تتسارع الأحداث في ليبيا بوتيرة كبيرة، على الصعيدين السياسي والعسكري، وذلك في تطور لافت مُرشح للتفاقم خلال الأيام القليلة القادمة، وسط تزايد الأصوات التي تُشير إلى قرب معركة "الحسم" لإنهاء سطوة جماعة الإخوان والميليشيات الدائرة في فلكها التي حولت البلاد إلى مرتع للإرهابيين. واتخذت هذه الأحداث منحى تصاعديا في أعقاب نجاح البرلمان الليبي الجديد في عقد جلسته الأولى في مدينة طبرق شرق البلاد، وانتخاب المستشار عقيلة صالح عيسى رئيسا له خلفا لنوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، الذي فشلت جميع محاولاته في التشكيك في دستورية البرلمان الجديد. وفاز المستشار عقيلة صالح عيسى برئاسة البرلمان الليبيي الجديد بأغلبية 77 صوتا، مقابل 74 لمنافسه أبو بكر مصطفي بعيرة، وذلك من أصل 158 عضوا أدلوا بأصواتهم خلال عملية انتخابية تمت في ساعة متأخرة من مساء أول أمس في طبرق. ورأى مراقبون أن هذه التطورات السياسية التي استندت إلى شرعية الانتخابات التي شهدتها ليبيا في 25 يوليو الماضي، أطاحت بوهم جماعة الإخوان والميليشيات المُسلحة الموالية لها، التي سعت في وقت سابق إلى تحريك "بيادقها" لإفشال عملية انتقال السلطة إلى البرلمان الجديد. كما أربكت هذه المستجدات السياسية حسابات قطر في ليبيا، ومراهنتها على جماعة الإخوان والتنظيمات المتطرفة، ما دفعها إلى تفجير الوضع العسكري في البلاد من خلال تكثيف الهجمات الإرهابية على مطار طرابلس الدولي، وعلى مدينة بنغازي. وكانت جماعة الإخوان قد سعت إلى منع عقد الجلسة الأولى للبرلمان الليبي الجديد، بما فيها استخدام المال القطري الفاسد لشراء الذمم، ولكنها فشلت، حيث عقد البرلمان الليبي الجديد الاثنين جلسته الأولى في مدينة طبرق برئاسة أبو بكر بعيرة، وبحضور غالبية النواب المنتخبين، وعدد كبير من الضيوف من المنظمات الإقليمية والدولية. وبحسب العقيد محمد حجازي الناطق الرسمي باسم عملية "كرامة ليبيا" التي يقودها اللواء خليفة حفتر، فإن نجاح البرلمان الليبي الجديد في انتخاب رئيس له، "يعني أن ليبيا بدأت تسلك الطريق الصحيح". ولكنه أشار إلى أن الأوضاع الميدانية مازالت خطيرة، حيث "دخلنا المخاض الأخير لبناء الدولة، وهي مرحلة تُزعج التنظيمات التكفيرية والظلامية التي تريد خراب البلاد". ولفت إلى أن تلك التنظيمات "خسرت سياسيا وشعبيا، وقريبا ستخسر عسكريا، وبالتالي فهي تُمارس رقصة الديك المذبوح بعد الضربات القاصمة التي أقضّت مضاجعها، وأنهكت أفرادها من الإرهابيين الذين توافدوا من مختلف أنحاء العالم". وتلقت التنظيمات المُسلحة الموالية لتنظيم القاعدة في شرق ليبيا، ضربات موجعة خلال الأيام الثلاثة الماضية، فيما بدت بقية التنظيمات المُسلحة الموالية لجماعة الإخوان، والمجموعات الظلامية والتكفيرية الدائرة في فلكها الممثلة في قوات "درع ليبيا" و"غرفة ثوار ليبيا" وتنظيم "أنصار الشريعة" و"كتائب مسلحي مصراتة"، المنتشرة في العاصمة طرابلس، في وضع حرج بعد دخول تشكيلات ورشفانة، وسرايا الزنتان إلى المعركة للقضاء عليها. وقال القائد الميداني سيف بشير رئيس مكتب الثوار والمجندين للتشكيلات التي تُدافع حاليا على مطار طرابلس الدولي، إن ما يجري حاليا على الميدان هو عملية "كسر عظم" بين ثوار ليبيا، وزمرة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والذي يخضع لجماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية. وأكد في اتصال هاتفي مع "العرب"، أن "أبناء ليبيا من الثوار والمدنيين مُصممون على تطهير ليبيا من هذه العصابات التي حولت ليبيا إلى معسكر للإرهابيين، والتي باتت توفر مبررات احتلال ليبيا والتدخل في شؤونها الداخلية". ولم يتردد في اتهام قطر، وكذلك أيضا تركيا بدعم الإرهابيين، حيث قال "هناك معلومات مؤكدة مفادها هبوط العديد من الطائرات القطرية في مطار معيتيقة دون تفتيش، ودون علم السلطات الرسمية". وتُسيطر على مطار معيتيقة الذي يقع على بعد نحو 11 كيلومترا من الجهة الشرقية لطرابلس، جماعات مُتطرفة مُرتبطة بقطر، وقد شهد خلال الفترة الماضية هبوط العديد من الطائرات المُحملة بعناصر إرهابية من جنسيات متعددة حاربت في سوريا. وتقول مصادر إن المطار مازال يستقبل الطائرات، وذلك في إطار خطة لدعم الميليشيات المُسلحة بالمعدات الحربية، والعناصر القادرة على القتال في مسعى لتغيير موازين القوى على ضوء حسم القبائل موقفها بالوقوف إلى جانب الشرعية الانتخابية.