استفاقت تركيا مرة أخرى على وقع فضيحة جديدة لرئيس الحكومة الذي مازال يعاني من تتالي الأزمات التي تعصف به، في حين زادت المعارضة من ضغطها على أردوغان لتجبره على الاستقالة عشية الانتخابات البلدية. وطالبت المعارضة السياسية التركية، الثلاثاء الماضي، باستقالة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، بعد تسريب تسجيل يتمثل في مكالمة هاتفية بين أردوغان وابنه بلال، يوم الكشف عن فضيحة الفساد الكبرى التي طالت أربعة وزراء في حكومته. وأوضح أقوى أحزاب المعارضة في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، أن رئيس الوزراء التركي فقد شرعيته وذلك بعد فضيحة تسريب تسجيل صوتي اعتبره الحزب خطيرا، حين طلب أردوغان من ابنه بلال التخلص من ملايين الدولارات الموجودة في المنزل لأن المحققين قد يتوجهون إليه لتفتيشه. وعلى إثر فضيحة التسجيل الصوتي لأردوغان الذي جاب صداه كامل تركيا، فقد عقد حزب الشعب الجمهوري اجتماعا طارئا لبحث الوضع واتخاذ قرارات مناسبة بشأن هذه المسألة، بحسب ما ذكرته مصادر تركية. ونقل نفس المصدر عن هالوك كوتش، مساعد رئيس الحزب بعد الاجتماع الطارئ الذي انتقد أردوغان بشدة قوله «من وجهة نظرنا الحكومة وأي شخص أو حزب وقع في الفساد قد فقد شرعيته»، متهما أردوغان بالتستر على الفساد المالي الذي مس قطاعات في البلاد، داعيا إياه إلى تقديم استقالته. ويعد هذا التسجيل الأول من نوعه بعد فضيحة الفساد التي استفاقت عليها تركيا في منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي، يتهم حزب الشعب الجمهوري رئيس الحكومة مباشرة بالسرقة وليس مقربين منه. وكان مجلس الوزراء التركي اعتبر، أن التسجيل غير حقيقي وتمت «فبركته» بعد أن أثار جدلًا واسعًا في البلاد بشأن مصداقيته. ووفقا لموقع «سكاي نيوز» يظهر في التسجيل الصوتي أردوغان وهو يطلب من ابنه، التخلص من ملايين الدولارات الموجودة في المنزل لأن محققي الشرطة قد يتوجهون إليه لتفتيشه. وبحسب «رويترز» لم يتسن لها التحقق من صحة التسجيلات الصوتية التي وضعت على موقع تبادل لقطات الفيديو على الإنترنت في ساعة متأخرة، الاثنين المنصرم. وفي هذه التسجيلات يمكن سماع الصوت الذي يفترض أنه لأردوغان وهو يطلب من ابنه أن ينقل الأموال من منزله، ليرد الصوت على الطرف الآخر من المحادثة بالقول إنه «مازال يتبقى نحو 30 مليون يورو أي 40 مليون دولار ينبغي التخلص منها». وهذه التسجيلات التي ظهرت بعد يومين من الحملة الرسمية التي بدأها حزب العدالة والتنمية للانتخابات البلدية المزمع القيام بها نهاية مارس المقبل، قد تكون أحدث كشف في فضيحة كسب غير مشروع، حيث اتهم أردوغان خصومه بالترتيب لها في هذا التوقيت بالذات للإطاحة به. وردا على هذه الادعاءات بخصوص التسجيل المزعوم قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه التسجيلات المسربة بشأن تورطه في الفساد. وأضاف أردوغان خلال مؤتمر صحفي له، الثلاثاء الماضي، أن التسجيلات المسربة «مفبركة» وغير واقعية ووصف هذه العملية ب»الهجوم الخسيس» ولن يمر دون عقاب. وأبدى رئيس الحكومة التركية استعداده للخضوع إلى الاستجواب بشأن مكالماته الهاتفية، واصفا تلك التسجيلات ب»المزيّفة» والمسيئة لبلاده وليس لشخصه فقط، وقال أردوغان في كلمته الأسبوعية أمام نواب حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أن «ما حصل يشكل هجمة وضيعة على رئيس وزراء الجمهورية التركية وهذا لن يمر دون عقاب». وهاجم أردوغان مجددا من دون أن يسمى الداعية فتح الله كولن واتهمه بأنه يقف وراء هذه الهجمة من خلال «اختلاق مسرحية غير أخلاقية»، على حد وصفه، وتابع قائلا «لن نرضخ والشعب وحده ولا أحد غيره يمكنه أن يقرر إزاحتنا»، في إشارة إلى الانتخابات البلدية المقررة في 30 مارس القادم. وأوضح رئيس الحكومة أنه لا توجد مزاعم لا يمكن الرد عليها، مشيرا إلى أنه «لا يخاف شيئا» متوعدا بملاحقة المسؤولين عن عملية «التلفيق» هذه أمام القضاء. وكانت رئاسة الوزراء التركية قد نفت في بيان رسمي لها صحة هذا التسجيل واعتبرته مزوّرا، مضيفا بأن أردوغان عقد اجتماعا طارئا مع رئيس المخابرات هاكان فيدان، لتقييم الموقف. وقال مكتب أردوغان في البيان الذي أصدره إن «التسجيلات التي نشرت عبر الإنترنت، مساء الاثنين، مرفقة بمزاعم بأنها محادثة هاتفية بين رئيس الوزراء أردوغان وابنه، غير صحيحة بالمرة وهي من نتاج عملية تركيب «مونتاج» غير أخلاقية». وأضاف البيان «أولئك الذين اختلقوا هذه المؤامرة القذرة يستهدفون بها رئيس وزراء جمهورية تركيا سيحاسبون في إطار القانون». وكانت معظم التسجيلات المسربة لمكالمات هاتفية بين أردوغان ورجال أعمال يملكون وسائل إعلام يطلب منهم التدخل لوقف نشر أخبار في الإعلام أو طرد صحفيين أو الضغط على جهة إعلامية بعينها، وكذلك أحاديث مع رجال أعمال عن صفقات تجارية لبيع أراض. ويعد هذا التسجيل الذي نشرته العديد من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام، تصعيدا غير مسبوق ل»الحرب» الكلامية بين أردوغان ومن يسرّب هذه التسجيلات، الذي يعتقد على نطاق واسع أنهم جماعة رجل الدين المقيم في الولاياتالمتحدة، فتح الله كولن. وفي المقابل أكدت المعارضة صحة التسجيل، وذكرت مواقع الكترونية أنها ستنشر صورا قريبا تظهر بلال أردوغان وهو يخرج كميات كبيرة من الأموال من منزله في 17 ديسمبر الماضي.