تتواصل في ليبيا الاحتفالات بالذكرى الثالثة لثورة السابع عشر من فبراير التي أطاحت بنظام معمر القذافي، وشهدت مدن ليبية عدة لاسيما العاصمة طرابلس وبنغازي خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع والميادين احتفاءً بالذكرى التي تحل هذا العام وسط تحديات كبيرة على المستويات الشعبية والسياسية والأمنية. وفي طرابلس، عمت مظاهر الاحتفال شوارع وميادين العاصمة، ورفعت الأعلام على المباني الحكومية وفوق منازل المواطنين إحياء للذكرى السنوية الثالثة لانطلاق الثورة. وأفادت مصادر صحافية، بأن آلاف الليبيين نظموا مسيرات بالسيارات وعلى الأرجل حاملين الأعلام الليبية، مرددين شعارات تمجّد ذكرى شهداء الثورة، وتصاعدت أبواق السيارات تعبيرا عن الفرحة، وتعالت الأناشيد الوطنية. وخرج الليبيون من جميع الفئات والأعمار إلى الشوارع وتناسوا خلافاتهم وانتماءاتهم الحزبية ليتحدوا تعبيرا عن فرحتهم واحتفالا بهذه المناسبة، وتوافدت العائلات على عدد من الميادين وخاصة ميدان الشهداء وسط العاصمة للاحتفال بالذكرى. وحرصت أجهزة الأمن على الانتشار في مختلف الأماكن حفاظا على الأمن والسلامة العامة وتحسبا لوقوع أي حدث قد يعكر صفو الاحتفالات، كما حرصت سيارات الشرطة والأمن على رفع العلم الوطني وإطلاق أبواقها، تعبيرا عن الفرحة بالمناسبة. وفي مدينة بنغازي شرق ليبيا، تجمع آلاف الليبيين في ساحة الحرية المجاورة لمبنى محكمة المدينة، وهو المكان الذي انطلقت منه الثورة قبل ثلاث سنوات. ويشارك في هذه الاحتفالات -التي رفعت خلالها شعارات تدعو إلى التمسك بروح ثورة فبراير- عدد من الشخصيات الوطنية التي كانت لها بصمة في الخطوات الأولى للثورة. وبحسب وسائل الإعلام، فقد ازدانت شوارع بنغازي الرئيسية (عشرين والحدائق ودبي وطريق تيبستي) بالبالونات، وأطلقت السيارات أصواتها المرتفعة بالأغاني الثورية الحماسية وأناشيد الثورة الأولى، كما شهدت سماء المدينة الألعاب النارية وقناديل الزينة. وفي الطريق إلى ساحة محكمة شمال بنغازي التي شهدت أول اعتصام للثورة يطالب برحيل معمر القذافي عن السلطة، تجمع آلاف المواطنين وأسر الضحايا من كل حدب وصوب لإحياء ذكرى الثورة واستعادة أحاديث ميدان الاعتصام. وهتف المشاركون في الاحتفالات بالوحدة والعدالة والديمقراطية والحرية التي نادت بها ثورة 17 فبراير في أول بيان لها. وقبل ثلاث سنوات، شهدت بنغازي بدء احتجاجات يوم 15 فبراير 2011 إثر اعتقال الناشط في مجال حقوق الإنسان فتحي تربل الذي كان يدعو للإفراج عن السجناء السياسيين، قبل أن تعم الاحتجاجات كل بنغازي يوم 17 من الشهر نفسه الذي سمي بيوم الغضب، في حين رد القذافي وأنصاره بتنظيم مظاهرة مؤيدة في العاصمة طرابلس. ونجح الثوار في دخول العاصمة طرابلس يوم 21 غشت من السنة نفسها، بعد شهور من اندلاع حرب دموية خلفت آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، في وقت فر فيه القذافي إلى مدينة سرت مسقط رأسه. وفرض مجلس الأمن الدولي منطقة يحظر فيها الطيران لحماية المدنيين، قبل أن تشارك قوات حلف الشمال الأطلسي في ضرب قوات القذافي الذي ألقي عليه القبض هو ونجله معتصم وهما يستعدان للفرار إلى جنوب ليبيا حيث قتلا معا. واعتقل نجله سيف الإسلام قرب الحدود مع النيجر يوم 19 نوفمبر ، وتعهدت الحكومة الليبية وقتها بعقد محاكمة عادلة له بعد انتقادات لاذعة وجهت لها إثر مقتل القذافي وابنه المعتصم.