المقدم أمام المؤتمر الوطني التاسع للحزب المقدم امام المؤتمر الوطني التاسع للحزب بوزنيقة ، السبت 31 ماي 2014 في إطار أشغال المؤتمر الوطني التاسع للحزب، المنعقد بمدينة بوزنيقة، أيام 30 و31 ماي، وفاتح يونيو 2014 تحت شعار "مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية"، اجتمعت برئاسة الرفيق عبد الأحد الفاسي ونائبته الرفيقة ثريا الصقلي علوي، يوم السبت 31 ماي 2014 على الساعة التاسعة صباحا، لجنة الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتدقيق والتفصيل في مضامين مشروع هذه الوثيقة. لقد ساهمَ في أشغال هذه اللجنة، التي أنهت مهمتَها عند الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال، حوالي 200 رفيقة ورفيق وعرفت ما يفوق الخمسين تدخلا دوَّنت محتواها الرفيقة رجاء حباد بصفتها مقررة للجلسة ونائبها الرفيق المقدم خديوي؛ وفي ما يلي التقرير التركيبي لهذه الأشغال تبيَّن من خلال هذا النقاش الجاد والمسؤول أن جل المشاركين يشيدون بالقيمة الفكرية التي تجسدَها مضامين الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي اعتمدت صياغتها على تراكماتِ الحزب ووثائقِه وأدبياتِه، وهذا ما يفسِّر تناغمَها التام مع الإيمان القوي الذي يتوفر عليه الحزب اتجاه خطه السياسي الموجِّه الوحيد لممارساتِه ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي. إنها ممارسات ذات توجهٍ ديمقراطي حداثي، تُؤسِّسُ، في المقام الأول، لبناء مجتمع الكرامة والحرية والتنمية. مجتمعٌ متماسكٌ مستقرٌ تسوده المعرفة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وتكافؤ الفرص بين مكونات الشعب المغربي والمساواة بين الأفراد والجماعات والجهات في الحقوق والواجبات. لقد انصبت جل التدخلات في اتجاه إثراء محتوى وثيقة المؤتمر الوطني التاسع التي تشكل ثمرةَ عملٍ جماعي دؤوب، وثيقةٌ موضوعيةٌ في قراءتها للواقع المغربي المعاصر وشاملةٌ من حيث إحاطتُها بجميع المقتضيات التي يتطلبها المغرب الراهن. وهذا ما يفسِّر مراعاة مضامين الوثيقة للوضع التاريخي للمجتمع المغربي المتميز ومتعدد اللغات والثقافات، وكذلك اعتبارها لوضعه الجغرافي الذي جعله عبر التاريخ ملتقى للحضارات الشرقية والغربية والإفريقية. كما يُشِيد الرفاق والرفيقات المشاركون بالقوة التوجيهية للوثيقة التي تكْمُن أساسا في التفاعلِ والتناغم مع مضمون مشروع الوثيقة السياسية المعروضة على المؤتمر، وذلك من خلال نُقَط الالتقائية بين الوثيقتين، وهي نقطٌ تضع الإنسان في صلب المشروع المجتمعي، وهذا أمر يشهد به تاريخ حزبِنا، كما يشهد التاريخ نفسُه لحزبنا الذي ظل في هويته على الدوام، حزبا وطنيا، تقدميا، يساريا، اشتراكيا، حداثيا وديموقراطيا، وارتبطت ممارساتُه، التأطيرية والميدانية، بالفئات المستضعفة والشغيلة والفلاحين. فبناء عن هذا المعطى المبني على الالتزام، أكد المشاركون على أن مسألة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية لجميع المواطنين، تعدُّ مطلبا محوريا في هوية الحزب. ومن هذا المنطلق اعتبر المشاركون أنه لا يكمن تدبير الإكراهات الماكرو اقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطنين ومكتسبات الطبقة العاملة والشغيلة. وعليه، فالمطروح على الحزبِ بقوة وإلحاح هو المساهمة في إنجاح مسلسل الإصلاحات الكبرى كإصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد وإصلاح الضرائب، وفي ذات الوقت يتعيَّنُ على الحزب أن يستشرِفَ مختلف التداعيات الاجتماعية انطلاقا من المعطيات الاقتصادية للبلاد المبنية على دراسات علمية وسوسيولوجية واقتصادية. وهكذا، ارتكازا على توجهات الحزب المبنية على قيم الاشتراكية، وانطلاقا من النموذج التنموي الجديد كإطارٍ مرجعي لما أطلق عليه حزبنا اسم "البديل التقدمي" من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، مرتكزا في ذلك على مقاربة شمولية، فالمطلوب من الحزب أن يقدِّم أجوبة ناجعة بقصد تجاوز عدد من المعيقات، وأن يؤكد من خلال نضاله، على ضرورة القيام بإصلاحات عميقة تشمل جميع القطاعات وتجعل المغاربة، داخل وخارج الوطن، في قلب العملية التنموية. كما ارتأى جل المتدخلين على أن مشروع النموذج التنموي الجديد يقتضي أن تُعطى أولوية قصوى للسوق الداخلي باعتباره قاطرة للنمو وللتصنيع، ويقتضي كذلك التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، التي جعل ويجعل منها الحزب شعارا وهدفا لكونها رافعة حقيقية للتمنية المحلية والجهوية والوطنية. وقد أسفرت الأشغال التحضيرية للمؤتمر وأشغال اللجنة المنبثقة عن هذا المؤتمر بإغناء الوثيقة بمجموعة من المقترحات التي سندرج منها ما صب في التوجهات الكبرى الآتية: 1) ديباجة الوثيقة يجب إعادة الديباجة بتأكيد هوية الحزب والربط بين الهوية اليسارية الاشتراكية التقدمية والحداثية من جهة، والنموذج التنموي الجديد والبديل التقدمي لمواجهة الأزمة والاختلالات المالية والاقتصادية من جهة ثانية. وفي هذا الصدد توصي اللجنة القيادة الجديدة للحزب بتعاون مع الهيئات الحزبية المختصة كمؤسسة عزيز بلال للدراسات والأبحاث بالقيام بدراسة لواقع الطبقات الاجتماعية بالمغرب وحركياتها بقصد التمكن من تحليل علمي نبني عليه مقترحاتنا وتصوراتنا. 