الظاهرة تمثل صورة من صور الرق الذي يهدد الأمن البشري وأمن الدولة على السواء العقوبة السجنية المقترحة تتراوح بين 10 إلى 30 سنة مع غرامة تتراوح بين 10 آلاف درهم و6 ملايين درهم بادر فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب مؤخرا إلى تقديم مقترح قانون إلى مكتب المجلس حول إشكالية الاتجار بالبشر، وهي المبادرة التي يرمي من خلالها الفريق إلى المساهمة في العمل على سد الفراغ القانوني الذي مازالت تشهده بلادنا على هذا المستوى، وكذا العمل على الحد من معاناة ضحايا هذه التجارة التي تستهدف أساسا النساء والأطفال. المقترح الذي ينتظر أن يعمل مكتب مجلس النواب على جدولته للنقاش ضمن إحدى جلساته المقبلة، يأتي متزامنا مع سياق الزيارة التي تقوم بها إلى بلادنا هذه الأيام المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الاتجار بالبشر، بدعوة من الحكومة المغربية، وذلك للاطلاع على جهود المغرب في ما يتعلق بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. وتعميما للفائدة، ننشر فيما يلي النص الكامل لمقترح القانون. بيان الأسباب عرفت المملكة المغربية طفرة حقوقية نوعية في السنوات الأخيرة، من خلال العديد من المبادرات المؤسساتية والتشريعية التي استهدفت تعزيز احترام حقوق الإنسان، والوفاء بالالتزامات الدولية الواردة في مختلف المواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة. وقد تصدر هذه المبادرات تطوير عمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإحداث هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكرس المشرع المغربي هذه المكاسب وغيرها من خلال الإصلاحات التشريعية المتوالية التي استهدفت المنظومة الجنائية خاصة: مراجعة قانون المسطرة الجنائية سنة 2003 الذي أعاد بناء قواعد المحاكمة العادلة وعزز ضمانات ممارسة حقوق الدفاع»؛ تعديل نفس القانون سنة 2011 بإضافة مقتضيات لحماية الضحايا والشهود؛ تعديلات متتالية منذ سنة 2003 لمجموعة القانون الجنائي من أجل مكافحة الإرهاب والفساد وغسل الأموال وحماية المعطيات المعلوماتية وحماية المرأة والطفل ومنع التمييز ومناهضة التعذيب. وتظل الحاجة ملحة لاستكمال أركان الحماية الجنائية ضحايا الجريمة بصفة عامة، من خلال زجر الظواهر الإجرامية الجديدة التي تستهدف على السواء سلامة الأفراد ومصالح الدولة، والتي تنتهك في العمق حقوق الإنسان. وتأتي على رأس هذه الظواهر جريمة الاتجار بالبشر التي تستأثر حالياً بالاهتمام الدولي وتشكل موضوعاً للعديد من التقارير الإقليمية والدولية والأممية. والاتجار بالبشر صورة من صور الرق في الزمن الحديث، تهدد الأمن البشري وأمن الدولة على السواء، وهي تستهدف على الخصوص النساء والأطفال من خلال استغلال حالة الضعف أو الاحتياج التي يعانون منها، حيث تكون ظروف الفقر والتفاوت الاقتصادي وانعدام المساواة بين الجنسين وضعف آليات حماية حقوق الطفل وانتشار الفساد مناخاً مشجعاً لتفشي هذه الجريمة، سواء من خلال أفراد، أو من خلال مجموعات وشبكات إجرامية منظمة، وتزداد خطورة هذه الجريمة عندما تتجاوز الحدود الوطنية وتأخذ بعداً دولياً عابراً لهذه الحدود. والمغرب كغيره من الدول ليس في مأمن من هذه الجريمة وتداعياتها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالاستغلال في العمل أو الاستغلال الجنسي وغيرهما. ويزداد الوضع سوءا مع تكاثر أفواج المهاجرين الراغبين في العبور إلى أوربا، حيث يتحول التراب المغربي عمليا إلى بلد استقرار بالنسبة لهم بسبب فشلهم في هذا العبور، ناهيك عن تفشي ظاهرة مقلقة من خلال انتشار الوسطاء ووكالات الخدمة في المنازل التي تستورد عاملات وعمال المنازل خصوصا من الدول الإفريقية والأسيوية. ونستحضر في السياق وضعية المغربيات المتجهات إلى دول الخليج، واللائي يسقطن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، إذ من المؤسف أن المغرب أصبح يصنف ضمن الدول التي لا تبذل مجهودات للتصدي لهذه الجريمة، ليس فقط على المستوى الدولي، بل كذلك إقليمياً بالمقارنة مع باقي الدول العربية التي أقدمت غالبيتها على تفعيل مقتضيات الاستراتيجية العربية، لمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال إعداد قوانين إطار لهذه الجريمة، وإحداث آليات مؤسساتية لمكافحتها وحماية الضحايا والتكفل بهم، مما يقتضي اتخاذ تدابير ناجعة مستعجلة للحد من انتشار هذه الجريمة بالمغرب. والقانون المغربي، وإن كان يغطي حالات وصور الاتجار بالبشر من خلال مقتضيات متفرقة في القانون الجنائي، فإن الأمر يتطلب: + أولاً: تحديد المفهوم القانوني لهذه الجريمة وفقاً للتعريف المعمول به عالمياً؛ + ثانياً: تجريم الاتجار بالبشر بما لا يسمح بإفلات المتجرين من العقاب؛ + ثالثاً: إيجاد إطار قانوني لحماية ومساعدة ضحايا الاتجار بالبشر ودرء المسؤولية والعقاب عنهم. لذا، يأتي هذا المقترح لتتميم مجموعة القانون الجنائي بإضافة فرع جديد حول الاتجار بالبشر إلى الباب الثاني المتعلق بالجنايات والجنح الماسة بحقوق المواطنين وحرياتهم، من الجزء الأول المتعلق بالجنايات والجنح من الكتاب الثالث المتعلق بالجرائم المختلفة وعقوباتها. مقترح قانون يرمي إلى زجر الاتجار في البشر مادة فريدة يتمم الباب الثاني من الجزء الأول من الكتاب الثالث المتعلق بالجرائم المختلفة وعقوباتها من مجموعة القانون الجنائي الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم 1.59.413 بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1382 الموافق ل 26 نوفمبر 1962 كما تم تغييره وتتميمه بإضافة فرع رابع يعنون ب: «في الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر « وفق ما يلي: الكتاب الثالث: في الجرائم المختلفة وعقوباتها ....... الجزء الأول: في الجنايات والجنح التأديبية والجنح الضبطية ...... الباب الثاني: في الجنايات والجنح الماسة بحريات المواطنين وحقوقهم ........ الفرع الرابع : في الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر المادة 232 مكرر يقصد بالاتجار بالبشر استقطاب أشخاص أو نقلهم أو ترحيلهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها، أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو إساءة استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو منافع للحصول على موافقة شخص والسيطرة عليه بقصد الاستغلال، أو الوساطة في ذلك. لا تشترط هذه الوسائل لقيام جريمة الاتجار بالبشر حيال الأطفال دون ثمان عشرة سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال. ويشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء. يعتبر أيضا اتجارا بالبشر تشغيل القاصرين خارج القانون كعمال في المنازل والورشات الصناعية والحرفية وفي المحلات التجارية. المادة 232 مكرر مرتين يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر. المادة 232 مكرر ثلاث مرات يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة أو غرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم عن الاتجار بالبشر في الأحوال الآتية: + إذا كان مرتكب الجريمة قد أنشأ أو أسس أو سير أو ساهم في تأسيس أو تسيير منظمة إجرامية أو تولى قيادة فيها؛ + إذا كان المجني عليه طفلاً دون الثامنة عشرة من عمره؛ + إذا كانت الضحية شخصاً كبير السن أو يعاني من مرض أو إعاقة أو نقص بدني أو نفسي على أن تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى الفاعل؛ + إذا ارتكب الفعل باستعمال القوة أو التهديد بالقتل أو بالإيذاء أو بالتعذيب؛ + إذا كان مرتكب الفعل موظفاً عمومياً؛ أو حاملا للسلاح. + إذا كان لمرتكب الفعل سلطة على الضحية؛ + إذا ارتكب الفعل من طرف شخصين أو أكثر بصفتهم فاعلين أصليين أو مشاركين؛ + إذا كان مرتكب الفعل معتاداً على ارتكابه. المادة 232 مكرر أربع مرات يعاقب بالسجن من عشر إلى ثلاثين سنة أو غرامة من 1.000.000 إلى 6.000.000 درهم عن الاتجار بالبشر إذا تم ارتكابه في إطار جماعة إجرامية منظمة أو ذات طابع عابر للحدود الوطنية. المادة 232 مكرر خمس مرات يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 2.000.000 درهم إذا ارتكب الشخص المعنوي جريمة الاتجار بالبشر دون الإخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي الذي يمثله أو يديره أو يعمل لحسابه. علاوة على ذلك، يجب على المحكمة الحكم بحل الشخص المعنوي. المادة 232 مكرر ست مرات مع مراعاة حقوق الغير حسن النية، تصادر لفائدة الدولة الأموال والأدوات التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر أو التي تحصلت منها. علاوة على ذلك، يجب الحكم بنشر مقرر الإدانة أو إذاعته بالوسائل السمعية البصرية وفق المادة 47 من هذا القانون. المادة 232 مكرر سبع مرات يتمتع بعذر معف من العقوبة طبق الشروط المنصوص عليها في المادتين 151 و152 من هذا القانون، الفاعل أو المساهم أو المشارك الذي يكشف قبل غيره للجهات القضائية أو الأمنية عن وجود اتفاق جنائي، لأجل ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، إذا بادر بذلك قبل محاولة ارتكاب الجريمة التي كانت موضوع الاتفاق وقبل إقامة الدعوى العمومية.