قد تكون الفيضانات التي اجتاحت باكستان إشارة إلى المستقبل إذ تتسبب التغيرات المناخية في انحرافات أكثر حدة في طقس المنطقة. وفي حين يقول خبراء الطقس إن الفيضانات المنفردة لا يمكن أن تنسب بشكل مباشر لارتفاع درجة حرارة الأرض فإنهم يرون احتمالا لحدوث حالات جفاف وفيضانات أشد في المستقبل. وبالنسبة لسكان باكستان البالغ عددهم 160 مليون نسمة والذين يواجه الكثير منهم بالفعل فيضانات وجفافا فإن ذلك يعني فقد المزيد من الأرواح كما يهدد محاصيل القطن والقمح والأرز والبنية الأساسية. ويمكن أن يضاف ذلك أيضا إلى التحديات الأمنية في واحدة من أفقر وأكثر الدول اضطرابا في العالم. وتواجه الحكومة انتقادات شديدة لضعف استجابتها للأزمة. ويقول علماء إن باكستان قد تعاني كذلك على المدى الطويل من تراجع كميات المياه الذائبة من الثلوج التي تغذي نهر اندوس شريان الحياة في البلاد. وفي الفيضانات الراهنة أدت أمطار بلغ منسوبها نحو 400 ملليمتر على المناطق الجبلية في أقصى شمال باكستان والأماكن القريبة من أفغانستان في يومي 28 و29 يوليوز إلى فيضان نهري اندوس وكابول. وقال قمر الزمان تشودري مدير عام إدارة الأرصاد في باكستان «هذا مستوى قياسي.» وقال لرويترز مشيرا إلى مخاطر تحرك حزام الأمطار وتغير كثافتها «التفسير الوحيد قد يكون صلة ذلك بتغير المناخ لأن هذه المنطقة نادرا ما تشهد أمطارا موسمية.» وأضاف أن الفيضانات الراهنة يمكن إرجاعها كذلك لدرجة من التصحر وإقامة أعداد اكبر من الناس في مناطق معرضة للفيضانات مع استمرار النمو السكاني. وفقدت باكستان مساحات شاسعة من الغابات في العقود القليلة الماضية في حين أدى الإفراط في الرعي إلى تجريد الأراضي من أي نباتات متبقية عليها. وحددت الحكومة هدفا لزيادة مساحات الغابات من 5.2 بالمائة إلى ستة بالمائة بحلول عام 2014. ويقول خبراء الطقس إن من الأيسر بكثير الربط بين تغير المناخ وموجات الحر الشديدة مثل تلك التي ضربت روسيا وأشعلت حرائق ودمرت محاصيل القمح. وقال نيفيل نيكولز خبير الطقس الاسترالي البارز «الفيضانات أصعب كثيرا في تحديد سببها.» وأضاف نيكولز من جامعة موناش في ملبورن «نتوقع تغيرات في الأمطار لكن ربط ذلك علميا بشكل فعلي بارتفاع درجة حرارة الأرض لم يتم بعد.» وأشار كذلك إلى تحول المناخ العالمي من ظاهرة النينيو إلى ظاهرة النينيا وهو تحول طبيعي في درجات حرارة سطح مياه المحيط الهادي قد يثير موجات جفاف في استراليا وجنوب شرق أسيا ثم فيضانات كما قد يؤثر على الأمطار الموسمية في جنوب أسيا. ويقول العلماء إن الدول تحتاج للبدء في التكيف مع تأثير التغيرات المناخية مثل زيادة موجات الجفاف والفيضانات لكن الدول الأكثر فقرا ستواجه التحديات الأكبر. وقال اندرو أش الذي يقود برنامجا للتكيف مع تغيرات المناخ في هيئة أبحاث تمولها الحكومة الاسترالية إن باكستان تحتاج مثل غيرها من الدول المعرضة للفيضانات لأجهزة إنذار مبكر ونظم أفضل تخزين مياه الشرب ولنقل السكان من المناطق الأكثر تعرضا للخطر.