الحاجة إلى ورشات تجريبية تجعل جسر التواصل مع الجمهور حيا ومعطاء في الحقيقة، كنت سعيدة في هذا المعرض لأنني قمت بتوقيع كتابي النقدي الجديد: «سيرهن الذاتية، الجنس الملتبس» وقد كانت لحظة رائعة بالنسبة لي، إذ أحسست بحضور جميل ينم عن رغبة في الاطلاع على هذا العمل، وأيضا كان العديد من الحاضرين يرغبون أن يقرؤوني من وجهة نظر أخرى غير الكاتبة المبدعة. معرض الكتاب بالدار البيضاء يعتبر هذا العام ناجحا قياسا لمعارض كانت في دول عربية أخرى وتصدعت بفعل المشاكل السياسية التي تجتاح العالم العربي والحروب التي جعلت المكتوب ينظر إليه كنوع من الترفيه في زمن الدم. وهي أشياء هامة ينبغي أن ننظر إليها بعين الاعتبار، رغم أنني لا أؤيد الكتب التي صدرت لحد الآن عن الربيع العربي ما دامت الأشياء لحد الآن غير واضحة المعالم. معرض الكتاب بالدار البيضاء كان منظما قياسا للمعارض السابقة، بحيث يسهل التواصل مع دور النشر، إلا أن الأثمنة أجدها مكلفة بالنسبة للطلبة، وهو شيء يعيق بيع الكتاب والترويج له، وهناك دور نشر جيدة ولديها كتب مهمة، غير أن الحصول على الكتب يعتبر مكلفا جدا، لذا أتمنى أن يكون هناك تخفيض خاص للطلبة حتى تسهل عملية ترويج الكتاب. في كل عام، نجد أن الكثير من المحاور تتكرر، وهذا يخلق نوعا من الروتين فيما يخص التواصل النقدي مع الجمهور، لذا أتمنى أن يكون هناك في السنوات القادمة ورشات تجريبية تجعل جسر التواصل مع الجمهور حيا ومعطاء، لأن العديد من الناس يرغبون في معرفة كيف يكتب الكاتب؟ وهل يمكن أن يكون هناك صنع للكتاب؟ وهل تفلح ورشات الكتابة في تقديم أدوات أولية لكيفية الالتقاء بالكتابة؟ وماذا عن المطبخ الداخلي للكاتب؟ وأتمنى أيضا أن توفر ورشات للقراءة أيضا، ويتم تشجيعها، بأن يحضر عدد معين للورشة ويقوم بقراءة نص معين من النصوص ويقوم بكتابة نص على منواله، وأن يتم تشجيع المتقدمين بجوائز تشجيعية. إلى غير ذلك من الأشياء التي تبدو صغيرة لكنها عميقة الدلالة. نحن في حاجة إلى مجتمعات تقرأ وتكتب خاصة أمام مد الصورة التي يستهلكها المتلقي دون أي حضور إيجابي، بمعنى أنه يعتبر كضيف مستهلك لا منتج، ومن واجبنا أن نجعل للورق قيمة أخرى، قيمة الإحساس به وتلمسه وشم رائحته الخاصة، لأن لا شيء يعوض عنها. أتمنى أن تتقدم معارض الكتاب، وأتمنى أن يزدهر معرض الكتاب بالدار البيضاء وأن يتم الالتفات إلى الأثمنة، لأننا في حاجة فعلية إلى مجتمعات قارئة. *قاصة وباحثة