رفضت حكومة جنوب السودان إطلاق حلفاء رياك مشار النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت المعتقلين لديها، في حين أشادت واشنطن بالجهود التي يبذلها رئيس السودان عمر البشير لحل النزاع الدائر في جنوب السودان. فقد رفضت دولة جنوب السودان مطلب المتمردين الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين لديها ، بعدما اجتمع الجانبان لفترة قصيرة لأول مرة أول أمس الثلاثاء في أديس أبابا ضمن إطار مفاوضات السلام الرامية إلى إنهاء القتال الذي دفع البلاد إلى شفا حرب أهلية. وقال يوهانس موسى فوك المتحدث باسم وفد مشار لرويترز في أديس أبابا حيث تجرى المحادثات، «إنهم يدمرون العملية كلها». وأضاف فوك الذي كان يتحدث بعد أن رفضت الحكومة مطلب المتمردين الإفراج عن 11 سياسيا من حلفاء مشار، «لكننا لن ننسحب من المحادثات، فما زلنا نأمل أن يثوبوا إلى رشدهم». وتركز المحادثات التي تجرى في إثيوبيا على التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء العنف المستمر منذ ثلاثة أسابيع والذي أودى بحياة ألف شخص على الأقل وشرد 200 ألف آخرين. وبدأت المحادثات الثلاثاء الماضي، لكنها انفضت سريعا للتشاور في جوبا حول مصير 11 محتجزا اعتقلوا العام الماضي بسبب مؤامرة انقلاب مزعومة، وكان المتمردون يطالبون في البداية بالإفراج عنهم قبل المحادثات. وقال نيال دينق نيال رئيس وفد حكومة جنوب السودان في المحادثات في مؤتمر صحفي بجوبا، إن الرئيس سلفاكير أوضح لفريق مبعوثي مجموعة هيئة التنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) الذين زاروه أنه لن يتم الإفراج عن المحتجزين على الفور. وأضاف نيال أن سلفاكير أبلغ الزائرين بأنه يسعده الإفراج عن المحتجزين شريطة الانتهاء أولا من الإجراءات القانونية الواجبة. وتصر جوبا على إجراء التحقيق مع المحتجزين وسيواجه من يسند إليهم ارتكاب أي جرم بالإجراءات القانونية المتبعة. وأشادت الخارجية الأميركية أول أمس الثلاثاء بالجهود التي يبذلها الرئيس السوداني عمر البشير لحل النزاع في جنوب السودان. وكان البشير قد زار جوبا الاثنين الماضي، وبحث مع نظيره سلفاكير نشر قوة مشتركة بين البلدين من أجل حماية حقول النفط في جنوب السودان. وقالت المتحدثة باسم الوزارة الأميركية جينيفر بساكي للصحفيين «حسب معلوماتنا على الأرض، لا شيء يدل على أن السودانيين يلعبون دورا سلبيا، وهم يعملون من أجل مفاوضات سلام» بين المتنازعين في جنوب السودان. وأشادت بساكي بالزيارة التي قام بها البشير لجوبا، ولكنها أبدت تقييما حذرا للدور الذي يؤديه الرئيس السوداني. وأقرت بساكي بأن واشنطن «ما زالت قلقة من أمور عدة تتعلق بماضي البشير». وأشارت من جهة أخرى إلى أن الوزير جون كيري اتصل مرة جديدة الاثنين الماضي، بالرئيس سلفاكير «وطلب منه إطلاق سراح المعتقلين السياسيين فورا»، في إشارة إلى 11 شخصا مقربين من مشار ومتهمين بتدبير انقلاب عسكري على سلفاكير يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي. ميدانيا، أعلن مصدر بجيش جنوب السودان أن قواته تواصل التقدم نحو بور عاصمة ولاية جونقلي شرقي البلاد، مشيرا إلى أن السيطرة على المدينة لا يفصلها سوى ساعات. غير أن موسيس رواي لات الناطق باسم قوات مشار اعتبر أن تصريحات الجيش الحكومي لا تعدو أن تكون ضربا من الدعاية، مضيفا أن قواته تملك زمام المبادرة في بور ومدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة، وشدد على أن واشنطن تضغط على مشار لعدم اقتحام العاصمة جوبا. من جهة أخرى، قالت الأممالمتحدة إن المعارك ما زالت متواصلة حول مدينة بور الإستراتيجية، وحذر المتحدث باسمها فرحان حق من نفاد الإمدادات في قاعدة تابعة لبعثة حفظ السلام تأوي آلاف اللاجئين في مدينة بور بسبب القتال الدائر حول المدينة. وقال للصحفيين في نيويورك إن إمداد قاعدة مدينة بور التي لجأ إليها نحو تسعة آلاف مدني «أصبح قضية حرجة». وتابع «لقد تم استنفاد القدرات الطبية إلى أقصى درجة ممكنة». وتشهد دولة جنوب السودان منذ 15 ديسمبرالماضي معارك بين الجيش الحكومي وقوات موالية لمشار أوقعت ألف قتيل وتسببت بنزوح نحو مائتي ألف شخص. والنزاع سببه خلاف سياسي قديم بين الرئيس ونائبه السابق الذي أقيل في يوليو الماضي. ويتهم سلفاكير مشار بتدبير محاولة انقلاب ضده، وهو ما ينفيه الأخير متهما بدوره سلفاكير بالسعي لتصفية أنصاره.. ويواجه الطرفان اتهامات بارتكاب فظاعات ذات طابع قبلي حيث التنافس بين قبيلتي الدينكا التي يتحدر منها سلفاكير، والنوير التي ينتمي إليها مشار.