أقدمت وزارة الاتصال على إصدار تقرير سنوي يتعلق ب «جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة 2012»، وجرى الإعلان عن مضامينه السبت الماضي خلال يوم دراسي حول «القضاء والإعلام» أقيم في إطار جلسات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي تشرف عليه وزارة العدل والحريات. الخطوة مهمة في حد ذاتها، وتستحق التقدير لكونها على الأقل ستضمن وجود وثيقة مكتوبة ترصد العمل الحكومي في هذا القطاع، وتؤمن مواكبة المنجز والتفاعل مع كل النقاشات والأفكار ذات الصلة. وجاء التقرير متضمنا محورين أساسيين، الأول يتعلق بالإطار العام المرجعي لحرية الصحافة الذي يستند إلى الإطار الدستوري والالتزامات الحكومية والمؤشرات المرجعية، ثم محور ثان يستعرض مؤشرات حرية الصحافة بالمغرب برسم سنة 2012 من خلال جرد 80 مؤشرا للقياس، ومن ثم، فهو يمثل مرتكزا هاما للبحث المهني والأكاديمي ولمتابعة المناقشات الوطنية المتعلقة بالمنظومة العامة للمهنة. المناسبة التي جرى تقديم التقرير خلالها، وأيضا سياقه المضموني العام، يحيلان على العلاقة بين الصحافة والقضاء، وهو موضوع بقدر ما أثار كثير مناقشات وتوترات وسجالات، فهو أيضا يفرض اليوم نفسه كمحور جوهري في الإصلاح. لقد سبق أن أقيم يوم دراسي بين وزارتي الاتصال والعدل والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف حول الموضوع، وأفضت مناقشاته إلى إصدار 11 توصية، كما أن الحوار الوطني الجاري حول إصلاح العدالة أدرج ضمن برنامج جلساته الموضوعاتية واحدة هي التي خصصها السبت الماضي للموضوع، والمطلوب اليوم الانتقال إلى مرحلة أخرى، أي تفعيل هذه التوصيات وترسيخ الإصلاح عبر القوانين وفي الممارسة العملية اليومية، أي من خلال تكوين القضاة في مجال قضايا الصحافة والنشر، وإصلاح قانون الصحافة، وإعمال التنظيم الذاتي للمهنة، وغير ذلك. لكن الأهم يبقى هو بالإضافة إلى إيجاد قوانين وتشريعات جيدة ومنسجمة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وحرية التعبير والصحافة، وإعمال مقتضياتها، وتأهيل الجسم القضائي بهذا الخصوص، الحرص أولا وقبل كل شيء على استقلالية القضاء والقضاة، ذلك أن هذه الاستقلالية هي بالذات الضمانة الأساسية التي ستمكننا من تقوية أسس دولة القانون في هذا المجال أيضا. من جهة أخرى، إن التقدم في تأهيل وتطوير الدعم العمومي للصحافة، واستثمار ذلك من أجل تحديث المقاولة الصحفية، وجعلها مستقرة ومتينة ماليا ومؤسساتيا وتقنيا، والنهوض بالأوضاع المهنية والمادية والاجتماعية للصحفيين، وتقوية التنظيم الذاتي للمهنة وأخلاقيات المهنة، وإحداث آليات ومؤسسات لذلك، وتعزيز التكوين المستمر، ودعم التوزيع، وترسيخ الوضوح والشفافية والإنصاف والتقنين في قطاع الإشهار والإعلان، كل هذا من شأنه الدفع نحو صحافة أكثر مهنية، وبمقاولات حقيقية ومستقرة، ما سيمكن من تخفيف حدة المنازعات والمخالفات داخل المهنة... هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته