أعلن وزير العدل مصطفى الرميد بشكل قاطع عن منع القضاة من التظاهر بالبذلة الرسمية المقرر تنظيمها صباح يوم السبت القادم أمام الوزارة دفاعا عما اعتبروه مسا بالاستقلال الحقيقي والفعلي للسلطة القضائية، داعيا إياهم إلى استحضار الحكمة القضائية والعدول عن ذلك، واللجوء إلى التحكيم الملكي في حال اعتبروا أن الوزارة كجزء من السلطة التنفيذية أخلت باستقلال السلطة القضائية. الوزير الذي بدا منزعجا ومستغربا من الخطوة التي قرر نادي القضاة الإقدام عليها، أكد أن للقضاة الحق في التعبير الذي يكفله الدستور. وقال الوزير في هذا الصدد «إذا كان احتجاج نادي قضاة المغرب موجها للسلطة التنفيذية و وزارة العدل فأهلا و سهلا، أما إذا كان موجها لرئيس السلطة القضائية الذي هو جلالة الملك، فهذا مرفوض لكون الملك هو الحكم و ضامن استقلالية القضاء»، مشيرا أن الوزارة قامت بمراجعة جميع المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة بشأن الاحتجاج الذي يعتزم نادي القضاة تنظيمه، وأجمعوا على أن التظاهر بالبذلة الرسمية التي تخضع لعدة نصوص قانونية هو سلوك مشين وبدعة وفتنة وتصرف غير لائق يمس بهيبة القضاء «. من جانبه أوضح مدير الشؤون المدنية بالوزارة إبراهيم الأيسر أن الوزارة عقدت عبر تقنية المؤتمرات المرئية»فيديو كونفيورنس» اجتماعا بين المسؤولين المركزيين و الرؤساء الأولون والوكلاء العامين ورؤساء المحاكم ووكلاء الملك ورؤساء بمحاكم الاستئناف والابتدائية وكذا بالنسبة لمحاكم الاستئناف المتخصصة سواء التجارية أو الإدارية بشأن موضوع الاحتجاج بالبذلة الرسمية المهنية للقضاة، فأجمعوا أجمعوا على أن تظاهر القضاة تصرف غير لائق ويمس بهيبة القضاء ووقاره. وأشار في هذا الصدد إلى مجموعة من نصوص النظام الأساسي للقضاة تفيد بضرورة محافظة القضاة على صفات الوقار والكرامة التي تتطلبها مهامهم، وعلى أن البذلة الرسمية تخص أشغال الجلسات والمداولات، مؤكدا أن «البذلة تقترن بالجلسة وباستقبال جلالة الملك بوصفه رئيس السلطة القضائية، ولاشيء غير ذلك، مضيفا أن مختلف الآراء التي تم استقاؤها من المسؤولين القضائيين تفيد أن الحق في حرية التعبير مكفول قانونا لكن ينبغي أن يتم بما يجب من التحفظ بالنظر لأن الأمر يتعلق بالقضاة وببذلة مهنية ذات خصوصية لا يمكن القيام بتصرف يمس بهيبتها. ولإبراز وجه التجاوب من قبل الوزارة مع مختلف المطالب التي رفعها نادي قضاة، قدم مدير التشريع عبد الحكيم بناني لائحة بتلك المطالب والتي وصل عددها إلى 27 مطلبا معززة بملاحظات الوزارة العدل والتي تهم استقلالية السلطة القضائية، والاستقلال المؤسساتي، وتأديب القضاة، وممارسة الحريات الأساسية للقضاة، مشيرا فيما يتعلق بالاستقلال الذاتي للقضاة، أن الوزارة قامت مؤخرا بتحسين واضح للوضعية المادية للقضاة، حيث تمت زيادات مهمة بالنسبة لقضاة الدرجة المهنية الثالثة بلغت 54,55 في المائة إذ أصبحوا يتقاضون 14 ألف درهم و165،عوض 9آلاف درهم و165، فيما قضاة الدرجة الثانية أصبحوا يتقاضون مبلغ 16 ألف درهم و174، بزيادة تصل إلى 31,32 في المائة، وبالنسبة لقضاة الدرجة الأولى فيتاقضون بموجب هذه الزيادة التي تمثل 16,14 في المائة مبلغ 21ألف درهم و589، فيما القضاة ذووا الأقدمية بين 16 و18 سنة فيحصلون على راتب يبلغ 33 ألف درهم. هذا ولم يفت الوزير التأكيد خلال هذا الندوة على تظاهر القضاة بالبذلة المهنية لن تشكل أية رسالة مباشرة أو غير مباشرة بالنسبة للوزارة والحكومة، مادام الأمر يتعلق باحتجاج لا توجد دواعي لخوضه، حيث استجابت الوزارة لعدد من مطالب القضاة وحسنت أوضاعهم المادية ،مجددا الإشارة على أن مسودتي مشروع القانون الأساسي للقضاة والقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مازالا موضوعين على مائدة الحوار. وأفاد أن الوزارة أخذت بعين الاعتبار عدد من المقترحات التي سبق وتقدمت بها مختلف الهيئات المهنية والمجتمع المدني بما فيها نادي القضاة بشأن إدخال تعديلات على المشروعين، كما أخذت بعين الاعتبار ملاحظات تقدم بها ثمانية خبراء دوليين من كل من فرنسا، وإسبانيا، والبرتغال، وكرواتيا، ورومانيا، يمثلون لجنة النجاعة القضائية التابعة للاتحاد الأوربي ولجنة البندقية، الذين عقدوا جلسات مع مسؤولين مركزيين بوزارة العدل المغربية في إطار الوضع المتقدم للمملكة مع الإتحاد الأوربي والذي يفرض ملاءمة القوانين المغربية مع المعايير الأوربية والدولية، وهي الملاحظات التي انصبت على أن هناك مبالغة في المشروعين في الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية، وأنه ينبغي إقرار استقلال السلطة القضائية لكن ذلك لا يعني انتفاء العلاقة بين السلطتين، وأشار الرميد أن الوزارة استجابت لمختلف المقترحات ،بما فيها مقترحات نادي القضاة واعتمدت بعضها ،ففيما يتعلق بالتقليص من مدد الأقدمية للترقي بين الدرجات، تم اعتماد مقترح النادي حيث تم تخفيض المدة إلى ست سنوات، فيما اعتبرت أن مقترح انتخاب الوكيل العام والرئيس الأول لمحكمة النقض من طرف جميع قضاة المملكة غير ممكن أن يتم في الوقت الحالي لأن الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية ويجب التدرج حتى تنضج العقليات، حسب قول الوزير.