بنعبد الله يدعو للانتباه للملفات الكبرى بدل الخوض في «قبلة الفايسبوك» أمر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور بإطلاق سراح ثلاثة أطفال قاصرين اعتقلوا الأسبوع الماضي على خلفية نشرهم صور تبادلهم للقبل على شبكة الفيسبوك، ومتابعتهم في حالة سراح. وأفاد بيان لوكيل الملك بالمحكمة ذاتها، أن «الاطفال الثلاثة القاصرين الذين سبق إيداعهم مركز حماية الطفولة في نهاية الأسبوع الماضي تقدموا بطلب» استجاب له قاضي الأحداث «وقرر تسليمهم إلى أولياء أمورهم»، على أن يمثلوا أمام نفس الهيئة خلال الأسبوع الجاري، وهم في حالة سراح مؤقت. وقد أثارت هذه القضية التي باتت تعرف ب»قبلة الفايسبوك» استياء المنظمات الحقوقية والتربوية وكذا العديد من الفعاليات السياسية التي اعتبرت الزج بقاصرين في السجن لمجرد قبلة انتكاسة وعودة إلى الوراء في مجال الحريات الفردية والجماعية التي ناضل من أجلها الشعب المغربي وكرسها دستور 2011. وفي تصريح لبيان اليوم، طالب محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، بضرورة إسقاط المتابعة في حق هؤلاء القاصرين، وتوقيف محاكمتهم، مشيرا إلى أن قرار وكيل الملك تمتيعهم بالسراح المؤقت، أمر إيجابي، لكنه لن يكتمل إلا بإسقاط المتابعة وإيقاف المحاكمة في حقهم. ووصف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اعتقال هؤلاء الشباب لمجرد قبلة نشروها على الفايسبوك، ب»الأمر الغريب» و»المثير للسخرية»، وأن هذا الأسلوب أصبح متجاوزا وأكل عليه الدهر وشرب، مضيفا أن «هذه الواقعة تعيدنا عقودا إلى الوراء، في وقت يعج للمغرب بملفات وقضايا أخرى يتعين أن يهتم بها عوض الخوض في الحياة الشخصية للمراهقين». وذهب أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في نفس المنحى، حيث أكد في تصريح لبيان اليوم، أن متابعة قاصرين أمام القضاء لمجرد قبلة نشروها على حائطهم الشخصي بالفايسبوك، أمر مثير للاستغراب، ومؤشر سلبي ينضاف إلى مؤشرات سلبية أخرى في مجال انتهاك الحريات الشخصية والفردية بالمغرب. وشدد الهايج على أن قبلة على الفايسبوك بين شابين مراهقين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ندرجها ضمن المس بالحياء العام، ولا يمكن أن تكون موضوع متابعة قضائية، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حينما تدافع عن الحقوق والحريات الفردية للمواطنين والمواطنات، فإن هذا الدفاع لا يذهب إلى مستوى يتيح ممارسة هذه الحريات بشكل يخدش الحياء العام. بيد أن « ممارسات من نوع موضوع المتابعة، يقول أحمد الهايج، « لا يمكن أن ندرجه ضمن خانة الخدش بالحياء العام، فالقبلة سلوك حضاري، لا يمكن أن تكون موضوع متابعة قضائية». من جانبه، طالب رشيد روكبان رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، بإسقاط المتابعة في حق هؤلاء الأطفال القاصرين، الذين لم يرتكبوا جرما يستحق هذه المتابعة، التي ستكون لها انعكاسات سلبية على نفسيتهم ووسط زملائهم وأسرهم. وحذر روكبان من السقوط في بعض الممارسات التي تغلف بالقانون، لكنها تسيء إلى صورة المغرب في الداخل والخارج، وتوحي بأن هناك تراجعات عن المكتسبات التي ناضل من أجل الشعب المغربي وكرسها دستور 2011، مشيرا إلى ضرورة التعامل مع النص القانون وفق قراءة انسانية انطلاقا من القيم التي يتأسس عليها المجتمع المغربي والمتمثلة في قيم التسامح والانفتاح والحرية واحترام كرامة الأشخاص وحرمتهم الشخصية. ويشار إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور كان قد أمر بمتابعة اليافعين الثلاثة في حالة اعتقال، على خلفية شكاية تقدمت بها إحدى الجمعيات التي قالت إنها تعمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، طالبت فيها من وكيل الملك فتح تحقيق ضد هؤلاء القاصرين بدعوى إخلالهم بالحياء العام. وجاءت شكاية هذه الجمعية، بعد نشر هؤلاء اليافعين الثلاث لصورة أحدهم يقبل صديقته، فيما التقط الثاني صور التقبيل ووضعها على شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك، حيث وصفت هذه الجمعية سلوك هؤلاء اليافعين ب»العمل الخطير الذي يضرب في العمق التربية والثقافة المغربية ويهز مشاعر المواطنين»، وأن هذه الصورة، حسب هذه الجمعية «خلقت جوا لا يبث الطمأنينة والهدوء في أوساط التلاميذ وأسرهم». وبمجرد تلقيها لشكاية هذه الجمعية، تحركت مصالح الضابطة القضائية، بسرعة، لإحالتهم على النيابة العامة التي قررت وضع القاصرين الثلاثة تحت الحراسة النظرية من أجل تعميق البحث، وبعد ذلك قرر قاضي الأحداث، وضعهم رهن المراقبة القضائية بمركز حماية الطفولة التابع لوزارة الشباب و الرياضة بالناظور، وإحالة اليافعة على ذات المرفق بمدينة فاس لانعدام جناح خاص بالفتيات في مركز الناظور، قبل أن يأمر وكيل الملك بتسيلمهم إلى أسرهم ومتابعتهم في حالة سراح.