وضع إطار مالي ومؤسساتي خاص بالمدن الجديدة سبع سنوات مضت على إنشاء مدينة «تامسنا» بضواحي العاصمة الرباط، إلا أن هذه المدينة لازالت تعاني العديد من النقائص المرتبطة بضعف البنيات وغياب التجهيزات. وتبعا لذلك أطلقت وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة برنامجا لتنمية هذه المدينة سيمتد على مدى أربع سنوات وخصص لها غلاف مالي يصل إلى 538 مليون درهما، ويهم إنجاز 23 مشروعا. وأكد عبد الله باها، وزير الدولة، خلال افتتاح اللقاء الخاص لتقديم اتفاقية الشراكة والتمويل المتعلقة ببرنامج دعم المدينةالجديدة«تامسنا»، أمس الأربعاء، أن هذا اللقاء لا يروم فقط إطلاق مبادرة من أجل تفعيل مدينة تامسنا، وإنما إعطاء انطلاقة جديدة للتعامل بين مختلف المتدخلين وتفعيل الالتقائية في البرامج، وأيضا تنفيذ المقاربة التشاركية في مختلف التدخلات وإشراك كل الفعاليات، خصوصا المجتمع المدني. وقال باها إن زمن الصراع والتنازع قد ولى، وحان الوقت لتأخذ ثقافة التعاون والتضامن، التي كانت تميز المجتمع المغربي من قبل، مكانها، مشيرا إلى أن هذه الثقافة التي تسيطر الآن على المجتمع تضيع الوقت والجهد والمال. وشدد باها على أن الأسلوب الجديد المتبع سيمكن من التغلب على كل المعيقات التي تحول دون إتمام أو إنجاز المشاريع التنموية التي ستسير بالبلاد إلى الأمام، داعيا إلى تضافر جهود كافة الفاعلين وإلى مضاعفة المجهودات لإنجاز مختلف المشاريع التنموية، «وهذا ممكن»، يقول وزير الدولة، في ظل «توفر إرادة للقيام بذلك» وأعلن وزير السكنى والتعمير وسياسية المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، في افتتاح الملتقى، أن الغلاف المالي المخصص لبرنامج تنمية مدينة تامسنا يصل إلى 538 مليون درهما، ويمتد للفترة المتراوحة بين 2013 و2017. وأضاف أن هذا البرنامج سيمكن من إنجاز 23 مشروعا مهيكلا، بالإضافة إلى العديد من التجهيزات ومرافق القرب. وأكد نبيل بنعبد الله أن هذا البرنامج لن يقتصر فقط على مدينة تامسنا، وإنما سيمتد إلى كل المدن الجديدة، وسيتم إعطاء انطلاقة البرنامج الخاص بمدينة تامنصورت في الأمد القريب. كما سيشمل مدن شرفات والخير. وقال وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة «لقد تعبنا من أجل الوصول إلى هذه المحطة، وتحدونا الرغبة الأكيدة لمواصلة هذا البرنامج، من أجل إعطاء حيوية جديدة لمدينة تامسنا، وغيرها من المدن الجديدة لتعيش وتكون نموذجا جديدا لما نريده». وأبرز نبيل بنعبد الله أن البرنامج الجديد يروم تصحيح بعد الاعوجاج الذي عرفته مدينة تامسنا منذ إنشائها قبل ست سنوات، وتجاوز النقائص الناتجة عن الطريقة المعتمدة في التدبير، من خلال نهج مقاربة تشاركية ترتكز على التقائية السياسات العمومية، وتعتمد على تضافر جهود المعنيين، مشيرا إلى أن هذا البرنامج سيشكل دفعة قوية وانطلاقة جديدة للمدينة، مهيبا بالساكنة للمشاركة في صنع المدينة، ومذكرا بالدور الحاسم الذي يلعبه المجتمع المدني على مستوى المصاحبة الاجتماعية لضمان نجاح البرنامج. ونوه وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، خلال اللقاء الذي حضره كل من وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي؛ ووزير الشباب والرياضة، محمد أوزين؛ والمدير العام لمجموعة العمران، بدر الكانوني؛ وعمدة الرباط، فتح الله ولعلو؛ (نوه) بما وصفه ب «الشراكة المتنامية مع المجتمع المدني»، مشيرا إلى أن برنامج دعم مدينة تنامسنا «يشكل تجربة نموذجية في مجال التقائية التدخلات العمومية، والتخطيط القائم على التشاور والتنسيق القبلي، والرؤية الشمولية المندمجة». ويتوخى هذا البرنامج، بحسب نبيل بنعبد الله، ضمان تنمية متجانسة ومتوازنة لكل المكونات العمرانية للمدينة، وتسهيل الولوج إليها، والعمل على ربطها مع المجالات الترابية المجاورة لها، ومصاحبة الدينامية التي ستترتب عن نموها، مع التحكم في تطورها المستقبلي ضمن محيطها المباشر. وأشار نبيل بعبد الله إلى أن النقائص المسجلة بمدينة تامسنا منذ إنشائها تكمن بالأساس في طريقة الحكامة بسبب تعدد المتدخلين في تدبيرها، وغياب التنسيق بين المتدخلين، فضلا عن غياب مرجعية قانونية ومؤسساتية، معلنا في هذا الإطار عن التحضير لقانون جديد يهم المدن الجديدة، كما أن المدن الجديدة، ومنها تامسنا تعاني من عدم احترام الالتزامات المتعلقة بإنجاز المرافق والبنيات التحتية، بالإضافة إلى ضعف القدرات الذاتية للجماعات المحلية. أمام هذا الوضع، يقول نبيل بنعبد الله، تم اتخاذ العديد من الإجراءات منها على الخصوص وضع إطار مالي ومؤسساتي خاص بهذه المدن، يحدد صلاحيات المؤسسة المشرفة عليها مركزيا ومحليا، واعتماد السرعة والتنسيق بين القطاعات والمؤسسات المعنية بإنجاز المرافق والتجهيزات وحل الملفات العالقة، ووضع أدوات لتحفيز الاستثمار وإحداث شبابيك وحيدة بالمدن الجديدة لتحقيق القرب والسرعة في دراسة ملفات الاستثمار، وتعميم الاتفاقيات المتعلقة بالتدبير المشترك مع الجماعات المحلية. وخلص نبيل بنعبد إلى القول «لقد اعترفنا بنقائصنا وقمنا بمجهودات جبارة للوصول إلى هذه المحطة لتحسين صورة المدينة» موجها خطابا إلى السكان قال فيه: «نحن في حاجة إليكم للدفع بهذا المشروع» ومهيبا بهم من أجل الإسهام في هذه الجهود حتى تتمكن المدينة من العيش والاستمرار. وتضم المشاريع التي ستعرفها مدينة تامسنا في انطلاقتها الجديدة، إعادة تهيئة خمسة محاور طرقية رئيسية، من أجل ضمان توازن حركة المرور على المديين المتوسط والبعيد، وبناء مركب جامعي ومستشفى محلي وثلاثة مراكز صحية ومركب ثقافي ومركز للاستقبال والندوات، ومنتزه، فضلا عن توفير تجهيزات للقرب تتمثل في ثلاث دور للشباب وثلاث مراكز اجتماعية للقرب لفائدة الأشخاص في وضعية الهشاشة، ومسجدين، وملعبين رياضيين، وإنجاز أشغال تهيئة وتأثيث المشهد الحضري، ودعم تدبير وصيانة المدينة، من حيث جمع النفايات المنزلية، وتوفير الإنارة العمومية، وتأمين الحراسة والصيانة. ويندرج هذا البرنامج في إطار انخراط ودعم كل القطاعات المعنية، من وزارات الداخلية، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والاقتصاد والمالية، والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، والشباب والرياضة، والتجهيز والنقل، والصحة، والأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية، والثقافة، والتربية الوطنية، والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ومجموعة التهيئة «العمران»، والسلطات الإقليمية، والجماعات المحلية.