أعلن وزير الداخلية الجديد أن مشاريع النصوص القانونية ذات الصلة بالانتخابات الجماعية المقبلة سينطلق التشاور السياسي الوطني بشأنها قريبا، كما توقع أن يتم تنظيم هذه الاستحقاقات في 2015، بدل العام المقبل كما كان يتوقع عدد من الفاعلين السياسيين. تتمثل الأهمية الأولى بالنسبة لهذا الموعد الانتخابي في بعده السياسي الاستراتيجي، ذلك أنه سيتيح للبنيان المؤسساتي أن تنتظم كل حلقاته ضمن منطق الدستور الحالي للمملكة، ولن تبقى البلاد آنذاك تسير عرجاء، أي بمنطقين دستورين مختلفين، فضلا على أن الأمر لا يخلو من تكريس للإصرار المغربي على انتظامية حياته الديمقراطية، أي أن الجميع سيخرج حينها من ارتباكات الشك والتردد و...»الخوف»، وبالتالي إعادة البلاد إلى حياتها المؤسساتية الديمقراطية الطبيعية، وفق ما يقتضيه النص الدستوري. أما التحدي المطروح على المغاربة بمناسبة هذا الاستحقاق المرتقب، فيبقى هو انتخاب كفاءات سياسية تمتلك المعرفة والمهارة، وأيضا المصداقية السياسية والأخلاقية، والروح الوطنية، والاستعداد للارتقاء بالعمل الجماعي والجهوي في بلادنا إلى المستويات التي تقتضيها الانتظارات الاجتماعية والتنموية لشعبنا. إن ما تحدث عنه جلالة الملك لدى افتتاحه الدورة البرلمانية الأخيرة بخصوص الدارالبيضاء، يجب أن يبقى راسخا في أذهان كل الفاعلين السياسيين، ولدى الناخبات والناخبين، كما أن ما تنقله يوميا الصحف الوطنية والمواقع الالكترونية من فضائح واختلالات بعديد جماعات حضرية وقروية، لابد أيضا أن يحفز شعبنا على المشاركة المكثفة في التصويت أولا، وعلى حسن اختيار المنتخبين القادرين على التدبير الجيد والنزيه للشأن الجماعي والجهوي. لابد إذن أن يتحقق الإقبال الشعبي المكثف على التصويت، ولابد أن تقدم الأحزاب مرشحات ومرشحين يمتلكون الكفاءة والنزاهة اللازمتين، بالإضافة إلى ضرورة الحرص الجماعي على نزاهة الاقتراع ومصداقيته، وعلى توفير ترسانة قانونية وتنظيمية عصرية وتستحضر مختلف الرهانات المطروحة اليوم على تجربتنا الجماعية والجهوية. ولكسب هذا التحدي الكبير والجوهري، من الضروري تقوية النقاش السياسي العمومي حوله، وتمتين التشاور السياسي من الآن، وأيضا تبني الأحزاب لتفكير يتجاوز الحسابات الصغيرة جدا، ولا يكون رهينة ضغوط اللوبيات المصلحية والانتفاعية و»الشناقة». إن الانتخابات الجماعية لا تعني فقط المصالح اليومية المباشرة للناس، أو فقط المعيش اليومي للمغاربة وواقع مدنهم وأريافهم وفضاءات عيشهم، ولكنها تؤثر في مؤسسات منتخبة أخرى مثل مجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات ومجلس المستشارين، ومن ثم فهي تكتسي طبيعة وطنية لا تخفى أهميتها السياسية والمؤسساتية، ولذلك أيضا لابد من الوعي الجماعي برهاناتها، والتفاف كافة الأطراف على العمل من إنجاحها. المطلوب إذن اليوم هو التفكير في مشاريع القوانين، وفي الآليات، وفي مضمون الاستحقاقات وانعكاساتها، وفي النتائج المطلوبة منها، وأيضا في الرفع من مستوى الحوار السياسي بشأنها، وذلك بدل التيه مجددا في الشكليات والهوامش ومزاجية الأشخاص. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته