اعتبر الأستاذ عبد الله البقالي نائب رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ورئيس تحرير جريدة العلم أن القضاء المتخصص في الصحافة قضية في غاية الأهمية لايمكن الاستهانة بها لكونها المفتاح الذي سيمكن القضاة من التعامل بشكل فعال ومنتج وسليم مع الصحفيين. وأشار في مداخلته التي عنونها ب " الصحافة والقضاء أية علاقة " خلال يوم دراسي نظمته الكلية المتعددة التخصصات موسوم ب " القضاء والصحافة: المعادلة الصعبة" يوم الثلاثاء 20 ابريل الجاري، إلى التطورات التي عرفتها الصحافة في المغرب منذ أزيد من 20 عاما، مؤكدا أننا نعيش مرحلة انتقال مرتبطة بالمشروع السياسي العام لبلادنا، لكن دون أن يسمح ذلك بالقول إن " أكثر من 520 عنوان لمختلف الصحف مؤشر كاف على نضج التجربة الصحفية في المغرب". وذكر الأستاذ عبد الله البقالي أنه لاوجود لاستقلالية القضاء من الناحية البنيوية بحكم هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء من الناحية الدستورية، قائلا إن " الاستقلال الحقيقي للقضاء مرهون بفك الارتباط بين السلطة التنفيذية والقضائية". وبخصوص جانب الصحافة، أشار الأستاذ عبد الله البقالي إلى أن الجسم الصحفي غير مؤهل لتقديم إنتاج إعلامي وصحفي مهني صرف، واقفا بإسهاب عند أخلاقية مهنة الصحافة بالمغرب وسقف الحرية المخولة للصحفي المغربي ومسؤوليته في التعاطي مع القضايا العامة، ثم تحدث بعد ذلك مباشرة عن التعديلات التي عرفها قانون الصحافة عبر مجموعة من المراحل التاريخية منذ فترة صدوره في سنة 1952 إلى الآن وتحويله من قانون ينظم حرية الصحافة إلى مشروع قانون يضيق على حريتها. وأكد على ضرورة صياغة قانون جديد للصحافة المغربية بلغة عصرية، وإنجاز منظومة قوانين للصحافة، مؤكدا على التوالي على التنظيم الذاتي للصحفيين عن طريق خلق مجلس وطني للصحافة مثلما هو موجود في كندا التي نجحت فيها هذه التجربة، وشدد على ضرورة حق الصحفيين في الوصول إلى مصادر المعلومات وتكوينهم على المستوى القانوني والأخلاقي وكذا مراجعة الأوضاع المادية والمهنية للصحفيين. كما تحدث الأستاذ عبد الله البقالي عن مسؤولية الدولة في النهوض بالمقاولة الصحفية، إضافة إلى الحرص على تعدد مواقع التكوينات والتخصصات داخل الجامعة المغربية والمعهد العالي للاتصال والإعلام بالرباط. وفي مداخلته التي عنونها ب" القضاء والصحافة: المعادلة الصعبة" انطلق نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بطنجة من الخطاب الملكي السامي الأخير حول إصلاح القضاء، حيث اعتبر أن جلالة الملك هو الضامن لاستقلال القضاء، وأن قضايا الصحافة في المحاكم المغربية قليلة، لكنها كثيرة من حيث أصدائها الإعلامية، فيما اعتبر أبو العلاء أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات وقاضي سابق أن الصحافة تلعب دورا فعالا في حماية حقوق الإنسان، مؤكدا على ضرورة التكوين القانوني للصحفيين وإصلاح المنظومة القضائية. وركزت الدكتورة نزهة الخلدي أستاذة بالكلية المتعددة التخصصات في مداخلتها التي عنونتها ب " الإعلام : التوعية الجماهيرية والتربية على القيم الوطنية" على العديد من النقط المهمة المتعلقة أساسا بالتزام الصحفي بحدود النقد المباح على حد تعبيرها، وضمان حقوقه في الحصول على المعلومة، والتشبث بأخلاقية المهنة وتقويم سلوكه المهني وإنتاج ما سمته ب "صحافة الجودة". أما محمد العلالي أستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للإتصال والإعلام بالرباط، فقد ركز على موضوع الصورة في الإعلام، معتبرا أن نشر بعض الصور في الصحافة المكتوبة أو السمعية البصرية " يتجاوز اللياقة والحرية الشخصية"، مذكرا بصور أحداث 16 ماي، والقصر الكبير، والعراق، والصور الملكية، وأكد على ضرورة إلمام المهنيين بالقضايا المتعلقة بالصورة والحق فيها. وانتقد بشدة طريقة التعامل مع الصورة إعلاميا عند البعض بنقلها من سياقها الخاص إلى سياق مختلف تماما، مشيرا في الوقت ذاته إلى التشتت الحاصل على مستوى القوانين المنظمة للصورة على اعتبار أن هناك قوانين غير واضحة وغير منسجمة. كما أشار إلى نشر صور المحاكمات مثل نشر صور لمتهمين قبل الحكم عليهم من طرف القضاء، وغير ذلك، مؤكدا في الأخير على ضرورة تأهيل قطاع الإعلام والنظر إليه نظرة تكاملية، والنظر إلى الصحافة من الجانب القانوني وأخلاقيات المهنة. وقد أعقب هذا اليوم الدراسي، الذي حضره كل من نائب رئيس جامعة عبد المالك السعدي وعميد الكلية المتعددة التخصصات وطلبتها وممثلي الصحافة بالجهة، نقاش مهم وراقي حول استقلالية القضاء،والقضاء المتخصص، والصحافة المتخصصة والبطاقة المهنية والتقنين المثالي للصحافة، والعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية والتنظيم الذاتي للمهنيين في هذا القطاع.