*امحمد كرين عضو مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية أسبوع إلى 10 أيام كافية للخروج من حالة الانتظارية كيف تنظرون إلى وضعية الجمود والانتظارية التي يعرفها الوضع السياسي بالمغرب؟ يجب الإقرار أولا أن الوضعية السياسية بالمغرب تتسم بالانتظارية والأمور طالت أكثر من اللازم، منذ انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة، بالنظر إلى الأوضاع العامة التي تعرفها البلاد، والوضعية التي تعيشها المنطقة على العموم، وأيضا بالنظر إلى الملفات التي يجب على الحكومة أن تباشرها.. وبالتالي فإنه بات من المفروض على الفاعلين السياسيين إيجاد صيغة مستعجلة للخروج من هذه الحالة. وفي تقديري فإن فترة أسبوع إلى 10 أيام المقبلة كافية لإيجاد مخرج لهذه الانتظارية، إما بإعادة النظر في الحكومة، وهذا ما نتمناه جميعا، وإما باتخاذ قرارات أخرى. وما يهم اليوم هو انفراج هذه الحالة لأن تطلعات البلاد أكبر من أن ترهن بحسابات أخرى، وأصبح من غير المطاق استمرار الوضع إلى أكثر من هذا. ما هي الأفاق المستقبلية لعودة الأمور إلى طبيعتها؟ أظن أن جميع الفاعلين السياسيين، من رئيس الحكومة، وباقي مكونات الأغلبية، بالإضافة إلى الحليف المستقبلي، التجمع الوطني للأحرار، لديهم الآن ما يكفي من المعطيات ووضوح في الرؤية للعمل من أجل الوصول إلى تشكيل الحكومة، أو الإعلان عن عدم التوصل إلى أي تفاهم أو صيغة توافقية، ولا يمكن القول بعكس ذلك. فبالإضافة إلى قضايا الدخول السياسي والتشريعي، والأوراش المنتظرة، لا يجب إغفال أن الحكومة ينتظرها إعداد مشروع القانون المالي لسنة 2014، الذي عرف تأخيرا بدوره بسبب حالة الانتظارية التي يعرفها المشهد السياسي، وهي كلها أمور تستدعي من هؤلاء الفاعلين أن يتعاملوا معها بالجدية اللازمة، وأن يستحضروا في تعاملهم مصلحة الوطن والمواطنين. وهذا ما يجعلنا نقول إن الأيام القادمة يجب أن تكون حاسمة للخروج من هذه الحالة. ماهي السيناريوهات المحتملة لتجاوز هذه الحالة؟ يبدو لي أن سيناريو انضمام التجمع الوطني للأحرار إلى الأغلبية هو الأقرب إلى الواقع والأسهل عمليا، والذي لن يكلف المغرب لا اقتصاديا ولا ماليا. وهذا ما يقتضي من الجميع جعل المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، بعيدا عن سياسة شد الحبل التي لا تجدي نفعا في هذه الظرفية بالذات. فقد حان وقت الحزم والجدية، ولا يحتمل الأمر تأخيرا أكثر من هذا لوضع قطار الحكومة في سكته، والانكباب على الأوراش التي تنتظر المغرب، فالأمور «بدات كتحماض». هل لوضع الانتظارية هذا انعكاسات على المستوى الاقتصادي؟ بدون شك، بالرغم من أن الظرفية الحالية كانت لصالحنا، حيث أن المداخيل السياحية عرفت انتعاشا ملموسا، وهذا راجع إلى أن الأزمة السياحية التي تعرفها بعض البلدان، كتونس ومصر وتركيا، جعلت المغرب وجهة للسياح، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المغاربة المقيمين بالخارج الذين جاؤوا لقضاء عطلة الصيف ببلدهم، وما استتبع ذلك من ارتفاع تحويلاتهم المالية، دون نسيان الانتعاش النسبي لاقتصاد الدول الأوربية، وأيضا ولله الحمد النتائج الجيدة للموسم الفلاحي، وكلها ظروف ساعدتنا كثيرا... إلا أن حالة الوضعية السياسية تلك تلقي بظلالها على المغرب، خصوصا على مستوى الاستثمارات. وبالتالي فإن على المغرب