مبادرة الحكم الذاتي تتوفر فيها كل الشروط التي طالبت بها الأممالمتحدة كشف محمد لوليشكي، المندوب الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، أن إنهاء مشكل الصحراء يجب أن يرتكز على توافق بين جميع الأطراف، شريطة وجود إرادة سياسية من طرف البوليساريو والجزائر لإيجاد تسوية نهاية للملف. وأكد أن المغرب لا يجب أن يعول على أي طرف أو دولة كيفما كانت لإيجاد تسوية للنزاع في الصحراء. ودعا السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، خلال المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها أمس بالرباط، بمعهد الدراسات الصحراوية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، حول تطورات قضية الصحراء، (دعا) الجزائر إلى الإسهام إيجابا في إيجاد حل للنزاع لما لها من دور محوري فيه. وانتقد لوليشكي، في معرض حديثه عن المحطات الأساسية لقضية الصحراء، قبول عضوية الجمهورية الوهمية من طرف منظمة الوحدة الإفريقية سابقا سنة 1983، (الاتحاد الإفريقي حاليا)، بالقول إن الاعتراف بهذا الكيان لم يكن قرارا سياسيا، كما هو معمول به في كل المنظمات، وإنما نتيجة عملية حسابية صرفة. مشيرا إلى أن رئيس المنظمة آنذاك وجد أمامه اعترافا من طرف 27 دولة، ولم يكن أمامه أي خيار إلا قبول عضويته. وقال لوليشكي إن الاعتراف بالجمهورية المزعومة كان نتيجة تداعيات الحرب الباردة خلال السبعينيات من القرن الماضي، وتجنيد الجزائر للكثير من الدول لإعلان اعترافها، في إطار جهود الشقيقة المعادية للوحدة الترابية للمملكة، حيث وصل عدد الدول المعترفة بالكيان الوهمي آنذاك أزيد من 60 دولة، ولكن هذا العدد تراجع حاليا إلى النصف، ولم يعد عدد الدول التي تعترف بها سوى حوالي 30 دولة. وأكد لوليشكي أن المغرب انخرط في جهود المنتظم الدولي من أجل إنهاء النزاع، والتزم بمخطط التسوية الأممي خلال الفترة المتتدة من 1991 إلى 2000، وعندما ثبت للأمم المتحدة استحالة تطبيق هذا المسلسل، دعت إلى ضرورة إيجاد حل وسط، معتبرة أن السبيل الأنجع أن يكون حلا توافقيا متفاوضا عليه وواقعيا يرضي جميع الأطراف. وأوضح أن المغرب كان على يقين أن الاستفتاء لن يؤدي في آخر المطاف إلى أية نتيجة، اعتبارا بأن من بين 54 حالة عرضت على الأممالمتحدة، 5 منها فقط هي التي تم حسمها بالاستفتاء. وكشف أن الأممالمتحدة اقتنعت بضرورة احترام الخصوصيات المحلية في معالجة قضية الصحراء المغربية، واللجوء إلى التوافق بين الأطراف تفاديا للصراع في المنطقة وتشتيت السكان. وعلى هذا الأساس جاءت مبادرة المغرب بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا، وهي مبادرة تتوفر فيها كل الشروط التي طالبت بها الأممالمتحدة. وأبرز المندوب الدائم للمملكة المغربية بالأممالمتحدة أن المغرب، خلال كل مراحل استرجاعه للأقاليم الجنوبية، كان دائما يلجأ إلى أسلوب التفاوض، وهو ما تم سواء في استرجاع طرفاية أو سيدي إفني، ثم أثناء استرجاع الصحراء، وهو الأسلوب الذي سينهجه في استرجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية. وأشار أن أسلوب التفاوض لم يقتصر فقط على إسبانيا، بل كانت هناك مبادرة على الصعيد المغاربي للأسف لم يكتب لها الاستمرار. وشدد لوليشكي على أن المسيرة الخضراء لم تكن في الواقع سوى وسيلة للضغط استعملها المغرب، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لإرغام إسبانيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول مستقبل الصحراء، مشيرا في نفس الاتجاه إلى أن الجارة الشمالية كانت أعدت خطة لفصل الصحراء عن المغرب، وحضرت جميع الإجراءات والتدابير لهذه العملية، إلا أن موقف المغرب أفشل مساعيها. وقال لوليشكي إن مبادرة مقترح الحكم الذاتي المغربي، ليست مبادرة منغلقة بل مفتوحة قابلة للتعديل، بهدف الوصول إلى حل يرضي الجميع، شريطة وجود إرادة سياسية لدى الطرف الآخر. وخلص الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، ورئيس لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن، أن الأخير يناقش ملف قضية الصحراء في إطار الفصل 6 للمجلس القاضي بفض النزاعات بالطرق السلمية، على خلاف ما يروج له البعض أن الأممالمتحدة يمكن أن تفرض موقفا على أطراف النزاع وعلى المغرب بالخصوص، وهو ما يتم في إطار الفصل السابع للمجلس. وأعلن محمد لوليشكي أن المغرب، الذي لا يتوفر على احتياطي من البترول، مقتنع أن قوته الوحيدة تكمن في المغاربة أنفسهم وفي وحدة موقفهم، وصفوفهم المتراصة في هذا الموضوع بالذات، ولا يمكن أن يعول على جهة آو دولة ما كيفما كان موقعها لإيجاد تسوية نهائية للملف، داعيا إلى ضرورة تنسيق جهود الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية والشعبية والقطاع الخاص، وتكثيف تواصل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني للتواصل مع الصحراويين لخلق أجواء من التفاهم المتبادل.