اليوم تكون قد مرت 13 سنة على أحداث 11 شتنبر الإرهابية، التي شهدت تفجير برجي نيويورك الشهيرين، وكان ذلك قد مثل نقطة تحول كبيرة في سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، الداخلية منها أو الخارجية، كما أدى إلى تغير استراتيجي في العلاقات الدولية، وأثر في كثير أوضاع إقليمية وعالمية. بالطبع، تفجيرات 11 شتنبر سبقتها اعتداءات إرهابية، وتلتها أخرى أيضا، كما أن واشنطن والمجتمع الدولي قادا سياسات للمواجهة أو في إطار الخطط الاستباقية والحرب على الإرهاب، لكن مع ذلك الخطر متواصل إلى اليوم، وما يجري في سوريا أو العراق أو منطقة الساحل جنوب الصحراء أو غيرها، يبين أن"القاعدة"صارت اليوم"داعش"وتنظيمات أخرى، وبالتالي بات من الضروري صياغة أجوبة مغايرة لمواجهة خطر الإرهاب والتطرف. إن ما حصل لأفغانستان من تفتت، وما يحدث إلى اليوم في العراق بعد احتلاله وتمزيقه، وما جرى لليمن، وأيضا الفوضى المنتشرة في ليبيا، وما وقع للسودان والصومال، وبالخصوص الاحتلال الصهيوني الهمجي المستمر في فلسطين، كل هذا لم ينتج عنه سوى المزيد من العنف والقتل، فضلا عن تنامي التطرف الديني وانتشار العداء للآخر، ولم تنجح أي دولة، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية، في القضاء على كل هذا، كما لو أن النيران المشتعلة انطلاقا من هذه النقط الساخنة صارت القوة الأولى في الكون اليوم، وتقهر كل جيوش العالم ومخابراتها. اليوم، عدد من المراقبين الدوليين يشيرون إلى المقاربة المعتمدة خلال السنوات الأخيرة، ويدعون واشنطن بالخصوص إلى تغييرها، وكثير من هؤلاء مقتنعون أيضا أن المبادرة الجديدة التي دعا إليها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من خلال مقال بصحيفة"نيويورك تايمز"أواخر الشهر الماضي، ويؤسس لها اليوم الخميس من خلال مؤتمر دولي يقام بالمملكة العربية السعودية ستنتهي إلى الفشل ما لم يتم بالذات تغيير المقاربة. النجاح في الحرب على الإرهاب والتطرف يبدأ من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ونيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة، وهذا هو مدخل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط كله، أي في المنطقة الأكثر سخونة واشتعالا في العالم اليوم. النجاح في الحرب على الإرهاب أيضا يتحقق بتحقق الأمن والاستقرار والحرية والوحدة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان والشعوب العربية والإفريقية والمسلمة، أي القضاء على العوامل المغذية لأفكار التعصب الديني والانغلاق والتطرف. النجاح في الحرب على الإرهاب يتحقق عندما تنتظم العلاقات الدولية ضمن منطق التوازن واحترام المصالح المشتركة لكافة الدول والشعوب، وتصير العولمة ذات بعد إنساني وتضامني، وتخدم مصالح البشرية وتستجيب لحاجيات كل الشعوب. النجاح في الحرب على الإرهاب أو القضاء على عوامل تشكل أفكاره يكون بمحاربة الفساد والاستبداد داخل البلدان وحماية كرامة الناس وحقوقهم وحرياتهم وتطوير التعليم والثقافة وانجاز الإصلاحات الداخلية الحقيقية في وقتها... إنها عبر الذكرى ودروسها.