تحل اليوم ذكرى مرور ربع قرن على إعلان تأسيس»اتحاد المغرب العربي»، وهي الذكرى التي لم تتمكن البلدان الخمسة من تخليدها سوى عبر اجتماع تشاوري لوزراء خارجيتها انعقد في طرابلس الليبية أول أمس، وشهد كثيرا من المجاملات والبروتوكول و...الكلام. الاتحاد المغاربي بالرغم من امتلاكه للكثير من مقومات التجانس والارتباط بين شعوبه، وأيضا للكثير من مرتكزات التكامل بين دوله واقتصادياتها، وكذا الكثير من التطلعات والتحديات المشتركة والواحدة، فهو، في نفس الوقت، التكتل الإقليمي الأكثر تعثرا وعجزا عن تفعيل أي بداية جدية للبناء المشترك والموحد. الاتحاد المغاربي الذي تجلس حكوماته للتحاور والتفاعل مع بلدان باقي العالم، سواء في إطار مجموعة 5+5 مثلا، أو في إطار منظومة العلاقات المتوسطية، أو أيضا عبر الحوار والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، هو نفسه الذي لم تستطع بلدانه بلورة فضاء عمل مشترك بينها، وبالتالي تمتين لغتها المشتركة في اتجاه باقي الأطراف الدولية والإقليمية المرتبطة بالمنطقة... الاتحاد المغاربي يتشكل من بلدان توحدها الجغرافيا، وهذه الأخيرة نفسها تطرح اليوم مخاطر وتحديات على أمن المنطقة واستقرارها، وذلك جراء ما يعيشه الساحل الإفريقي وغيره من مآسي، ورغم ذلك لم تنجح هذه البلدان حتى في تمتين تنسيق أمني واستخباراتي واستراتيجي إقليمي مشترك لمواجهة ذلك، ولحماية مصالح شعوبها . إن الثابت اليوم، برأي كثير من المراقبين، أن النظام العسكري الجزائري يمثل بالفعل عرقلة أساسية أمام كل سعي مغاربي إلى التقدم والسير إلى الأمام، فهو الذي يرفض فتح الحدود البرية مع المغرب، وهو الذي يتعمد إقصاء المملكة من كل عمل تنسيقي دولي وإقليمي يعنى بمواجهة الإرهاب في المنطقة، ويرفض أي توحيد للمواقف بين البلدان المغاربية، ولا يقبل سوى أن يكون»النظام القائد» للمنطقة برمتها. النظام الجزائري لا يخفي دعمه لضرب الوحدة الترابية للمغرب، وتورطه في ذلك لم يعد خافيا على أحد، وهذا بالذات يعتبر أول خرق يقترفه في حق مبادئ العمل المغاربي المشترك، ذلك أنه لا يمكن الوحدة مع بلد يريد ويعمل من أجل تفتيت سيادتك ووحدتك. وفي العام الخامس والعشرين لتأسيس الاتحاد المغاربي لم يتردد النظام الجزائري في طرد لاجئين سوريين أبرياء نحو الحدود المغربية، وأقدم على منع وفد أمني مغربي من دخول الجزائر للمشاركة في مؤتمر دولي حول مكافحة الإرهاب، كما أن عناصر جيشه ومخابراته متورطة في الانتهاكات المروعة التي تشهدها مخيمات تيندوف، ومن هنا، فإن أي انتقال بالحديث إلى جدية أكبر يفرض اليوم أن يغير النظام الجزائري عقليته ومقاربته للعلاقة مع المغرب، ويحترم وحدته الوطنية وسيادته الترابية أولا وقبل كل شيء. وفي غياب شجاعة كهذه سيبقى»اتحاد المغرب العربي»مجرد كلام و...كلام.