يختتم البرلمان غدا دورة أكتوبر، وذلك على إيقاع جلسة مساءلة رئيس الحكومة المقررة اليوم في الغرفة الأولى، بالإضافة إلى حديث مختلف الأطراف عن الحصيلة العامة لعمل المؤسسة التشريعية خلال الدورة المنصرمة، وهو الحديث الذي يتراوح بين من يعتبر أنها كان يمكن أن تكون أحسن وأكثر إنتاجية، وبين من لا يتردد في وصف هذه الحصيلة بالهزيلة. بصفة عامة، فإن دورة أكتوبر عادة يجري استهلاك حيزها الزمني في دراسة وإقرار قانون المالية، ما يجعل المنجز المرتبط بباقي مهام المؤسسة التشريعية يأتي دائما في المرتبة الثانية، وخصوصا الإنتاج التشريعي الذي يكون عادة في هذه الدورة ضعيفا، لكن سياق الدورة وظرفيتها السياسية جعلا الانتظارات كبيرة ومستعجلة، مايدفع البعض إلى تقييمات متسرعة ولا تخلو من تصفية حسابات. دورة أكتوبر لم تخل فعلا من مناسبات ساد فيها نقاش جدي وحيوي، وإن كانت قليلة في المجمل، ومع ذلك فإن حصيلة الدورة تؤكد اليوم حاجة البلاد إلى نقلة جوهرية على مستوى الإنتاجية التشريعية لغرفتي البرلمان، وخصوصا على مستوى إعمال مقتضيات الدستور الجديد، وإخراج القوانين التنظيمية والعادية ذات الصلة بذلك. وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة إعلان الحكومة في أقرب وقت عن مخططها التشريعي، وإحالته على البرلمان، وأيضا جعل الخطوة مسنودة بانخراط سياسي واسع من لدن مختلف مكونات الأغلبية، وأيضا بتعاطي جدي ووطني من لدن قوى المعارضة، وذلك حتى تكون المؤسسة التشريعية بدورها قد ساهمت في كسب رهان تطبيق الدستور، وجعله قائما على الأرض من خلال الآليات القانونية والمؤسساتية والتنظيمية اللازمة. إن المطلوب اليوم من البرلمان، وخصوصا الغرفة الأولى، ليس هو هذا التسابق الغريب الملحوظ منذ مدة من خلال طرح مقترحات قوانين من لدن الفرق، والتنافس عمن يكون الأول في ذلك، وعمن سيسبق إلى إدراج مشروعه أمام اللجنة المختصة، فهذا السلوك، الذي كان يمكن أن يساهم في تجويد أداء البرلمانيين والرفع من وتيرة التشريع، تحول اليوم إلى دوران في نفس المكان لا يقود إلى أي اتجاه، ومن المفروض وعي كل الأطراف بضرورة الخروج منه، والانكباب بجدية على التداول في النصوص والمشاريع، وجعل الهدف هو إعداد هذه المنظومة التشريعية ذات الأهمية القصوى لبنائنا الدستوري والمؤسساتي، والتي من دونها لن يكون هناك معنى للتحول الذي أسس له المغرب بإقرار دستور فاتح يوليوز 2011. بانتهاء دورة أكتوبر إذن يجب الآن الانكباب على الاستعداد للدورة المقبلة، وذلك بإعداد كامل تفاصيل المخطط التشريعي المرتبط بتطبيق الدستور، وإسناد ذلك بانخراط سياسي وبرلماني واسع يؤمن للعملية النجاح، كما أنه من الضروري أيضا العمل على تحسين مستوى العمل الرقابي، سواء من خلال الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفوية، أو من خلال الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، وبالتالي الانتقال بالبرلمان إلى جعله فضاء فاعلا ومنتجا في الدينامية السياسية الوطنية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته