الوردي: إصلاح القطاع يحتاج على رؤية بعيدة المدى ومترفعة عن كل الحسابات الضيقة أكد وزير الصحة الحسين الوردي، أول أمس الاثنين بمراكش، أن المناظرة الوطنية الثانية للصحة تعتبر تتويجا لمسلسل مكثف من المشاورات والنقاشات مع جميع المتدخلين في هذا القطاع من ضمنهم الفرقاء الاجتماعيين. وأضاف في ندوة صحفية عقدها على هامش أشغال المناظرة التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع «من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة»، أن الوزارة سعت إلى اعتماد مقاربة تشاركية خلال مرحلة الإعداد لهذا الحدث، وخلال كل إصلاح يهم هذا القطاع، مشيرا الى أن تنظيم هذه المناظرة كان مطلبا لكل المهنيين والفرقاء الاجتماعيين. وأشار الى أن الوزارة تبقى منفتحة على كل الاقتراحات الكفيلة بتحسين جودة الخدمات في القطاع الصحي، موضحا أن هذا القطاع في حاجة ماسة لرؤية ذات مدى بعيد ( 30 الى 40 سنة )، وأن تدبيرها يبقى بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة. وأوضح الوزير أن النهوض بقطاع الصحة يتطلب حلولا مبتكرة واستثنائية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات والتحديات والاكراهات التي يعاني منها هذا الميدان، وتعمل على تجاوز المشاكل التي يعيشها المواطن وتمكنه من الولوج الى الخدمات الصحية. وتطرق الوردي إلى الوضع العامّ للقطاع الصحّي في المغرب قائلا إنّ المنظومة الصحية تعاني من نقائص وسلبيات ومشاكل، «وهذا لا ينطبق على المغرب فقط، بل على جميع بلدان العالم، بما في ذلك البلدان المتقدمة». وأضاف أنه لا يوجد رئيس دولة أو وزير يستطيع الادعاء بأنه يمكن أن يحل كل مشاكل الصحة، «ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية يوجد 34 مليون شخص لا يتمتعون بالتغطية الصحية»، داعيا جميع المعنيين بوضع اليد في اليد من أجل إصلاح تدريجي للقطاع. وتحدث الوزير عن «المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات»، وذكر أنه في كل 26 يوما يدشن الملك محمد السادس مركزا جديدا لأمراض القصور الكلوي، كما أن الوزارة خصصت قرابة 46 سيارة إسعاف بمختلف المستعجلات. وبخصوص الأدوية، كشف الوردي، أنه خلال سنة 2011 اشترت الوزارة 675 مليون درهم من الأدوية، وفي سنة 2012، اقتنت مليار و400 مليون من الأدوية، فيما اشترت سنة 2013 مليارين و200 مليون درهم من الأدوية. واعتبر وزير الصحة أن الدواء بالمغرب يبقى مع كل ذلك «باهظ الثمن». وأضاف أنّ مشكل غلاء الدواء لا يمكن حلّه في ظرف شهر أو شهرين، وأنّ الوزارة مستمرّة في النقاشات مع جميع المتدخّلين في صناعة وتسويق الدواء، «لكنّ النقاشات لا يمكن أن تستمرّ إلى الأبد، إذ أنّ على المسؤولين الحكوميين أن يفتحوا أبواب الحوار والنقاش، لكن عليهم أن يتخذوا قرارات حاسمة أيضا، لفرْض الأمر الواقع إذا اقتضى الأمر». وشدد وزير الوردي، على أن تطوير القطاع الصحي يتوقف على تأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع، إذ لا يمكن، حسب الوزير، «أن يتطور القطاع مهما بلغت الامكانيات المادية المرصودة له إذا لم تحظ الشغيلة الصحية بما يكفي من الاهتمام». وأشار إلى النقص الحادّ في الموارد البشرية، والذي يصل، فيما يخصّ الممرضين، إلى تسعة آلاف ممرض حاليا، علما أنّ أكثر من 1600 ممرض وممرضة سيُحالون على التقاعد خلال السنة القادمة، الأمر الذي سيرفع الخصاص إلى ما يقارب 11 ألفا. وتحدث الوزير، عن تحدي آخر مطروح يتجلى في الرفع من عدد الأطباء المكونين، عن طريق إنعاش مبادرة 3300 طبيبا سنويا في أفق 2020، لنقل عدد الأطباء من 5.1 إلى 10 ل10.000 نسمة، والرفع بالتالي من المصالح الطبية عبر التراب الوطني. وفيما يتعلق بصحة الأم والطفل، قال الوردي إن الوزارة، تتوفر حاليا على 