عندما طلب مني الملك الغناء باللغة الإسبانية الحلقة 19 جريدة بيان اليوم تفتح أوراقا من ذاكرة فنان كبير، يعتبر من الرواد الأوائل والمؤسسين للمشهد الغنائي في المغرب، أمثال عبد القادر الراشدي، أحمد البيضاوي، المعطي بنقاسم، وغيرهم ... في هذا اللقاء مع الفنان عبد الواحد التطواني، الذي غاب عن الساحة الفنية وأضواءها لسنوات قبل أن يعود مرة أخرى بداية الألفية الثانية، حبا في الفن وفي الأغنية المغربية، اختارت جريدة بيان اليوم تتتبع مساره الفني الذي يؤرخ لزمن الأغنية الجميل لزمن مغربي آخر ولمسار فني امتد لما يزيد عن نصف قرن من الزمن في نفس السنة من سنة 1969 سافرت مع الجوق الملكي إلى مدينة مراكش نظرا لتواجد الملك الراحل بنفس المدينة، وصادف أن كانت سيدة الطرب العربي أم كلثوم هناك، بدعوة كريمة من الملك الراحل الحسن الثاني، وفي أحد الامسيات بالقصر الملكي بمراكش وكانت سيدة الطرب العربي الأكثر حضورا في هذه الأمسية، وبينما كورال الجوق الملكي يردد أغنية « يارسول الله خد بيدي « قامت السيدة أم كلثوم من مكانها واتجهت نحو الميكروفون وبدأت في حالة شجى وطرب من سماعها في مدح الرسول، وهو من الألحان الخالدة للراحل صالح الشرقي وأخذت تردد مع المجموعة الصوتية « يارسول الله خد بيدي»، ثم بدأت في ارتجال اشعار في مدح الرسول الكريم وفي نفس النغم وحين تنتهي تعود المجموعة الصوتية لترديد يارسول الله خذ بيدي وقد رددت وراء هذا الصوت الشامخ وكم كنت سعيدا وأنا استمتع بسماع سيدة الطرب العربي مباشرة والترديد ورائها. ولا أنسى حين سألني جلالة الملك الراحل الحسن الثاني : هل تعرف الإسبانية، اجبت : نعام اسيدي، فأمر جلالته الفنان « محمد الشركي « الذي كنا نطلق عليه لقب « ماتشين « وهو اسم احد الفنانين الإسبان الكبار، بتلقيني أغنية للفنانة الإسبانية « ماريا دولوريس» و أغنية ثانية لم أعد أذكرها، وكان أمر جلالته صباحا لأقوم بأداء الأغنية مساء نفس اليوم، لم يفارقني « ماتشين « منذ خروجنا على الساعة الواحدة وقام بتلقيني الأغنيتين بمنزلي، حتى الساعة الخامسة تم توجهنا بعدها لمقر العمل وقمت بالتداريب اللازمة مع الجوق الملكي، ثم توجهنا للقصر الملكي بالصخيرات، توجهت لمكان جلوسي، وحين قدم جلالته وبعد السلام عليه، خاطبني جلالته : هل حفظت الأغاني أجبت نعام اسيدي، قال جلالته : سمعنا، فغنيت أمام جلالته ما أمرني به، إلا أنني لم أتوفق بما فيه الكفاية، نظرا لأنني لست متعودا على الغناء بالإسبانية وثانيا لم يكن الوقت كافيا للقيام بذلك، لم أحس بجلالته أنه تبرم من عدم توفقي بالغناء باللغة الإسبانية، بل فقط امر الدكتور بنيعيش أن يغني معي ما تبقى من الأغنية وكانت هذه أول وآخر مرة غنيت فيها باللغة الإسبانية. في الحلقة القادمة: الليلة التي سبقت محاولة الانقلاب بالصخيرات