انتخاب الطالبي العلمي رئيسا لمجلس النواب رسالة قوية على مدى انسجام مكونات الأغلبية الحكومية وصف مراقبون انتخاب رشيد الطالبي العلمي النائب البرلماني عن التجمع الوطني الأحرار، رئيسا لمجلس النواب لما تبقى من عمر الولاية التشريعية الحالية، ب «المنطقي»، وأن ذلك جاء معبرا عن انسجام تحالف الأغلبية. وكان فوز مرشح الأغلبية من الدور الأول قد فند كل التكهنات التي سبقت جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، والتي كانت تشير إلى صعوبة فوز الطالبي العلمي بالأغلبية المطلقة من الدور الأول، وأن منافسه مرشح المعارضة الرئيس المنتهية ولايته كريم غلاب لن يرفع الراية البيضاء بسهولة. وهكذا جاءت النتيجة عكس ما كانت تنتظره أحزاب المعارضة، والتي راج في كواليس البرلمان أن بعض نوابها قد تكون أصواتهم ذهبت لفائدة مرشح الأغلبية، والذي حصل على 225 صوتا مقابل 147 صوتا لمنافسه كريم غلاب، وذلك من أصل 374 نائبة ونائبا شاركوا في عملية انتخاب الرئيس مع احتساب صوتين كأصوات ملغاة. وعزا بعض النواب الذين التقتهم بيان اليوم «عدم انضباط» بعض نواب فرق المعارضة، بتصويتهم لفائدة مرشح الأغلبية، رغم قلة عددهم إلى «التصدعات الداخلية التي تعرفها بعض الفرق النيابية». في السياق نفسه، يشار إلى أن فحص الخريطة العامة للحضور البرلماني أثناء جلسة التصويت يبين أنه تغيب من الفريق الاستقلالي تسعة نواب، وحضر 50 نائبا من أصل 59، كما غاب ثلاثة نواب من فريق الأصالة والمعاصرة حيث حضر 45 نائبا من أصل 48، وحضر 30 نائبا من الفريق الاشتراكي و16 نائبا من الفريق الدستوري من أصل 23 نائبا. في المقابل، كان واضحا الحضور اللافت لأعضاء فرق الأغلبية والتزامهم الجماعي بالتصويت لفائدة رشيد الطالبي العلمي، ونجح هذا الانضباط الصارم في تأمين الفوز لمرشح الأغلبية من الدور الأول. ولم تسجل غيابات كثيرة في صفوف فرق الأغلبية، عدا 7 نواب، 5 منهم من فريق العدالة والتنمية الذي حضر ب 101 نائبا ونائبة، كما غاب نائب واحد فقط من فريق التقدم الديمقراطي، لأسباب شخصية قاهرة، وحضر الباقون، أي 20 نائبة ونائبا من أصل 21، ولم يتخلف أي نائب من فريقي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، وعددهم على التوالي 54 نائبا ونائبة للأول و33 للثاني. وكان واضحا حجم الارتياح في أوساط فرق الأغلبية عقب إعلان رشيد الطالبي العلمي رئيسا لمجلس النواب من قبل عبد الواحد الراضي النائب الأكبر سنا الذي ترأس الجلسة، وهو ما صرح به الكثيرون منهم لبيان اليوم مباشرة بعد رفع الجلسة مساء الجمعة، وثمنوا أيضا مستوى الانسجام الذي ظهر بشكل قوي بين مكونات الأغلبية، وانضباط النواب والنائبات لقرار التصويت على مرشح الأغلبية الذي جاء تنفيذا لالتزام مسبق عمره ستة أشهر، كانت أعلنت عنه القيادات السياسية لأحزاب الأغلبية، بمعنى أنه كان جزء من الاتفاق العام الذي أطر تشكيل الأغلبية الحكومية الحالية، وذلك ما عاد رئيس الحكومة عبدالاله بنكيران للتذكير به مرة أخرى خلال اللقاء التواصلي لأحزاب الأغلبية مساء يوم الخميس الماضي بسلا حيث قال «إن التصويت على رئيس مجلس النواب ليس هو مجرد إيصال الطالبي العلمي لهذه الرئاسة، وإنما هو وفاء لما قررناه في وقت مبكر، أي أثناء إعادة تشكيل الحكومة». وأشار أن التصويت لفائدة مرشح الأغلبية، يبعث برسالة إلى المواطن المغربي يشعره بأن الأحزاب السياسية ليست مجالا للتلاعب، بل هي مجال للوفاء والانضباط، وهو أيضا يشير إلى «أننا داخل الأغلبية يمكن أن نتفق وأن ندبر اختلافاتنا بشكل ديمقراطي». ومن جهة أخرى ، يرتقب أن يحل عبد الإله بنكيران بمجلس النواب في الأيام القليلة المقبلة، وذلك لعرض حصيلة الحكومة، وكذا لتقديم أولويات البرنامج الحكومي، والتي تم الاتفاق بشأنها بين أحزاب الأغلبية الحكومية، وانكب على صياغتها خبراء الأحزاب الأربعة. وكان بنكيران قد حدد هذه الأولويات خلال لقاء الخميس بالمعمورة (ضواحي سلا) في أربع أولويات وهي القضية الوطنية والسيادة الوطنية ومواصلة البناء الديمقراطي، تنزيل مقتضيات الدستور، ترسيخ القانون والحريات والحكامة الجيدة، مؤكدا أن الحكومة ستطور الديمقراطية بطريقة إيجابية، حيث سيادة الجدية، واقتران الحقوق بالواجبات في تلازم وطيد، لأنه بدون أية واحدة منهما يقع اختلال، بالإضافة إلى مواصلة النهوض بالوضع الاقتصادي المغربي، ما يعتبر الأولوية الثانية، وقد أعد بشأنها برنامج محين للإقلاع الاقتصادي، وذلك بغاية تحسين القدرات الإنتاجية. أما الأولوية الثالثة، فقد تم تحديدها في الورش الاجتماعي ودعم التماسك الاجتماعي، في حين تكمن الأولوية الرابعة في مواصلة إصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، وحل مشكلة المكتب الوطني للماء والكهرباء.