أكد مكتب الدراسات الاقتصادية البريطاني «أوكسفورد بيزنس غروب»، أنه، وعلى غرار صناعة مكونات الطيران، فقد شهدت صناعة السيارات بالمغرب خلال السنوات العشر الأخيرة، نموا ملحوظا ومضطردا. وأبرز مكتب الدراسات الاقتصادية، الذي يوجد مقره في لندن، في تقرير تحليلي صدر حديثا، أن المغرب أضحى يتوفر على مئات المصانع، التي توفر منتوجات متعددة تنطلق من أسلاك الطائرات وتنتهي بالسيارات العائلية، مضيفا أن السلطات العمومية تسعى إلى استقطاب مزيد من مصنعي السيارات للاستثمار بالمملكة حيث توفر لهم إطار جبائيا محفزا ومنشآت جاهزة للتشغيل من طراز عال إلى جانب وجود سلسلة ضخمة من المزودين الذي يوفرون قطع الغيار ويضطلعون بأعمال المناولة. وأشارت «أوكسفورد بيزنس غروب»، في هذا السياق، إلى الإحصائيات التي نشرتها المنظمة الدولية لمصنعي السيارات برسم سنة 2012 والتي أبرزت إنتاج المغرب لنحو 108743 سيارة وهو ما شكل ارتفاعا بنسبة 83 بالمائة مقارنة مع إنتاج السنة التي قبلها. وأوضحت أن المملكة أضحت تحتل الرتبة الأولى في مجال صناعة السيارات على مستوى منطقة شمال إفريقيا (على حساب مصر التي كانت تتصدر المشهد سنة 2011)، والثانية على صعيد القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا. وأضاف التقرير أن إحصائيات مكتب الصرف تشير إلى أن قيمة صادرات صناعة السيارات شهدت نموا بنسبة 5ر17 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2013، فيما عرفت مبيعات السيارات ارتفاعا بنسبة 3ر58 بالمائة، بقيمة تصل إلى ثمانية ملايير درهم (963 مليون أورو). وحسب خبراء المجموعة البريطانية فإن إنتاج وصادرات القطاع سيواصلان وتيرتهما التصاعدية إلى أعلى المستويات، وخاصة بعد إطلاق خط إنتاج جديد من طرف شركة (رونو) مؤخرا، والتي تتوفر على أغلبية أسهم الوحدتين الرئيستين لإنتاج وتركيب السيارات بالمغرب وهما الشركة المغربية لصناعة السيارات (صوماكا) التي تتواجد بالقرب من مدينة الدارالبيضاء، والتي تمتلك (رونو) ثمانين بالمائة من أسهمها، وكذا مصنع ملوسة قرب المنطقة الحرة بطنجة تمتلك 4ر52 بالمائة من أسهمه، فيما تعود باقي الأسهم (6ر47 بالمائة) لصندوق الإيداع والتدبير. وأوضح مكتب الدارسات الاقتصادية البريطاني، أن مصنع ملوسة، التي تصنع به السيارات ذات تكلفة المنخفضة (داسيا) التابعة لمجموعة (رونو)، شهد نموا كبيرا في أكتوبر الماضي بعد إطلاق خط الإنتاج الثاني مما ضاعف القدرة الإنتاجية للمصنع مرتين حيث وصلت إلى 340 ألف سيارة، مما يجعله أكبر مصنع للسيارات في إفريقيا. وأبرز أن كلفة إحداث خط إنتاج جديد بمصنع ملوسة، بلغت 400 مليون أورو، مما رفع إجمالي الاستثمارات بالمصنع إلى نحو 1ر1 مليار أورو. وأضاف أن هذه التوسعة، تجعل المغرب يسير قدما ليصبح من كبار مصنعي السيارات، مشيرا إلى أن مكتب الدراسات (برايس واتر هاوس كوبرس) يتوقع احتلال المملكة للمرتبة التاسعة عشرة عالميا في مجال تصنيع السيارات بحلول سنة 2017. وأشار التقرير إلى أنه إلى جانب خلق مناصب الشغل لفائدة الساكنة المحلية، فإن مصنع ملوسة، أضحى مرادفا لإقلاع ونمو الصادرات المغربية، في ظل توجيه الجانب الأكبر من إنتاج المصنع للسوق الخارجي. وحسب تقديرات مجموعة (رونو) فإن بلوغ المصنع مرحلة الإنتاج القصوى ستجعله يساهم بنحو عشرة بالمائة من إجمالي صادرات المغرب، بالرغم من استيراد بعض الأجزاء التي سيتم استخدامها في إنتاج السيارات، وهو ما يبرز التأثير الوازن لإنتاج المصنع في الميزان التجاري. وإذا كانت السيارات من طراز (رونو) تعد الوحيدة «التي يتم تصنيعها بشكل كامل» بالمغرب، في الظرف الحالي، فإن وزير الصناعة مولاي حفيظ العلمي كان قد أشار في شهر يونيو الماضي إلى أن الدولة تراهن على إحداث مجموعة دولية كبرى في عالم صناعة السيارات لوحدة إنتاجية بالمغرب في غضون الثلاث سنوات القادمة. وحسب المجموعة البريطانية، فإن المغرب يوفر العديد من الامتيازات لمصنعي السيارات، ولاسيما في ما يخص التكلفة التنافسية جدا لسوق الشغل والموقع الجغرافي التنافسي والبنيات التحتية الطرقية الجيدة والتي تمكن من التصدير بكل يسر وسهولة في اتجاه أوروبا الغربية والمنطقة المتوسطية ودول إفريقيا جنوب الصحراء، إلى جانب توفره على سوق واعد في مرحلة الإقلاع. وأضاف خبراء (أوكسفورد بيزنس غروب)، أنه إلى جانب الامتيازات الممنوحة للمستثمرين، فإن بإمكان مصنعي السيارات الراغبين السير على منوال شركة (رونو) الاستفادة من العدد الكبير من المصانع التي تم إحداثها مؤخرا، وكذا من شبكة واسعة تضم نحو ثلاثين مزودا وشركة تعمل في إطار المناولة، مبرزين في هذا السياق إعلان عدد من كبريات شركات صناعة السيارات العالمية عن رغبتهم في الاستثمار بالمغرب.