تجلت صورة المرأة في رواية أسلاك شائكة في صورتين اثنتين: الصورة الأولى ظهرت لنا من خلال شخصية بطلة الرواية وهي «الزاهية» المرأة الجزائرية التي تزوجت ب «احميدة» بطل الرواية والذي يحمل الجنسية المغربية بعد علاقة حب وثيقة. يبدأ الكاتب الروائية بأسلوبه الشيق الذي يشد القارئ إليه من خلال وصف أحميدة لمفاتن زوجته الزاهية وهي نائمة، إذ يصورالروائي لنا المرأة التي لعبت دورا هام في الرواية. الزاهية داهمها مخاض الولادة في نفس اليوم الذي أعلن عن نشوب حرب بين الجارتين المغرب والجزائر ومن صدف التي أوجدها الروائي هي حالة الزاهية التي لم تتمكن المولدة الشعبية في القرية من توليدها لسوء حالتها فيضطر احميدة نقل زوجته إلى مستشفى المدينة التي تبعد عن البادية التي يقطنونها، لتضع مولودها ومن مخيلة الروائي أيضاً ، أن يصادف ذلك اليوم الذي طالما حلم به أحمدة بحمل مولوده الذي انتظاره أن تقوم الجزائر بشن حملة ترحيل المغاربة من الجزائر ويكون احميدة أحد أولئك المرحلين إلى الحدود المغربية ليستقر به المقام في مدينة وجدة الحدودية، فيكابد ألما وشطف الحياة في مكان لا يعرف فيه أحدا. بالمقابل كانت الزوجة تعاني من بعد زوجها المرحل، والذي رحل عن الجزائر قبل أن يعرف جنس مولوده، تمر الأعوام والزاهية تعيش على أمل لقاء زوجها واحتضانه وجمع شمل عائلتها ، فتصور لابنتها المهدية صورة أبيه بأجمل الصور وتعدها بأنه قادم في أي لحظة تغرس حبه في قلب طفلته ، وهي تكابد بعد الحبيب وحرمانها منه ومن طلته عليها كل صباح، ذلك الشوق الذي يدفعها إلى المغامرة بذهابها إلى منطقة الحدود وتتحمل قسوة العساكر الذي يشهرون سلاحهم في وجهها، فتعود خائبة الرجاء إلى منزلها، ذلك الشوق والبعد يأكل من عمرها وحياتها لتسقط فريسة له، توصي طفلتها بوالدتها فتشعر الطفلة بالخوف والوجل من كلام أمها لها، تستيقظ المهدية ذات صباح فتجد والدتها فارقت الحياة لم تتحمل تلك الزاهية بعد الزوج والحبيب عنها لقد افترس البعد مشاعرها تلك المشاعر التي تعانيها المرأة في بعد الحبيب عنها، لترضخ للموت وتسلمه حياتها طواعية فترحل إلى جنان السماء لقد اختار الكاتب تلك النهاية لبطلة الرواية بموتها. الصورة الثانية وتظهر من خلال المرأة الثانية التي تواجهنا في الرواية وهي «راضية» تلك المرأة المغربية التي تعاني نفس ما يعانيه احميدة، لقد شدته إليها من خلال الشبه الذي بينها وبين زوجته الزاهية، يتجنب التحدث معها، إلى أن تجمعهم صدفة الكاتب ويسافران رفقة بعض على متن الشاحنة التي يقودها احميدة إلى مدينة السعيدية، يبدأ الحديث معها بشكل تلقائي فتسر له بحكايتها التي لا تختلف عن حكايته، يشتد احترامه لها فهي مثله محرومة من عائلتها الجزائرية. هنا أيضاً ربط الروائي الظروف التي تعانيها طفلة احميدة من شعور الغربة والبعد عن والدها بمصير طفلة فلسطينية تحن إلى صديقتها التي في الضفة الأخرى من الأسلاك الشائكة. احمدة كأي رجل مبعد ومحروم من زوجتها يتوق إلى الحياة الزوجية، فتقوده غريزته الذكورية إلى الارتماء في أحضان البغي في المواخير، فتتجلى براعة الكاتب حيث يصور لنا تلك البغي التي كاد يمضي ليلته عندها ما هي إلا راضية المرأة التي جمعته بها نفس الظروف لينهي الكاتب الرواية بقوله: «ترى هل تكون الزاهية تعرضت لنفس المصير؟»، تلك كانت لمحة بسيطة عن صورة المرأة في رواية أسلاك شائكة.