103 مصحة استشفائية للولادة بسعة سريرية تناهز 2970 سريرا، و522 دار للولادة، تابعة لشبكة العلاجات الأساسية، بمعدل 1241 مولود منتظر لكل دار الولادة على الصعيد الوطني 772 مولود منظر لكل دار الولادة على مستوى الوسط القروي. وبعد أن دعا جميع المتدخّلين في القطاع الصحّي إلى الابتعاد عن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة، وقال إنّ «يدنا ممدودة للجميع، لأنّ الوزارة «لا تدبر ملف القطاع الصحي بطريقة سياسية، أو بمنطق الحسابات الضيقة، ولم يسبق لنا أن اعترضنا، ولا يمكن أن نعترض على مشروع أو اقتراح يمكن أن يساهم في إقلاع القطاع الصحة»، لخّص الوردي النقط التي يجب أن ينطلق على أساسها إصلاح القطاع الصحي إلى ثلاث نقط، وتتمثل في الإجابة السريعة للمشاكل التي يعيشها المواطنون في الخدمات الصحية، لكي يتمكنوا من الولوج إلى هذه الخدمات بيُسْر، والإجابة السريعة للمشاكل التي يعيشها المهنيون، فيما تتمثل النقطة الثالثة في مباشرة الإصلاحات الهيكلية العميقة للبلاد برؤية بعيدة، «وهذا لا يمكن أن تقوم به الوزارة لوحدها، بل يجب أن تكون بمساهمة الجميع». كما يقول الوردي. يذكر أنه من المقرر أن تختتم أشغال المناظرة الوطنية الثانية للصحة مساء يومه الأربعاء باستصدار توصيات المشاركين التي ستشكل أرضية لصياغة ميثاق وطني لإصلاح قطاع الصحة ببلادنا. ****** ادريس اليزمي: ضمان الحق في الصحة للجميع يستدعي إقرار منطق التمييز الإيجابي لفائدة الفئات الهشة أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ادريس اليزمي، أول أمس الاثنين بمراكش أن ضمان الحق في الصحة يعني الضمان الفعلي للحق في ولوج كافة المواطنين إلى كل الخدمات الصحية. وأضاف في عرض قدمه خلال الندوة الأولى التي نظمت في إطار المناظرة الوطنية الثانية للصحة حول موضوع « الحق في الصحة من خلال الوثيقة الدستورية الجديدة»، أنه لا يمكن تحقيق هذه المساواة دون الانتباه إلى الفوارق الاجتماعية، مما يتطلب إعداد برامج موجهة للمجموعات الهشة والمهمشة التي غالبا ما تكون عرضة لمشاكل صحية تعكس وضعها الاجتماعي وظروف عيشها الصعبة . وأشار إلى أن إهمال هذا المعطى قد يؤدي إلى خطر حصول حالات تمييزية في واقع الولوج إلى الخدمات الصحية إذا كانت البرامج المقترحة ضعيفة الاستهداف ولا تخضع لمنطق التمييز الإيجابي لفائدة الفئات الهشة من المجتمع. وأبرز اليزمي أن التشريع الحالي ينظم مجالات واسعة الارتباط بضمان الحق في الصحة من قبيل حماية الصحة والتغطية الطبية الأساسية ونظام المساعدة الطبية وكذا نظام ممارسة المهن الصحية، مستشهدا في ذلك بالفصل 31 من الدستور الذي ينص على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسر أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة، والحصول على الماء و العيش في بيئة سليمة. وأوضح أن اعتبار المقاربة المرتكزة على حقوق الإنسان من أجل إعادة صياغة المنظومة الوطنية للصحة العمومية، يتطلب بالأساس، إعطاء الأولية لمسألة وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة، والاستجابة بشكل خاص لحاجيات الأطفال والمجموعات الموجودة في وضعية الهشاشة والتهميش من أجل التأمين الفعلي لحق الجميع في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وإيلاء اهتمام خاص لحقوق المعاقين ولمسألة الصحة الإنجابية. وقال ادريس اليزمي « من أجل تأمين إطار لانسجام السياسات العمومية للصحة، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يذكر بتوصيات وثيقة أساسية بالغة الأهمية، ويتعلق الأمر بالخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن هذه الخطة اقترحت عددا من التدابير الهادفة لضمان تأهيل المنظومة الوطنية للصحة وتوسيع الولوج إلى العلاجات.