تجاوز هذه الانتظارية القاتلة، بالنسبة للمرحلة الدقيقة التي يجتازها، وبالنظر إلى الأوضاع العامة في المنطقة، خصوصا في ظل ما تعرفه مصر والأزمة السورية وتداعياتها على بلدان المنطقة. فضلا على أن ملفات أخرى تنتظر المغرب منها جلب الاستثمارات، وقضية وحدتنا الترابية التي دخلت منعطفا حاسما يقتضي تظافر جهود كافة الفاعلين. *الميلودي مخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ليس من المعقول أن تبقى البلاد رهينة للأزمة السياسية يبدو أن هناك حالة من الانتظارية على مستوى الحكومة التي مازالت منهمكة في هيكلة نفسها ورهن مستقبل البلاد اقتصاديا واجتماعيا لفترة أخرى. كيف تنظرون إلى هذه الوضعية؟ نحن في الاتحاد المغربي للشغل نعتبر أنه ليس من المعقول أن تتذرع الحكومة بالأزمة السياسية، وأن تبقى البلاد رهينة لهذه الأزمة. نحن لا نقبل هذا المبرر في وقت هناك قضايا وملفات عديدة تتطلب تسوية عاجلة. نحن نعتبر أن هناك استمرارية للدولة والحكومة، وبالتالي يجب أن تستمر المفاوضات. وهذا لا يتطلب سوى الإرادة السياسية وهاجس حماية القانون والحريات. فهناك نزاعات جماعية كبرى راح ضحيتها عمال بالآلاف. إننا في خضم دخول اجتماعي، وهو ما يعني بالنسبة لنا كنقابة وكممثلي الطبقة العاملة، مناسبة لانطلاق حوار اجتماعي ومفاوضات جماعية خاصة والعديد من الملفات الاجتماعية معلقة تنتظر التسوية. لكن نسجل بأسف عميق أن الحوار الاجتماعي، الذي يعد مكونا من المكونات الأساسية للعلاقات المهنية مازال معطلا، بل دعني أقول إنه منعدم. كما نسجل أن المشاورات التي تم عقدها مع الحكومة والتي طرحنا خلالها ملفاتنا حول مواضيع مضبوطة، مازالت لم تتم الاستجابة لها أو حتى متابعتها. في هذا الصدد نعتبر أن أولوية الأولويات تتمثل في الحريات النقابية وهي حق دستوري بل جزء من حقوق الإنسان التي تضمنها كل المواثيق الدولية، هذا الحق يتم خرقه على مرأى ومسمع من السلطات العمومية. وهنا أعطي مثالا لهذا الخرق حيث تم مؤخرا طرد 20 من مستخدمي النقل الحضري بفاس لا لذنب سوى لأنهم طالبوا بتطبيق قوانين الشغل. وهي نفس الأسباب التي أدت إلى التخلي عن 1400 من البحارة والضباط بمدينة طنجة. هناك ملفات أخرى تنتظر المعالجة من الحكومة كالزيادة في الأجور، بتحريك السلم المتحرك للأجور والأسعار، والمفاوضات القطاعية وملف إصلاح منظومة التقاعد وغير ذلك. لكن للأسف الحوار معطل سواء على الصعيد الوطني أو القطاعي. لكن الحكومة لم تحرك لحد الآن أي مساعي للاستجابة والتفاعل مع هذه الملفات العالقة والمستعجلة؟ لقد بعثنا في الاتحاد المغربي للشغل بمراسلات لرئاسة الحكومة في هذا الشأن لكن لم تجد آذانا صاغية. هناك احتقان اجتماعي كبير، والاتحاد المغربي للشغل نبه وينبه الحكومة لهذا الوضع الخطير. فهذا الوضع للأسف لا يبشر بالخير خاصة في العلاقات المهنية. وأود هنا أن أضيف إلى هذه المشاكل مشكلا خطيرا أيضا يتعلق بالعمل الهش الذي أصبح قاعدة، فالعمل العابر والمؤقت أصبح يشمل كل القطاعات بما فيها تلك القطاعات التي كان فيها استقرار للشغل وقاعدة عمالية كبيرة. ما الذي تعتزمون القيام به في مواجهة هكذا وضع؟ لقد قررنا في الاتحاد المغربي للشغل توجيه مذكرة إلى رئيس الحكومة نطرح فيها المشاكل الاجتماعية العالقة ونطلب منه مراجعة منظوره للحوار الاجتماعي الذي نريده حوارا بكل معنى الكلمة يعود بالخير وبالنتائج الملموسة على الشغيلة المغربية. هذا الحوار نريد له مضمونا وأهدافا واضحة تتمحور حول قضايا محددة وليس جلسات للدردشة. وفي هذا الإطار قمنا في المذكرة التي سنوجهها لرئيس الحكومة بتشخيص الوضع الاجتماعي وأوضاع الشغيلة وظروف عملها وسجلنا حالات ضرب الحريات النقابية وخرق قوانين الشغل. كما طرحنا الملفات الكبرى العالقة واقتراحات الاتحاد المغربي للشغل العملية. فحينما تقول الحكومة بالأزمة الاقتصادية نحن نقول أن حماية القانون والحريات النقابية لا تتطلب موارد مالية كما أن نهج المفاوضات الجماعية القطاعية لا يرتبط بالظروف السياسية بل فقط بالإرادة السياسية. *عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية طبيعي أن تستغرق المفاوضات كل هذا الوقت مع حزب كان في المعارضة ورفض برنامج الحكومة كيف تنظرون لحالة الانتظارية التي باتت تسم راهن المشهد السياسي بالبلاد؟ أولا أنا لدي تحفظ على استعمال مصطلح «الانتظارية» هذا، لأني أرى أن الوقت الذي تستغرقه المفاوضات عادي جدا، خصوصا أنها تزامنت مع ظرفية زمنية خاصة تتميز بخصوصيات اجتماعية وثقافية، كشهر رمضان وعيد الفطر والعطلة الصيفية، وكان طبيعيا أن تكون لهذه العوامل آثار على سير المفاوضات. في نظري إننا نعيش مرحلة انتقال ديمقراطي مطبوعة بعدة معطيات، على رأسها التحول من ثقافة دستور سنة 1996 إلى ثقافة جديدة يستلزمها دستور 2011. وأعتقد أن ما نعيشه اليوم محصلة طبيعية لهذه الوضعية، ولكننا نظل متفائلين بأننا سننجح جميعا، بمعية حلفائنا، لرسم البوصلة الحقيقية لهذا التغيير. وفي جميع مراحل الانتقال الديمقراطي تقع ارتدادات وارتباكات لأطراف العملية السياسية، ومن الضروري وجود إرادة سياسية وإرادة للإصلاح لتجاوز هذه الارتدادات، التي تجد تفسيرها في محاولة أصحاب النفوذ ومراكز القرار الحفاظ على مصالحهم، والتكتل من أجل مقاومة أي تغيير. ما هي السيناريوهات المحتملة للخروج من هذه الوضعية؟ ليست هناك سيناريوهات كثيرة أمامنا. ويبقى استمرار الحكومة الحالية في مباشرة مهامها الإصلاحية، من خلال تطعيمها لبناء أغلبية جديدة هو السيناريو الذي يفرض نفسه بإلحاح، وهو الذي ستكون نتيجته المباشرة ترميم الحكومة الحالية ودعمها بأغلبية برلمانية جديدة، على أرضية المشاريع الإصلاحية التي انطلقت بها بما يخدم مصلحة الوطن والاستجابة لانتظارات وتطلعات المواطنين. وإلا فإن السيناريو الآخر المحتمل هو العودة إلى الإرادة الشعبية. ما هو السيناريو الأقرب إلى التحقق والذي لن يكلف المغرب كثيرا؟ الواضح أن ترميم الأغلبية ودعمها بأغلبية برلمانية جديدة هو الأقرب إلى الواقع. والحديث عن كلفة اقتصادية ومالية في تقديري ليس من الدفوعات الحقيقية، لأن الانتخابات في الواقع لا تكلف ميزانية الدول كثيرا على المستوى المالي. وما يهمنا هنا هي الكلفة السياسية، لأننا في الواقع مطالبون بالحفاظ على الاستثناء المغربي، كتجربة نموذجية أدهشت العالم، وجنبت المغرب الوصول إلى ما وصلت إليه العديد من البلدان الأخرى في المنطقة، والتي لم تخرج بعد منها. وأعتقد أن من مصلحة جميع الفاعلين وأطراف العملية السياسية الحرص على الحفاظ على الاستقرار والوحدة التي ينعم بهما المغرب، خلافا لكثير من الدول الأخرى|. الكثير يتحدث عن الانعكاسات السلبية للوضعية الحالية على الاقتصاد المغربي؟ طبيعي جدا أن تكون هناك انعكاسات من هذا القبيل، ولكن ما يجب ألا يغيب عن أذهاننا هو أنه من الطبيعي جدا أن تستمر المفاوضات كل هذا الوقت مع حزب سبق له أن رفض برنامج الحكومة، وكان ينتمي إلى المعارضة، فله حتما وجهة نظر خاصة يجب الاستماع إليها. ولا بد من الإشارة إلى أن الوضعية الحالية جزء كبير منها يعود إلى الغموض وعدم التواصل الذي يلف سير المفاوضات، وهذه مسؤولية يتحملها كل الأطراف، بسبب التكتم الشديد على سير المفاوضات الجارية الآن، على عكس التجربة الحالية في بدايتها التي طبعها تواصل دائم مع الرأي العام. فالرأي العام اعتاد في بدابة هذه التجربة أن يطلع على كل التفاصيل التي يجريها الحلفاء، على خلاف الآن. وهذا يقتضي العودة إلى ما دأب عليه الفاعلون في بداية التجربة الحالية. *سعيد أمسكان الأمين العام بالنيابة للحركة الشعبية الانتظارية التي تعيشها البلاد لم نكن في حاجة إليها وانسحاب حزب الاستقلال لم يكن قرارا حكيما هل كان المغرب، في نظركم، في حاجة لهذا الوضع السياسي المتسم بالانتظارية خاصة وأن السياق الإقليمي والدولي يعرف ارتباكا كبيرا سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي؟ أعتقد أن ما وصلنا إليه الآن، لم نكن في حاجة إليه، لأنني شخصيا كنت أعتقد أن هناك نضجا كبيرا في البلاد بالنسبة للطبقة السياسية، وأن هناك وعيا بما يجري حولنا في بعض البلدان العربية التي تعيش وضع اللاستقرار وكذا انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية الأوربية على المغرب. من ناحية ثانية، هناك ملفات أكبرى ومصيرية يتعين أن تعالج بالسرعة المطلوبة لأنها لم تعد تحتمل مزيدا من الانتظار كملف التقاعد وصندوق المقاصة، وكذا الانكباب على معالجة العجز الذي تعرفه الميزانية العمومية والذي وصل إلى حدود 8%، وبالتالي فقد كنت أعتقد، وحتى وإن كان هناك شعور بالغبن بالنسبة لطرف سياسي ما حول عدد المقاعد الوزارية أو عدم استوزار أشخاص بعينهم، أنه ليس من اللائق أن تطرح مثل هذه المشاكل الآن، لأن مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. انسحاب حزب الاستقلال لم يكن في نظري قرارا حكيما، ولم تكن هناك نظرة حكيمة للأمور، لأن التغيير كان من الممكن أن يحدث بشكل ديمقراطي، وكان من الممكن انتظار سنتين لإجراء انتخابات تشريعية في موعدها، وحينها نترك القرار للشعب الذي سيعبر عن رأيه بشكل واضح عبر صناديق الاقتراع، أعتقد أن سنتين لا تساوي شيئا في عمر الأمم والشعوب، فكم من حكومة عشناها بسلبياتها ولم يحدث شيئا، إن تغيير المشهد السياسي يتم عبر الانتخابات أي عبر الاقتراع الحر والمباشر، وهي الوسيلة التي تمارس من خلالها جميع الديمقراطيات في العالم. ألا ترون أن هذه الانتظارية التي باتت تسم الحياة السياسية الوطنية لقرابة السنة، حتى قبل إعلان حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة، سيكون لها تأثير سلبي على الوضعية العامة في البلاد؟ صحيح أن هذه الانتظارية التي يعرفها المشهد السياسي، جراء مفاوضات تشكيل الحكومة، والتي طالت أكثر من اللازم، ستكون لها انعكاسات سلبية على الوضعية العامة في البلاد، سواء على الاستثمار أو على مستوى القرارات الكبرى التي تهم الشأن العام الوطني والتي لها علاقة بالعديد من الملفات الحيوية التي لم تعد تحتمل الانتظار، خاصة وأن جميع المؤشرات توضح أن هذه الانتظارية لها وقع على المالية العمومية وعلى الملفات الكبرى كنظام التقاعد الذي ينذر بالإفلاس مع بداية سنة 2014 إذا لم تكن هناك حلول جذرية، وصندوق المقاصة الذي يزداد تأزما بفعل ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية، وصعوبة البحث عن موارد جديدة لتمويل هذا العجز خاصة مع ارتفاع كتلة الأجور، أعتقد أن هذه المشاكل الكبرى لها الأولوية القصوى قبل الاهتمام بالمشاكل الشخصية والمشاكل السياسية الضيقة. ما هي في نظركم الآفاق الممكنة لهذه الوضعية، خاصة في المشاورات الجارية مع حزب التجمع الوطني للأحرار من أجل تشكيل أغلبية جديدة؟ حتى في حال انضمام حزب التجمع الوطني للأحرار للحكومة الحالية، هل سيكون هناك انسجام بين مكونات الأغلبية الجديدة أم لا؟ خاصة بعد ما لاحظناه من تبادل الاتهامات عبر مختلف وسائل الإعلام بين بعض المكونات، لست أدري كيف يمكن أن يجلسوا على طاولة واحدة، ولكن للضرورة أحكام، ولأننا في حاجة إلى أغلبية عددية في البرلمان، خاصة وأن قانون المالية مهدد بالتأخير، وأن الأمور ستزداد سوءا إذا استمرت الأمور على هذا الوضع. إلى حد الآن، أي ستة أشهر قبل انسحاب حزب الاستقلال وشهرين على انسحابه، أي قرابة السنة ونحن نعيش هذه الوضعية المتأزمة، أعتقد أن للبلاد علينا حقوقا، وأنه يتعين على الجميع أن يتصرف بحكمة وبرزانة أكبر، وأن يكون لدى الجميع درجة عالية من الوعي بالخطورة التي تواجه البلاد في كل المجالات وخاصة المجال الاقتصادي، ما يفرض على الجميع تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة السياسية الضيقة وعلى المصلحة الحزبية والشخصية. *حسن طارق عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي نحن على أبواب دخول برلماني جديد يحتاج لمعارضة وأغلبية تعيش البلاد وضعية أزمة سياسية منذ قرابة السنة، أثرت على مختلف مناحي الحياة العامة بالبلاد، ما هو في نظركم التوصيف الممكن لهذه الوضعية؟ إذا كان هناك من توصيف ممكن، فنحن نعيش تبعات أزمة حكومية انطلقت رسميا في الأسبوع الأول من شهر ماي الماضي، رغم أن هذه الأزمة كانت لها إرهاصات سابقة، لكنها انطلقت بشكل رسمي مع إعلان حزب الاستقلال انسحابه من هذه التجربة الحكومية. الأكيد أن عامل الزمن هو الذي أثر على حجم هذه الأزمة، لأنه عمليا أربعة أشهر ونحن نعيش زمن اللاحكومة، حيث دخل الجهاز التنفيذي في حالة شلل تام، ولم تعد له القدرة على اتخاذ أي قرار من القرارت الكبرى، والتي تهم العديد من الملفات التي لم تعد تحتمل الانتظار، كملف التقاعد وملف العدالة الجبائية وصندوق المقاصة، وغيرها من الملفات الأخرى الحيوية وبالتالي فأربعة أشهر هي زمن مقتطع من الإصلاح، تحولت معه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، كل ذلك له أثار سياسية مهمة لا يتم الانتباه إليها، وإلا ما معنى حكومة سياسية؟ وما معنى تدبير الشأن العمومي في ظل الدستور الجديد؟ فعدم الانتباه إلى ذلك، يعطي الحجج للمدافعين عن التدبير السلطوي للشأن العام، أو للمدافعين عما يسمونه النجاعة التكنوقراطية. هل ثمة انعكاس لهذه الوضعية على الحالة الاقتصادية للبلاد؟ طبعا هناك انعكاسات سلبية لهذه الوضعية على الوضع الاقتصادي فالشركات والمستثمرون ليست لهم رؤية واضحة والسبب أنهم أمام جهاز تنفيذي غير واضح. في نظركم ما هي آفاق هذه الوضعية خاصة مع ما تعرفه مفاوضات تشكيل أغلبية جديدة، من تعثر؟ أعتقد أن هذه الوضعية لا يمكن أن تستمر هكذا، خاصة ونحن على أبواب دخول برلماني جديد، الذي يحتاج إلى أغلبية وإلى معارضة. وبالتالي هناك حاجة إلى أغلبية وإلى معارضة، فمن الحكمة أن يتم تدبير هذه الوضعية بما يلزم من احترام لإرادة المواطنين واحترام انتظاراتهم، فإما تسريع وثيرة المفاوضات من أجل تشكيل أغلبية حكومية جديدة أو اللجوء إلى خيار آخر، للخروج من هذه الانتظارية القاتلة. *جمال بلحرش رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية في الاتحاد العام لمقاولات المغرب الملفات الاجتماعية وشركاؤنا الاقتصاديون ينتظرون تحرك الحكومة وضعية الانتظارية التي يوجد فيها المغرب على الصعيد الحكومي غير مقبولة بالنسبة إلينا. فهناك العديد من الملفات والقضايا الاجتماعية والمتعلقة أيضا بمناخ الأعمال التي تعتبر جد هامة وتتطلب تسوية مستعجلة. هناك مثلا قضية التشغيل حيث نسبة البطالة مازالت مرتفعة، كما أن المشاكل المتعلقة بالإضراب تستدعي حلولا عاجلة، وبالتالي ثمة ضرورة لإخراج القانون المتعلق بالإضراب إلى حيز الوجود. نعتبر أن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها ومواجهة كل هذه المشاكل والقضايا بغض النظر عن الأزمة السياسية والحكومية الموجودة. فمادامت هناك حكومة فإذن يتعين عليها أن تعمل وألا تدفن رأسها في الأزمة. إضافة إلى المشاكل المرتبطة بالتشغيل وبالتكوين داخل المقاولات تنتظر الحكومة مواجهة قضايا التنافسية أيضا وهي أمور لا تقبل ضياع الوقت. وبالتالي نرى أنه من المستعجل التصويت على القانون المتعلق بممارسة حق الإضراب في أقرب وقت حتى نعطي للفاعلين الاقتصاديين فضاء سليما للإنتاج والشغل ونمنح صورة جيدة حول مناخ الأعمال في شقه الاجتماعي للمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب. لقد بذلنا مجهودا كحكومة وكفرقاء اجتماعيين واقتصاديين وتوفقنا في إخراج القانون المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل إلى حيز التنفيذ. والآن علينا إكمال العمل بالتصويت على القانون المتعلق بالإضراب أيضا. فالمغرب غير متوقف، إنه يمضي في مسيرته كما أن الزمن لا يتوقف ولا ينتظرنا. وعلى المستوى الاقتصادي هناك زبناء ينتظرون وشركاء يريدون أن نتفاعل معهم، وإذن فالأمور مستعجلة لا تتطلب الانتظار. ونحن لا نمل من تكرار أن المستثمرين يترقبون تحسن المناخ الاجتماعي وكل الأمور المرتبطة بالمقاولة. وكما أعطينا رسالة قوية وإيجابية من خلال التصويت على القانون المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل هناك ملحاحية لإخراج قانون الإضراب إلى الوجود. لا يجب أن نضيف إلى الأزمة السياسية أزمة اقتصادية. نحن نريد من الحكومة أن تمنحنا أدوات وفضاء للعمل، أما الباقي فليواجهوه لوحدهم. خروج الحكومة من حالة الانتظار تحتمه أيضا ضرورة التعجيل بالاستفادة من الانتعاشة الاقتصادية التي يسجلها شركاؤنا في الاتحاد الأوربي. فنحن الشريك الأول للاتحاد ولا يمكن أن نتأخر في جني ثمرات انتعاشة شركائنا. أضف إلى ذلك فالمؤشرات الماكرو-اقتصادية كلها في وضعية غير جيدة وهذا يشكل سببا آخر للتسريع بالعمل الحكومي في مواجهة كل المشاكل والقضايا المطروحة. وأي انتظار يبقى غير مقبول بتاتا.