النداء الذي وجهه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم الجمعة، داعيا قادة وعلماء الأمة الإسلامية من خلاله، إلى الوقوف في وجه «من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب»، ينبه إلى قضية لها اليوم كثير راهنية وخطورة، وهي احتكار الإسلام من لدن الجماعات المتطرفة والإرهابية، ومن ثم الحاجة إلى مواجهة ثقافية وفكرية قوية من أجل الانتصار لقيم ودين العقل والعقلانية والتنوير والانفتاح والتسامح، أي لإسلام المودة والرحمة و... الحياة بدل القتل وسفك الدماء. من العراق وبشاعة ما ترتكبه يوميا «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية إلى سوريا، وأيضا ليبيا وتونس، وإلى حد ما مصر واليمن وبلدان عربية وإفريقية أخرى، يبرز التفسير المتطرف والجاهل للتعاليم الدينية كخلفية في تبرير أعمال القتل والتخريب والإبادة، حتى صار العالم يفهم الإسلام فقط من خلال ممارسات هذه الجماعات المعتوهة، والتي قال الملك السعودي بأنها «وجدت لها أرضية خصبة في عالمينا العربي والإسلامي»، و»توهمت بأنه اشتد عودها، وقويت شوكتها، فأخذت تعبث في الأرض إرهابا وفسادا، وأوغلت في الباطل»، معتبرا أن الإرهابيين «شوهوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته، وألصقوا به كل أنواع الصفات السيئة بأفعالهم، وطغيانهم، وإجرامهم». إن التحذير الصادر اليوم عن خادم الحرمين الشريفين ينبه إلى مستوى الخطورة الذي بلغه إجرام الجماعات الإرهابية في كثير من البلدان العربية، حتى أن ذلك صار هو الصفة الملتصقة بمجمل المشهد السياسي والأمني والمجتمعي العربي، وهو أيضا يدق جرس الإنذار تجاه كل من يخطط لكي «تطبع» المجتمعات العربية مع واقع الفوضى واللادولة السائد اليوم في أكثر من بلد بعد الحراكات الشعبية أو ما سمي ربيعا حينها. ما يجري اليوم في أكثر من بلد عربي، وتنامي جرائم الجماعات الإرهابية المتطرفة يهدد مسلسلات بناء وترسيخ الدولة الحديثة والنهوض بواقع الشعوب العربية وتمكينها من حقوقها كما هو متعارف عليه كونيا، ولهذا يجب أن تكون المواجهة اليوم شمولية، وضمن مقاربة التقائية، تهتم بما هو أمني واستخباراتي وقانوني، وأيضا بما هو اقتصادي واجتماعي وتنموي، لكن كذلك بما هو ثقافي وفكري وإعلامي وديني، وهنا بالضبط مربط فرس الدعوة التي وجهها الملك عبد الله بن عبد العزير لعلماء الأمة الإسلامية وقادتها، وأيضا عمق التحذير الذي ورد في كلمته حين أكد على «أن المتخاذلين عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة سيكونون أول ضحاياه في الغد، وكأنهم لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، والتي لم يسلم منها أحد»... «اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد». المعركة الفكرية والدينية المطروحة اليوم على المسلمين هي إذن أن يعلو صوت الاعتدال والوسطية والعقل، وألا يبقى خافتا ومحتشما وخانعا أمام صوت التطرف والجهل والجنون والقتل الذي صار اليوم ملتصقا بالإسلام ويحتكر تفسيره، وآخر تجليات بشاعته تظهر فيما ترتكبه يوميا عصابات «داعش» في العراق مثلا. المتطرفون والإرهابيون اختطفوا الإسلام اليوم وصاروا يحتكرون شرحه وتفسيره للناس، وأيضا بعث الرسائل والصور بشأنه إلى العالم برمته، ومن هنا تبدأ المعركة الفكرية، أي السعي لتحرير الإسلام من قبضة المتطرفين، وانخراط رجال الدين والمؤسسات في هذه المواجهة عبر الكتابة والفكر وفي الإعلام وعلى مستوى الرمزيات والصور الكثيرة التي فرضها المتطرفون وسط المجتمعات العربية وحتى خارجها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته