تضمن البرنامج الرمضاني لحزب التقدم والاشتراكية (أنظر الصفحة الثالثة) إقامة عدد من التظاهرات والندوات السياسية في جهات مختلفة من المملكة، وهو أمر ليس حكرا على كل حال على هذا الحزب أو ذاك، إنما تشترك في هذا التقليد العديد من الأحزاب والجمعيات وغيرها، خصوصا خلال شهر رمضان. اللافت هذه المرة أن التقدم والاشتراكية ركز أغلب أنشطته على موضوع «الجيل الجديد من الإصلاحات»، وستقام بشأنه نقاشات في مكناس وآزرو وسيدي بنور ومريرت وأسفي وأكادير ووجدة وصفرو وتاونات، وفي مناطق أخرى، وهي لقاءات حزبية وإشعاعية تمثل فرصا لقياديي الحزب للتواصل مع التنظيمات المحلية، وأيضا مع عموم المواطنين، وبالتالي مباشرة عمل سياسي في الميدان، وبلورة حوارات جدية مع نخب محلية ومع... الناس. جعل موضوع «الجيل الجديد من الإصلاحات»، الذي كان شعار المؤتمر الوطني الأخير للحزب، موضوع كل هذه النقاشات المحلية والإقليمية، هو بغاية إثمار النقاش بشأنه، وأيضا من أجل تعزيز التكوين الحزبي والسياسي وسط المناضلين، وتمتين الانسجام الفكري بين كل مكونات الهيكل الحزبي، خاصة أن مثل هذا الانسجام، هو من مستلزمات فعالية الحزب الحقيقي، ومن مقاييس جديته في العمل. التقدم والاشتراكية مع ذلك، يؤمن أن هذه الدينامية يجب أن تتكرس طيلة العام، وليس بشكل موسمي فقط، ومن ثم جعل العمل القاعدي يقوم على برامج ومخططات ورؤى في التكوين الحزبي والسياسي، وفي العمل الميداني وسط الناس. لا شك أن الأحزاب الجدية تعترضها صعوبات لتفعيل مثل هذه التصورات، وهي الصعوبات التي يفرضها ضعف الموارد المالية واللوجيستيكية المتوفرة لديها، كما أن السياق السوسيو اقتصادي في البلاد يرخي أحيانا بإكراهاته، حيث أن تفشي البطالة وسط الشباب، خصوصا من حملة الشهادات الجامعية، ومعاناة عدد كبير من أفراد شعبنا جراء الفقر والتهميش، يجعل هذه الفئات الاجتماعية، خصوصا الشباب، تعرض عن العمل السياسي، وتجعل كل نجاعة سياسية أو حزبية مقترنة حصرا بحل مشكلاتها الخاصة، لكن مع ذلك فالأحزاب الحقيقية لا مفر لها من التواجد الميداني واليومي والسياسي وسط ... الناس، والإنصات لمشاكلهم، والتفاعل مع نبضهم، والدفاع عن مطالبهم، وتعبئتهم وقيادتهم للتغيير. إن الحزب الذي يعتمد على الناس يصعب على أي كان القضاء عليه أو تهميشه، أو شل فعاليته. الأحزاب الديمقراطية والتقدمية مطالبة بالاستمرار وسط الناس وداخل الحراك الاجتماعي والنقابي والثقافي في المجتمع، سواء كانت في المعارضة أو ساهمت في تدبير الشأن الحكومي، لأن ذلك هو الضمانة لعدم ترك الساحة فارغة للتيئيس والعدمية والظلامية، كما أن هذا يمثل الدرس الذي تلقته القوى نفسها في العشر سنوات الأخير.