في السنوات الأخيرة، وضعت قضية السكن ومشاكله ضمن أولويات العمل الحكومي. وتخبرنا معطيات الوزارة المكلفة بالسكن والتعمير بأنه، ومنذ سنة 2003، تم تدشين 96 مشروعا لإنجاز 265000 وحدة سكنية. وفي مجال السكن الاجتماعي، وضمن برنامج مدن بدون صفيح، حدد هدف إنجاز 100 ألف وحدة سكنية سنويا، وتمت تعبئة أرصدة عقارية وصلت إلى 4000 هكتار من الأملاك المخزنية ومئات الهكتارات الأخرى من أراضي الجموع. إلى جانب الأرقام المتغيرة والمتجددة، ظهرت شعارات: «السكن الاجتماعي»، «السكن الملائم للمواطنين»، «مدن بلا صفيح»، و»مواجهة السكن العشوائي»... كل هذه الشعارات تزامنت في سياقها مع مبادرات أخرى وتصورات جديدة، خاصة في مجالات إعداد التراب والتعمير والبيئة. وهذا كله يرسخ الانطباع بأننا ما زلنا في مواجهة رهان آني مع ما تستوجبه الضرورة الملحة من معالجة شاملة ودائمة لمشاكل السكن والأحياء السكنية بالمدن. بل الأمر أكثر من كذلك إذا نظرنا إليه من زاوية توفير الجودة ومعايير السكن اللائق وإنشاء المرافق الأساسية؟. من هذه الزاوية يرى البعض أن العبرة ليست دائما وفقط في الكم الذي ينجز تحت الضغط، وهناك تخوف من أن تتحول بعض مجمعات السكن الاقتصادي، مع مستقبل الأيام أو الأعوام، إلى مجرد «غيتوات» وأحياء عشوائية جديدة، وذلك بالنظر إلى ما تتصف به جل هذه المجمعات من كثافة سكنية وتكدس الأفراد في «رقعة» ضيقة من الأمتار المربعة، علاوة على انعدام أو قلة المرافق والشروط البيئية والصحية اللازمة للفضاءات السكنية. هذا يذكرنا أيضا بتلك الفرضية القائلة بأن مشكلة المشاكل التي تواجهها جل مدننا الكبرى هي أن تطورها وتضخمها الديمغرافي والعمراني لم يحكمه التوجيه المخطط للمدى البعيد والنظرة المفتوحة على المستقبل! وهو ما لا ينبغي أن يستمر في قطاع السكن كما في غيره من القطاعات.