من المنتظر، أن تعكس الدورة الربيعية للبرلمان بغرفتيه في إطار الولاية التشريعية الثانية من الفترة النيابية التاسعة التي انطلقت يوم الجمعة الماضي، حدة النقاش الذي تشهدها الساحة السياسية الوطنية في ظل الوضعية الاقتصادية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد الوطني، والتي شكلت أول محور ناقشه مجلس النواب في جلسته العمومية الأولى المخصصة للأسئلة الشفهية، أمس الاثنين. حيث على الحكومة أن تشرح لنواب الأمة التدابير والإجراءات الاستعجالية سواء تلك التي شرعت في أجرأتها من قبيل وقف تنفيذ 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار العمومي، أو تلك التي تعتزم اتخاذها لمجابهة تحديات الأزمة. كما أنه من المنتظر أن تخصص الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب يوم 29 أبريل الجاري، لنفس المحور، أي الوضعية الاقتصادية في البلاد، والقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة بشأن تقليص نفقات الاستثمار العمومية. بالإضافة إلى ذلك، فمن المنتظر أن تعرف هذه الدورة الربيعية، جدلا بين الأغلبية والمعارضة حول الأولويات التي يتعين أن يباشر البرلمان بغرفته، في علاقة مع المخطط التشريعية الذي كانت الحكومة قد أودعته لدى المؤسسة التشريعية، فهو من جهة، يعد بمثابة خارطة طريق بالنسبة لمختلف السلطات الحكومية فيما يخص النصوص التشريعية التي تعتزم إعدادها وعرضها على مسطرة المصادقة، كما أنه يحدد أولويات العمل الحكومي في المجال التشريعي، ومن جهة ثانية ترى فيه المعارضة البرلمانية مجرد إعلان نويا، ويضرب في العمق مبادرة البرلمانين في التشريع والاقتراح خاصة بالنسبة للقوانين التنظيمية التي تشكل إطار مرجعيا لتنزيل الدستور. وفي هذا السياق، حاول كريم غلاب رئيس مجلس النواب، في معرض كلمته خلال افتتاح الدورة الربيعية يوم الجمعة الماضي، أن يوازي بين ما تذهب إليه المعارضة ومعها بعض نواب الأغلبية، في الحفاظ على صلاحية المؤسسة التشريعية في مجال التشريع والمراقبة، وبين حق السلطة التنفيذية التي يتعين عليها إعداد النصوص التشريعية التي تدخل في مجال اختصاصها بتنسيق مع الأمانة العامة للحكومة وطبقا لمقتضيات الدستور. فقد نوه رئيس مجلس النواب بأهمية المبادرة التي قامت بها الحكومة في الإعلان عن مخططها التشريعي برسم الولاية التشريعية التاسعة، معتبرا أن هذا الإجراء إيجابي ويساهم في تحسين الحكامة التشريعية، لكنه، في الوقت ذاته، أكد على ضرورة الاهتمام بالمبادرات التشريعية التي يقوم بها النواب والنائبات في إطار مقترحات قوانين. وقال في هذا الصدد «لا أريد أن تفوتني هذه المناسبة دون أن أعبر عن أهمية المبادرة التي قامت بها الحكومة في الإعلان عن مخططها التشريعي برسم الولاية التشريعية التاسعة، وهو معطى نعتبره إيجابيا ويساهم في تحسين الحكامة التشريعية، غير أن ذلك ينبغي أن يتم بموازاة مع الاهتمام بالمبادرات التشريعية التي يقوم بها النواب في إطار مقترحات قوانين، لاسيما وأن الدستور الحالي أعطى مكانة خاصة لهاته المقترحات حيث ينص على تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراستها، وهو المقتضى الذي نعتبره نقلة نوعية في مجال توسيع صلاحيات البرلمان». ودعا غلاب بالمناسبة إلى مواصلة العمل من أجل تنزيل مقتضيات الدستور الجديد وتعزيز أسس دولة ديمقراطية مواطنة تسودها قيم الحرية والكرامة والمساواة، مشددا على أن الرهانات المطروحة، والمسؤوليات الملقاة على عاتق النواب في تفعيل الأوراش المفتوحة بالمغرب، وتنزيل مقتضيات الدستور، وتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين، تفرض على جميع المكونات السياسية للمجلس، وكذا الحكومة بتكثيف المبادرات وتظافر الجهود، من أجل الرفع من وتيرة الأداء التشريعي انسجاما مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر الماضية في جعل هذه الولاية أكثر إبداعا وعطاء. وعبر عن تطلعه إلى مواصلة العمل، خلال هذه الدورة، من أجل تنفيذ الخطة الإستراتيجية الرامية لتأهيل وتطوير عمل مجلس النواب في مختلف الميادين، وفي مقدمتها استكمال ورش النظام الداخلي للمجلس، وتسريع البت في بعض القضايا العالقة من خلال تكثيف المشاورات وتعميق النقاش بين الفرق والمجموعات النيابية من أجل صياغة نظام داخلي متقدم، وكذا إعداد مدونة أخلاقية تستحضر المهام الوطنية الكبرى المنوطة بالمؤسسة وبممثلي الأمة في إطار التوجهات الكبرى للدستور وبهدف تحديث المؤسسة النيابية والرفع من أدائها.