2) البيئة الوثيقة أعطت أهمية كبيرة للتنمية المستدامة ببعدها البيئي والاجتماعي والاقتصادي والتضامني وتعزيزا لهذا التوجه تقترح اللجنة إضافة كلمة البيئية ليصبح العنوان: الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما أكدت عدة تدخلات على ضرورة الاهتمام بشكل أكبر بالطاقات المتجددة والتدبير المعقلن للمياه والمجال الغابوي والأرياف. 3) المغاربة المقيمون بالخارج لقد تم الاستماع لممثلي الجالية المغربية المقيمة بالديار الأوربية، وفي هذا الصدد نشيد بتقوية هياكل الحزب في أوساط الجالية. وتؤكد اللجنة كذلك على ضرورة الاهتمام عن قرب بهذه الشريحة من المواطنين بحل مشاكلهم المتعلقة بالإدارة والقضاء والحفاظ على هويتهم الثقافية واللغوية والدينية وضمان تمثيليتهم بشكل شفاف بالهيئات الدستورية من برلمان ومجالس الحكامة. 4) التربية والتكوين وجوب إثراء الوثيقة بتوصيات منتدى النقاش العمومي للحزب حول التربية والتكوين. كما ألح المشاركون على إعادة النظر في نظام التوجيه والتقييم وتعزيز البنيات التحتية وصيانتها التي تلعب دورا أساسيا في الهدر المدرسي خصوصا في صفوف الفتيات بالمجال القروي وإصلاح المقررات والكتب المدرسية وتأهيل الإدارة التربوية. كما يجب أن يهتم الحزب بمسألة اللغة وأن يقدم تصورا واضحا في هذه المسألة. 5) الجهوية والديمقراطية المحلية يجب مقاربة مشروع الجهوية المتقدمة بأبعاده الديمقراطية والثقافية والاجتماعية، والاقتصادية المبنية على أقطاب جهوية للتنمية. كما يجب تعزيز الديمقراطية المشاركاتية بقصد إشراك المواطنين في مسلسل التنمية وتعزيز قدرات منتخبي الحزب في هذا المجال اعتمادا على بعض التجارب الناجعة التي يقوم بها بعض الرفاق. وفي هذا الصدد أكد الجميع على التأسيس لإطار التنمية الشاملة للتخفيف من حدَّة البطالة وتوفير التجهيزات لكل الخدمات الاجتماعية، التي تعاني من الخصاص سواء تعلق الأمر بالصحة أو التعليم أو الشباب أو الرياضة أو الثقافة أو التشغيل. وفيما يخص الأقاليم الجنوبية لا بد من تبني نموذجا تنمويا إدماجيا يرتكز على مبادئ العدالة والمساواة ويحتل فيه الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مكانة متميزة مع ضرورة العمل على الانتقال من اقتصاد الريع بالمنطقة والذي يعتمد على الأنشطة الأولية والامتيازات، إلى إطار يشجع الاستثمار الخاص المنتج للثروة ولفرص الشغل ويضمن الشفافية واحترام قواعد المنافسة الشريفة. 6) الفلاحة والصيد البحري أكد المشاركون على إعادة مراجعة المخططات القطاعية بقصد ضمان الأمن الغدائي للمغاربة مع الابتعاد فيما يخص الصيد البحري، عن اقتصاد الريع. كما أكدوا على النهوض بحقوق العمال الزراعيين والبحارة، وفي هذا الصدد يتعين إصدار مدونة البحار. 7) الوضعية الاجتماعية للشغيلة استمعت اللجنة لمجموعة من الشهادات التي تجسد معاناة الطبقة الشغلية في عدة مناطق، وفي هذا الصدد لا يسعنا إلا أن نعلن تضامننا مع هذه الشريحة والدفاع عن حقها في الشغل اللائق باحترام الحريات النقابية والحقوق الاجتماعية، كما يستوجب سن سياسة أجور تتماشى مع التكلفة المعيشية. 8) المجال الثقافي أشار المتدخلون إلى وجوب عدم الاكتفاء بالتوصيات في هذا المجال، بل يستوجب مقاربة إجرائية وعملية خاصة في مجال الحكامة وتطوير الموارد المخصصة للقطاع، كما يجب حث الرفيقات والرفاق رؤساء الجماعات لاتخاذ مبادرات قصد تثمين الموروث الثقافي المغربي المتنوع وتشجيع الممارسات الثقافية. 9) التكوين المهني تؤكد اللجنة على ضرورة تثمين هذا القطاع بالموازاة مع التوجهات والمخططات الاستراتيجية وتغيير الصورة النمطية التي تجعل منه ملجأ "للفاشلين في الدراسة". كما همت التدخلات عدة مجالات كإنعاش الدبلوماسية الاقتصادية والصحة والتعليم العالي والبحث العلمي والتهييئ المجالي والترابي وتثمين سياسة المدينة كوسيلة لتأهيل مدننا عن طريق الالتقائية للسياسات العمومية وضرورة تقييم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة ومحاربة الفساد وتفعيل هيآت الحكامة والرياضة مع إعطائها بعدا جهويا... وسيتم إدراج مجموع هذه التدخلات في الصياغة النهائية للوثيقة في إطار يحافظ على التناغم مع التوجه العام للوثيقة.