مازالت تداعيات تصريحات وزير الداخلية محمد حصاد التي اتهم فيها مكونات الحركة الحقوقية بتلقي أموال من الخارج وخدمة أجندة خارجية عن طريق إعداد ملفات وتقارير مغلوطة، تتفاعل على الساحة الحقوقية الوطنية، آخرها قرار اتخذته مكونات هذه الحركة يقضي بجعل مناسبة تخليد اليوم العالمي للديمقراطية الذي يصادف تاريخ 15 شتنبر من كل سنة، فرصة للخروج إلى الشارع وتنظيم وقفة رمزية احتجاجا على تصريحات المسؤول الحكومي . ويبدو من خلال هذه التفاعلات أن غضبة مكونات الحركة الحقوقية واحتجاجها تتواصل اتجاه ما تصفه بحملة المنع والتضييق التي تمارسها سلطات الإدارة الترابية على أنشطة الهيئات والجمعيات الحقوقية دون سند قانوني أو تعليل يذكر، والتي تواترت خلال الأيام الأخيرة بعد تصريحات المسؤول الأول على رأس الداخلية، إذ أصدرت عدة بيانات اعتبرت أن ما تم تسجيله خلال المدة الأخيرة من إجراءات تضييقية ضد عدد من الهيئات الحقوقية يعد تراجعا حقوقيا يطال بالأساس حرية الجمعيات والتجمعات. وفي آخر التطورات المرتبطة بهذا الملف الذي طفا على السطح في وقت يستعد المغرب لاحتضان المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دورته الثانية خلال شهر نونبر القادم بمراكش، كشف المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، من خلال لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب، عن تعرض مقر الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب الكائن بزنقة الجزائر بالدار البيضاء لاقتحام ليلة الجمعة صبيحة السبت الماضي وذلك للمرة الثانية خلال أسبوع، ليتم تفتيشه من قبل مجهولين وبعثرة ملفات الضحايا. وأعربت لجنة التنسيق عن قلقها البالغ اتجاه هذا الفعل واصفة إياه بالإجرامي الشنيع والذي يذكر بسنوات الرصاص،مطالبة بفتح تحقيق مستعجل وجدي في خلفيات هذا الاعتداء، ومؤكدة في ذات الوقت تضامنها مع الجمعية واستمرارها في النضال من أجل الكشف عن الحقيقة كاملة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و الكشف عن مصير كل المختطفين ورد الاعتبار وتأهيل ضحايا انتهاك ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وعائلاتهم وحفظ الذاكرة وعدم الإفلات من العقاب حتى لا يتكرر ما حدث في الماضي. وفي ذات السياق، أصدرت سكرتارية المرصد المغربي للحريات العامة بالرباط، وذلك عقب اجتماع لها خصصته لاستعراض الوضع الحقوقي بالمغرب وخاصة المتعلق بحرية الجمعيات والتجمعات وحرية الصحافة، حيث سجلت السكرتارية التراجعات التي طالت حرية الجمعيات والتجمعات، واستمرار متابعة الصحافيين والصحافيات والتضييق عليهم بل الاعتداء الجسدي عليهم أحيانا بسبب ممارستهم-هن لمهنتهم. هذا وحذر المرصد بدوره من المس بالمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحريات العامة بفضل نضال الشعب المغربي وقواه الديمقراطية والحقوقية، مطالبا السلطات وكل الأجهزة المعنية بإنفاذ القانون بالعمل على احترام الحريات العامة ومنها حرية التجمع والتظاهر والتنظيم وحرية التعبير والرأي إعمالا لما جاء به الدستور والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة، وأن يكون القضاء الحكم إذا اعتبرت هذه السلطات أن الهيئات الحقوقية تنتهك القوانين إذ أفاد بالقول"على هذه السلطات أن تلجأ إلى القضاء إذا اعتبرت أن هناك انتهاك للقوانين". ولم يفت المرصد أن يشدد على مطلب وضع حد للإفلات من العقاب و اتخاذ جميع الإجراءات من أجل حماية المواطنين ضد تجاوزات الإدارة والموظفين التابعين لها، معلنا التضامن المطلق مع كل الإطارات والمنظمات التي تم المس بحقها في التنظيم والتظاهر والتجمع ومنها منظمة العفو الدولية، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية الحقوق الرقمية.