في العدد الموجود بين أيديكم من صحيفتنا «بيان اليوم»، قراءنا الأعزاء وقارئاتنا العزيزات، نقدم على خطوة أخرى في مسلسل التجديد الدائم لمنتوجنا المهني، وذلك في المضامين والتبويب والماكيط وباقي الجوانب التحريرية والتقنية والفنية. من البداية، إذ نأمل نيل إعجابكم )ن(، نخبركم أيضا أن هذه بداية فقط، وسنستمر في الإنصات الدائم لملاحظاتكم وانتقاداتكم، وسنحرص على تقديم الاجتهاد تلو الاجتهاد لنكون دائما عند حسن ظنكم أنتم أولا وأخيرا. إن مجرد استمرار صحيفة مثل «بيان اليوم»، وأيضا شقيقتها باللغة الفرنسية «البيان»، وصدورهما المنتظم إلى اليوم، يعتبر انتصارا على كل صعوبات وإحباطات سوق الصحافة ببلادنا، ولهذا عندما نحرص على تطويرها وتقوية جودتها المهنية، فلأننا نصر على وجودها النضالي الوطني، وعلى أهمية الصحف الرصينة والجدية وذات التاريخ والمصداقية. الجميع يعرف اليوم ما يخترق قطاع الصحف من ريع والتباسات وضغوط، والكل يفهم أن إصدار صحيفة مثل «بيان اليوم» هو فعل مغامر من الناحية المالية نقترفه كل صباح، لكنها المغامرة الوحيدة التي نرتكبها فرحين ومعتزين ب «جرمها». في فرنسا مثلا التي يتسابق مسؤولونا لنسخ حتى أخطائها، سبق لحكومتها أن أقدمت على دعم صحيفة يسارية عريقة كي تبقى حية صيانة للتعددية في البلاد، أما في بلادنا فالصحف الوطنية الديمقراطية وهي على كل حال معروفة عددا وهوية وتاريخا، فهي تواجه كل مغامراتها يوميا فقط بمبادئها وأحلامها الوطنية والنضالية التي وحدها ترعى التجربة وتمكننا نحن من نفس متجدد لمواصلة الطريق. لا نطالب بامتيازات أو بعطاءات تحت الطاولات أو في منغلقات الالتباس، وإنما نأمل أن يترسخ في البلاد وعي بأهمية صحف لها المصداقية السياسية والرصانة الأخلاقية والغيرة على البلاد وقضاياها. نعرف أن أشياء كثيرة تغيرت وسط الناس، وحتى في علاقة المناضل والرفيق بصحيفة حزبه، وحتى هو بات من ضمن القراء، ونحن نرضى بكل هذا ونقبل مطالب الجودة، لكننا أيضا نسجل أن مناطق الغموض العابرة لهذه المهنة تجعل المنافسة غير متاحة، وتجعل المجال الوحيد المفتوح للتنافس بين الصحف اليوم هو في صفاقة الكلام، وفي تبادل الشتائم، وفي نقل الأخبار غير المؤكدة...، وهنا يشرف الصحف الديمقراطية والتقدمية ذات الأصل أن تدير ظهرها لهذا التنافس، وألا تنخرط فيه. نتمنى أن يترسخ في بلادنا، ووسط طبقتها السياسية، وعي بضرورة تطوير قطاع متين اقتصاديا وماليا، وتعددي في الرؤى والتوجهات، وتقوم ممارسته المهنية على كثير من الجدية واحترام أخلاقيات المهنة، وذلك حتى يكون بإمكانه فعلا الإسهام في تنمية الدينامية الديمقراطية في البلاد، والدفاع عن قضايا ومصالح وصورة مغرب اليوم. من جهتنا نضع مصلحة بلادنا وقضايا شعبنا على رأس أولوياتنا التحريرية والسياسية، كما نصر على الاصطفاف في عمق الدفاع عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان والديمقراطية والحداثة والتقدم، ونعتبر الإعلان عن هذا التجديد الفني في صحيفتنا، فرصة لتجديد التزامنا بالخط ذاته، ولتجديد حرصنا على أخلاقيات المهنة، وأيضا لتجديد انخراطنا في أوراش إصلاح مهنتنا وتطويرها. نبدأ إذن مرحلة جديدة في حياة صحيفتنا، سنحرص على أن تبقى صحيفة لأفكار التقدم والتحديث في المجتمع، صحيفة حاضنة لقضايا شعبنا وانشغالاته، وتعكس تطلعات بلادنا في التنمية والديمقراطية والتقدم. هي هويتنا، ونجدد هنا الالتزام بها، ونعلن أننا لن ننجر وراء مغريات... التفاهة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته