيضا، شنت طائرات أميركية غارة قرب سنجار في شمال العراق دمرت خلالها ست مركبات لتنظيم الدولة، بحسب المصدر ذاته. ومنذ 8 غشت الماضي، شنت القوات الأميركية 162 غارة على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق وغربه بعد تدخلها عقب هجوم واسع شنه التنظيم سيطر بموجبه على مناطق واسعة من البلاد. وسبق أن شنت طائرات أميركية غارات على مقاتلي تنظيم الدولة قرب سد حديثة بمحافظة الأنبار غربي العراق يوم 9 سبتمبر الجاري. وفي السياق ذاته توعدت واشنطن بالرد على أي استهداف لقوات النظام السوري لطائراتها التي تشن غارات على مقاتلي تنظيم الدولة. وقال مسؤول أميركي كبير إن واشنطن على علم بمكان وجود المنشآت السورية المضادة للطائرات، وإن الطيران الأميركي سيرد على أي إطلاق نار عليه. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن الأربعاء الماضي أنه مستعد لشن ضربات جوية على تنظيم الدولة في سوريا، مع استبعاده أي تعاون مع نظام دمشق الذي وصفه بأنه «فقد أي شرعية». هذا، وكان المشاركون في المؤتمر الدولي حول السلام والأمن بالعراق، المنعقد أول أمس الاثنين بباريس، قد أكدوا على ضرورة وضع حد بشكل مستعجل، لتنظيم (داعش) في المناطق التي يتموقع بها في العراق. وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن هناك حاجة ماسة لتحالف دولي سريع وفعال في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، ومن جانبه وصف الرئيس العراقي فؤاد معصوم مواجهة تنظيم الدولة على أنه من أخطر تحديات العصر، وذلك خلال افتتاحهما مؤتمر باريس الدولي للسلم والأمن في العراق لبحث مواجهة تنظيم الدولة بمشاركة 20 دولة عربية وأجنبية وبتمثيل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة. واعتبرهولاند في كلمته الافتتاحية أن تهديد التنظيم لا يقف عند الحدود العراقية بل يطال المجتمع الدولي، وقال إن «تنظيم الدولة الإرهابي خطر يتهددنا جميعا والرد عليه يجب أن يكون عالميا».وعن مواجهة التنظيم ،قال هولاند إنها لا بد أن تأتي من العراق أولا عبر رص الصفوف وإعادة إرساء الثقة بين الحكومة والشعب، مشيدا في هذا الصدد بتشكيل حكومة عراقية جديدة تمثل مختلف مكونات الشعب. وطالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم للعراق بمختلف الأشكال لمواجهة خطر الإرهاب عبر الدعم الإنساني لأكثر من مليوني نازح جراء أعمال تنظيم الدولة، بتوفير المأوى والطعام والعلاج. وأضاف هولاند أنه لا بد من دعم دولي عسكري للعراق بالسلاح وعبر مساندة عسكرية لعمليات الجيش العراقي بشن غارات جوية تستهدف مراكز تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن بلاده أقرت شن غارات جوية على مواقع التنظيم بالتنسيق مع الحكومة العراقية.ولفت الرئيس الفرنسي إلى أن تنظيم الدولة نشأ في سوريا التي تعيش فوضى بسبب استهداف النظام السوري لشعبه خلفت نحو 200 ألف قتيل. ونبه هولاند إلى أن خطر تنظيم الدولة لا يقتصر على منطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما يهدد العالم، حيث إن التنظيم يجند أفرادا من مختلف الجنسيات، مشددا على ضرورة قطع كل الموارد عن هذا التنظيم وتنسيق الجهود العالمية بهذا الشأن. من جانبه، طالب الرئيس العراقي فؤاد معصوم في كلمته بمواصلة الضربات الجوية ضد أعضاء التنظيم وتجفيف منابع تمويلهم. واعتبر أن تنظيم الدولة يريد من خلال إنشاء دولته في العراق أن يكون منطلقا إلى مناطق أخرى في المنطقة ومن ثم إلى بقية دول العالم. ولفت إلى أن التنظيم يشمل متطوعين من مختلف دول العالم ومن بينها جنسيات أوروبية، وهو ما يدل على مدى انتشاره وتهديده للعديد من دول العالم. وناشد معصوم المؤتمرين الوقوف إلى جانب الشعب العراق المنكوب جراء أعمال تنظيم الدولة، وقال إن العراقيين يواجهون حاليا بإدارة واحدة عدوا لم يفرق بين مواطن عراقي وآخر.وطالب بالاستمرار في شن حملات جوية منتظمة ضد مواقع الإرهابيين، وعدم السماح لهم باللجوء إلى مناطق آمنة، وتجفيف كل منابع التمويل عنهم، وحث على المساهمة بجهود الإغاثة الإنسانية في العراق، ووضع خطط لإعادة النازحين إلى بيوتهم وإعادة إعمار ما دمر من مباني. وإثر كلمتي الرئيس الفرنسي ونظيره العراقي، دخل المؤتمرون في اجتماع مغلق لبحث مختلف الجوانب والخروج بقرارات من المقرر أن يعلن عنها في نهاية اللقاء اليوم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيويس. وقبل انطلاق أعمال المؤتمر قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه أعطى موافقة للفرنسيين للقيام بطلعات قتالية جوية في الأجواء العراقية لمحاربة تنظيم الدولة. والتزم المشاركون من دول عربية وغربية وممثلين عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربي، بدعم العراق في حربها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» ب»كل الوسائل الضرورية» وضمنها العسكرية، بحسب ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر. وأضاف البيان، أن المشاركين في المؤتمر يؤكدون أن (داعش) «تشكل تهديدا للعراق ولمجموع الأسرة الدولية»، مشددين على ضرورة دعم الحكومة العراقيةالجديدة «بكل الوسائل الضرورية وضمنها تقديم مساعدات عسكرية مناسبة، ضمن احترام القانون الدولي وأمن السكان المدنيين». وقال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في تصريح للصحافيين، أن «الاجتماع يبعث على الأمل رغم خطورة الوضع»، مشيدا بمشاركة 30 دولة متباينة جغرافيا وإيديولوجيا لكن كلها متفقة على محاربة داعش.