نحو الحسم في سيناريوهات إصلاح نظام التقاعد بالمغرب من المقرر أن تجتمع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد، برئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الأسبوع المقبل، من أجل الحسم في سيناريوهات إصلاح نظم التقاعد التي باتت مهددة بالعجز المالي خلال السنوات المقبلة، حسب مصادر نقابية متطابقة. ويعد هذا الاجتماع، الذي كان من المقرر عقده اليوم الأربعاء، والذي حددت الحكومة تاريخه قبل أسابيع من الآن، وراسلت بشأنه زعماء المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية وقيادة الاتحاد العام لمقاولات المغرب فضلا عن مدراء صناديق التقاعد، الأول من نوعه منذ سنة 2004. ويبدو أن الحكومة مصممة على مباشرة إصلاح أنظمة التقاعد، خاصة وأن رئيسها صرح أمام مجلس المستشارين، الذي خصص جلسة عمومية لمساءلة الحكومة بشأن خطتها في الإصلاح، أن «أنظمة التقاعد في خطر، وسنصلحها مهما يكن الثمن، لأن تأخر الإصلاح ستكون له تكلفة غير متوقعة». وأرجع بنكيران أسباب الأزمة إلى «ارتفاع أمد الحياة بالمغرب، وارتفاع سن التوظيف»، كاشفا عن ملامح خطة الإصلاح التي تقضي باتخاذ إجراءات مرحلية تمنح الحكومة مهلة 10 سنوات لتنفيذ إصلاح شامل لهذه الأنظمة. وتتمثل أبرز الإجراءات المرحلية، حسب بنيكران، في رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، والرفع من قيمة الاقتطاعات الشهرية إلى أكثر من 20 بالمائة، وتغيير طريقة احتساب معاش التقاعد الذي كان يرتكز على آخر أجرة، ليتم استبداله بمعدل الأجرة للسنوات العشر الأخيرة من العمل. وأشار رئيس الحكومة أيضا إلى إمكانية توسيع نطاق تغطية هذه الصناديق لتشمل فئات غير الأجراء مثل الأطباء والمحامين والمهندسين والصيادلة، خصوصا أن التغطية لا تشمل سوى 33 في المائة من إجمالي السكان النشيطين بالمغرب. وقد خلفت تصريحات رئيس الحكومة ردود فعل كثيرة ومتباينة من جملتها رد النقابات، لا سيما الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، التي صرح قياديون بها لبيان اليوم أن نقاباتهم لا تعترض على القيام بإصلاح صناديق التقاعد، إلا أنهم يرفضون أن يتم ذلك على حساب مكتسبات الأجراء خاصة وأن أزمة نظام التقاعد بالمغرب نتجت عن «سوء التدبير وغياب الحكامة فضلا عن تقاعس الدولة كمشغلة عن أداء مستحقاتها لدى الصندوق المغربي للتقاعد لعدة سنوات». كما أشار ممثلو المأجورين إلى ضرورة توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية التي لا تتعدى 33 بالمائة من الشغيلة، وتحسين توظيفات مدخرات صناديق التقاعد كأحد الخيارات الكفيلة بضخ أموال إضافية لهذه الصناديق. وكانت مذكرة لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب، أعدتها اللجنة التقنية المكلفة بالإصلاح، قد قدمت عدة خيارات مفتوحة، أولها الحد الأدنى للإصلاح، والذي يهدف إلى الحفاظ على التركيبة الحالية للقطاع مع إدخال إصلاحات على مستوى المقاييس التقنية للأنظمة الحالية، ثم الإصلاح البنيوي الذي يقترح إدماج صندوقي النظام العام، في حين سيبقى الصندوق المهني المغربي للتقاعد نظاما تكميليا إجباريا. كما تدارست اللجنة سيناريو آخر للإصلاح البنيوي ويهدف إلى إحداث حسابات ادخار فردية إجبارية كنظام تكميلي لمستخدمي القطاع الخاص، فيما أدرجت الإصلاح الجذري، والذي يتمثل في إحداث نظام موحد وطني يشتغل وفق مبدأ الحسابات الافتراضية كمستوى أول، أو وفق مبدأ الرسملة الجماعية أو الفردية كمستوى ثان.