بعد تفاقم الظروف المعيشية ووضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف٬ حيث يهيمن الفكر الواحد الذي تنهجه ميليشيات «البوليساريو» كنظام للحكم٬ ودينامية المقاربة التي يعتمدها المجتمع الدولي بشأن قضية مالي والإكراهات الأمنية بالمنطقة٬ أصبحت نوايا الحركة الانفصالية وصانعتها الجزائر مكشوفة على الصعيد الدولي. وكشفت تقارير أصدرتها بواشنطن مجموعات تفكير أمريكية وخبراء في مجال مكافحة الإرهاب٬ علاوة على الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام الدولية٬ انضمام عناصر من «البوليساريو» إلى الجماعات الإرهابية الناشطة شمال مالي٬ وخصوصا بعد عمليات اعتقال أو القضاء على عناصر انفصالية في الاشتباكات التي وقعت بمنطقة تيغاغار. ورغم ذلك٬ فإن «البوليساريو» والجزائر تحاولان من خلال خرجات إعلامية إخفاء العلاقات الخطيرة القائمة بين الانفصاليين والمقاتلين الذين سيطروا على شمال مالي. وقد كشفت هويات المقاتلين الذين ألقي عليهم القبض أن الكثير منهم من شباب مخيمات لحمادة الذين انضموا إلى فرق الموت التي شكلها تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و»الحركة من أجل الوحدة والجهاد» في غرب إفريقيا. وما فتئت منظمات أمريكية مستقلة تثير انتباه المجموعة الدولية٬ منذ سنوات٬ إلى الانعكاسات الخطيرة لتدهور الظروف المعيشية بمخيمات تندوف٬ حيث تعرض مؤخرا للاختطاف ثلاث رعايا أجانب يعملون في إطار بعثات إنسانية٬ وكذا وضعية الحرمان٬ التي أصبح يعاني منها شباب المخيمات٬ من أبسط حقوقه الأساسية٬ مما يجعله فريسة سهلة للاستقطاب من قبل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و»الحركة من أجل الوحدة والجهاد» في غرب إفريقيا. وأكدت اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين٬ في تقريرها حول الوضع بتندوف٬ أن الجزائر لم تف بالوعود التي التزمت بها في إطار اتفاقية 1951 المتعلقة باللاجئين٬ وببروتوكول 1967 الملحق بها والمرتبط بالسكان المحتجزين فوق ترابها. وانتقدت اللجنة الأمريكية٬ في هذا السياق٬ الجزائر لعرقلتها لبرنامج الزيارات العائلية٬ الذي تشرف عليه المفوضية العليا للاجئين٬ بين مخيمات تندوف والأقاليم الجنوبية للمملكة. وأعرب التقرير عن الأسف لكون «الحكومة الجزائرية رفضت الاعتراف بمسؤوليتها إزاء الوضع السائد بالمخيمات»٬ مضيفة أن المحتجزين مطالبون من أجل التنقل بضرورة الحصول على ترخيص موقع من قبل السلطات الجزائرية و»البوليساريو». وأمام هذا الوضع٬ تعالت العديد من الأصوات بواشنطن للمطالبة ب»إغلاق» هذه المخيمات٬ التي «أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل. وأكد تقرير نشره المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، التابع لمعهد بوتوماك، تحت عنوان «الإرهاب في شمال إفريقيا، وفي غرب ووسط إفريقيا: من 11 سبتمبر إلى الربيع العربي» أن «مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو، تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية، ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية، وبالتالي، فإن إغلاقها بات يكتسي أولوية». وبالنسبة لصاحب هذا التقرير٬ يونا ألكسندر٬ فإن التهديد الذي يشكله تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» يحتم على المجتمع الدولي أن يجعل في مقدمة أولوياته الترحيل الدائم لسكان هذه المخيمات، وفقا للبروتوكولات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وأبرز تقرير صادر عن مجموعة التفكير الأمريكية «كارنيجي إندومنت» أن «تورط شباب صحراويين في تهريب المخدرات بالمنطقة أضحى حقيقة مثيرة للقلق»٬ مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب «يعانون من تنامي عزلتهم اجتماعيا وغياب التوجيه٬ ولا يتوفرون على أي أفق». وبعدما استعرض واقع الحال٬ حذر صاحب هذا التقرير٬ أنور بوخارس٬ من النشاط الإجرامي المتزايد والتوترات الاجتماعية في مخيمات تندوف التي تشكل بذلك تهديدا آخر للاستقرار والأمن في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل ككل. وأكد تقرير «كارنيجي إندومنت» أن تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» ومختلف شبكات الاتجار في المخدرات تتغذى من النزاعات الإقليمية٬ داعيا إلى إيجاد حل للنزاع حول الصحراء من خلال تحفيز الأطراف على التفاوض بشأن تسوية تركز على الحاضر والمستقبل بدل البقاء رهن إيديولوجيات موروثة عن الحرب الباردة. وشدد٬ في هذا السياق٬ أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل أرضية جيدة للتفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي. وهكذا ٬ فإن «الأعمال الميؤوس منها» التي تقوم بها الجزائر و»البوليساريو)» لن تغير من الأمر الواقع٬ والدعم الذي عبرت عنه٬ مرارا وتكرارا٬ كل من واشنطن وباريس على الخصوص٬ العضوين المؤثرين في مجلس الأمن٬ للمخطط المغربي للحكم الذاتي٬ وللتطورات الأخيرة التي حملها الربيع العربي٬ والتي أفقدتهم كل مصداقية بسقوط نظام القذافي، الداعم الأول «للبوليساريو»٬ والذي يعلن بذلك قرب سقوط الانفصاليين أيضا