عاد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلى المشهد السياسي في الأراضي الفلسطينية بعد أن احتل خبر تأكيد التحاليل الطبية وفاته مسمومًا بمادة البولونيوم المشع واحتلت صور عرفات وما خلص إليه خبراء سويسريون من فحوصاتهم على عيِّنات من رفات عرفات بأنه مات مسمومًا بمادة البولونيوم حيزًا واسعًا في وسائل الإعلام الفلسطينية، في حين جدَّدَت إسرائيل، أمس الخميس، نفيها أن تكون مسؤولة عن قتله، بينما أعلن مدير مكتب شارون أنه كان مهمشا في أيامه الأخيرة. تقرير للطب الشرعي يؤكد وفاته بمادة البولونيوم أفاد تقرير لخبراء بالطب الشرعي في سويسرا بأن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ربما مات مسموما بمادة البولونيوم المشع. وتشير سجلات عرفات الطبية إلى أنه مات في عام 2004 جراء إصابته بجلطة ناجمة عن اضطراب في الدم. وكانت رفاته استخرجت العام الماضي وسط تواصل المزاعم بأنه مات مسموما. وجاء في التقرير السويسري، الذي نشرته قناة الجزيرة الفضائية والغارديان البريطانية، أنه عثر على «معدلات مرتفعة بصورة غير متوقعة» من البولونيوم المشع، مما يؤيد «بصورة معقولة» نظرية أنه مات مسموما. لكن الخبراء أكدوا وجود مشاكل عدة في التحقيق الذي أجروه، بما في ذلك أن التحقيق مبني على عينات محدودة، وأن الفارق بين تاريخ الوفاة وإجراء الفحوصات ثماني سنوات. وتسلّمت لجنة التحقيق الفلسطينية في قضية استشهاد عرفات، برئاسة اللواء توفيق الطيراوي، وبحضور رئيس اللجنة الطبية في لجنة التحقيق د. عبد الله البشير في العاصمة السويسرية جنيف، الثلاثاء، تقرير «معهد لوزان السويسري» عن التحاليل التي أجراها المعهد على العينات المأخوذة من رفات الشهيد في 27/11/2012. وكانت اللجنة تسلمت تقرير المركز الروسي للطب الجنائي الذي أعدّه بطلب رسمي فلسطيني في رام الله يوم 2/11/2013. ويعكف الخبراء والاختصاصيون على دراسة التقارير من الطرفين لاستخلاص النتائج وإعلام الشعب الفلسطيني بها، حال الانتهاء من دراستها ومعرفة مضمونها العلمي. وكانت الفرق المختصة الروسية والسويسرية، بالإضافة إلى اللجنة القضائية الفرنسية قد عملت تحت إشراف ومسؤولية الطب الجنائي الفلسطيني قانونيًا، وبمسؤولية النيابة العامة الفلسطينية، لأخذ العينات اللازمة من جثمان الشهيد وإجراء التحاليل المطلوبة، بناءً على التفاهمات الرسمية مع الجهتين بهذا الخصوص. «اغتيال سياسي» قالت سها عرفات، أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل، إن نتائج التقرير كشفت «جريمة حقيقية.. اغتيال سياسي». ونقلت وكالة رويترز عن سها عرفات قولها «أكد هذا كافة شكوكنا.. لقد ثبت علميا أنه لم يتوفى طبيعيا.. ولدينا دليل علمي أن هذا الرجل قتل.» ولم تذكر سها أسماء مشتبهين وقالت إن زوجها كان له الكثير من الأعداء وهو على قيد الحياة، بحسب رويترز. وفي غضون ذلك، يجري خبراء فرنسيون وروس وفلسطينيون تحقيقات أخرى في سبب وفاة عرفات. وقال مسؤول روسي الشهر الماضي إنه لم يتم العثور على أي آثار لمادة البولونيوم. والبولونيوم-210 مادة فائقة الإشعاع. وتوجد هذه المادة بمستويات منخفضة في أغذية ويولدها الجسم بصورة طبيعية. لكن الجرعات الكبيرة من هذه المادة بوسعها أن تكون قاتلة. وكانت أرملة عرفات قد اعترضت عند وفاته على تشريح الجثة، ولكنها طلبت من السلطة الفلسطينية السماح باستخراج الرفات «لكشف الحقيقة». واستخرجت رفات عرفات من قبره في رام الله في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 وأعيد دفنها في اليوم ذاته بعد استخلاص عينات. وفي الشهر الماضي نقلت وكالة انترفاكس الروسية عن فلاديمير اويبا رئيس الوكالة الروسية الفدرالية الطبية البيولوجية قوله أن عرفات «لا يمكن أن يكون قد توفي مسموما بالبلوونيوم»، وأضاف أن الاختبارات التي أجراها خبراء روس «لم تعثر على أي أثر للمادة». ولكن الوكالة نفت في وقت لاحق أن اويبا قدم أي تصريح رسمي عن النتائج. وأكد توفيق طيراوي رئيس فريق التحقيقات الفلسطيني الثلاثاء أن التقارير الروسية والسويسرية تم تسليمها. ويعتقد أن الفريق الفلسطيني سلم نتائجه يوم السبت. إسرائيل: الأمر لا يعنينا مطلقا قللت إسرائيل من إعلان مجموعة باحثين بسويسرا زعموا بأن رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات قد توفي على الأرجح من جراء تسميمه بمادة البولونيوم المشعّة. ونقل راديو (صوت إسرائيل) صباح أمس الخميس، عن الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله «إن هؤلاء الباحثين الذين فحصوا عينات من رفات عرفات لم يكونوا مستقلين بل تم توظيفهم في خدمة أجندة مغرضة تصب أصلا في مصلحة أرملة عرفات السيدة سهى» -على حد قولهم- . وأشار المسئول الإسرائيلي إلى الخلل البين في أداء الباحثين، خاصة أنهم لم يحصلوا من المستشفى الفرنسي الذي عالج عرفات قبل وفاته على ملفه الطبي، بالإضافة إلى عدم تحقيقهم في الآثار البيئية التي كانت ستترتب حتما على تعرض عرفات لمادة البولونيوم لو حصل بالفعل، علما بأن أيا من المحيطين به لم يتأثر بها . وأكد مسؤول الاحتلال الإسرائيلي أن الأمر بمجمله لا يعني إسرائيل مطلقا، لأنها غير مرتبطة بأي حال بوفاة عرفات . حماس تتهم إسرائيل اتهمت حركة "حماس" إسرائيل بمسؤولية "اغتيال" الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عرفات، مطالبة السلطة الفلسطينية بوقف المفاوضات مع إسرائيل، وذلك بعد نشر تقرير خبراء سويسريين يرجح أن تكون وفاة عرفات نتيجة تسممه بالبولونيوم. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة "حماس" في بيان صحافي إن "نتائج تحليل عرفات تؤكد أنه تعرض لعملية اغتيال وأن الوفاة ليست طبيعية، والحركة تتهم الاحتلال الإسرائيلي بالمسؤولية عملية الاغتيال". كما دعا البيان "السلطة في رام الله إلى إعلان وقف المفاوضات فورا في ظل هذه النتائج الخطيرة وإلى القيام بالتحقيقات اللازمة لكشف ذيول الجريمة".