لن نكل من الكتابة هنا عن أداء المؤسسة التشريعية، ومن التنبيه إلى اختلالاتها، وفي نفس الوقت التنويه أيضا بإيجابياتها متى وجدت، وكل ذلك لكون عمل هذه المؤسسة الدستورية يؤثر في مجريات الحياة العامة لبلادنا ومستقبلها الديمقراطي، كما أن له صلة مباشرة بحياة شعبنا، فضلا على أن الجلسات يتم نقلها عبر الإعلام السمعي البصري، وفي ذلك ارتباط مباشر كذلك بالناس، وبمستوى اهتمامهم بالسياسة والشأن العام أو نفورهم منهما. ما حدث أول أمس بمجلس النواب يؤكد صواب إلحاحنا على الكتابة حول هذا الموضوع... الأصل في الذي حدث أن برلماننا افتقر للشخصيات السياسية الوطنية ذات الكاريزما و... النضج، وغابت عنه القامات الكبيرة، وصرنا أمام كائنات انتخابية تستغل الفراغ لتكشف عن ذاتها وعن... الخواء. الكثيرون صاروا لا يخجلون وهم يزايدون ويصرخون ويكذبون، وتنتفخ أوداجهم، ولا يترددون في تبني الخطابات الصاعدة في سلاليم الثورية والراديكالية، حتى وهم غارقون في الريع ونهب ممتلكات البلاد والعباد، وأمام مشاهد العبث، هذه يبقى المشاهدون حيارى أمام التلفزيون، ثم يضحكون، وفي الغالب يلعنون السياسة وزمنها الحالي. هؤلاء يشتمون أيضا، ولا يرون فارقا في الكلام المباح وسط شلتهم وندمائهم وبين مستوى الخطاب المطلوب داخل المؤسسة التشريعية، وبات ممكنا أن نسمع الاتهامات والشتائم أثناء جلسات البرلمان، ونرى أيضا البطون العارية، إلى أن وصلنا إلى مختلف أنواع و»ماركات» الكلمات النابية، وكذا اللكمات المتطايرة. لقد بلغت التفاهة أدنى مستوياتها... لقد سبق أن أغرقنا بعض برلمانيينا في سجالات شكلانية عقيمة أضاعت لنا وقتا كبيرا، والكثيرون تأسفوا مرارا لمستوى الخطاب والسلوك في مواجهة رئيس الحكومة، وأيضا تيه النقاش حول التوقيت ومواضيع جلسات الأسئلة الشهرية، واليوم يتقدم كل هذا خطوة أخرى إلى... الخلف، ونجد أنفسنا جميعا أمام «التعيار» ومحاولات تبادل اللكمات، وصار من حقنا أن نتساءل عن هذا المستوى المخزي لبرلماننا ولممارستنا البرلمانية، وكيف يمكن أن نحقق تطبيق الدستور في ظل هذا الوضع، وكيف يمكن للبرلمان أن يقدم المسار الديمقراطي ويصون المكتسبات. نحتاج، باستعجال، إلى وقفة فعل لتصحيح هذا الوضع، أي تصحيح عمل البرلمان، وتصحيح علاقة الحكومة بالبرلمان، وتصحيح الأداء والسلوك والخطاب والعلاقات والأجواء. نحتاج إلى الوعي بخطورة ما يحدث لعملنا البرلماني وحوله، وخطورة كل هذا التتفيه المتربص بنا. نحتاج إلى العقل، وإلى تدخل العقلاء كي نعيد للأشياء معناها و... مصداقيتها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته