نظم المسرح الوطني محمد الخامس بشراكة مع مؤسسة أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية الذكرى الأربعينية لفقيد المسرح والزجل والفنون الشعبية الأستاذ أحمد الطيب العلج، وذلك يوم السبت 12 يناير 2013 على الساعة الخامسة مساء بالمسرح الوطني محمد الخامس، وبدعم من منظمات وجمعيات ثقافية وفنية وطنية، وبحضور ومساهمة نخبة من رموز الإبداع والبحث من داخل المغرب وخارجه، إلى جانب مشاركة متميزة لعدد من أعضاء الحكومة. وقد تميز الحفل الذي ترأسته الأميرة للا حسناء بحضور رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ، ووزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، ومؤرخ المملكة عبد الحق المريني، وتجدر الإشارة إلى أن الحفل التأبيني تميز كذلك بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين فيه، والتي أعرب فيه عن عميق تقديره للراحل الكبير، « باعتباره فنانا مغربيا أصيلا متعدد المواهب، ساهم بنصيب وافر في النهضة الفنية والمسرحية وبناء الشخصية الثقافية ببلادنا، منذ بداية عهد الاستقلال. مما جعله يتبوأ مكانة متميزة في الفضاء الفني والأدبي الوطني». كما أكد الملك في هذه الرسالة التي تلاها عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة، محافظ ضريح محمد الخامس والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، أنه «وبفضل عبقريته ونبوغه واجتهاده، فقد تمكن من تخليد إسمه، عن جدارة واستحقاق، في السجل الذهبي للفن المغربي، كأحد رواد المسرح، تأليفا وتمثيلا، وأبرز الشعراء والزجالين، حيث لحن كلماته الرائعة كبار الموسيقيين، وتغنى بها أشهر الفنانات والفنانين». في كلمة بهذه المناسبة، أعلن فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، أنه تقرر بأمر من الملك، إطلاق اسم أحمد الطيب العلج على أحد استوديوهات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وهو «أستوديو رقم 5» الذي سجلت فيه فرقة التمثيل لدار الإذاعة أهم أعمال هذا الفنان الكبير. وأوضح العرايشي، أن «هذه الالتفاتة المولوية الكريمة من جلالته، تأتي تقديرا للمسار الفني المتميز للراحل واعترافا بإبداعاته في مجالات التأليف المسرحي والتمثيل والشعر والزجل، الذي طبعه المرحوم بطابع فريد سيبقى خالدا في أذهان كل المغاربة». وأضاف أن الراحل «يعتبر هرما كبيرا وأحد أعمدة المسرح في المغرب والوطن العربي، والذي استحق بكل اقتدار وكفاءة الجوائز المرموقة التي نالها طوال مسيرته الفنية والإبداعية، في جديته واجتهاده وتفرده في فكره وعطاءاته الفنية»، مشيرا إلى أن الفقيد أحمد الطيب العلج «سيظل نقطة مضيئة في تاريخ الفن المغربي ونبراسا للأجيال الصاعدة حتى تسير على نفس النهج». من جانبه، قال محمد مصطفى القباج، الكاتب العام لمؤسسة أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية، إن «المرحوم كان قبل أن تعود روحه إلى بارئها، يشغله موضوع حفظ الذاكرة الثقافية والفنية لبلادنا، وهي متضمنة في عطاءات المفكرين والمبدعين». ولذلك - يضيف القباج - أراد « أن يخلف وراءه مؤسسة تتحمل مسؤولية نشر ما أنتجه من المسرحيات والأزجال والأبحاث، وخاصة التي لم تنشر بعد، وفي نفس الوقت أن تدعم كل المبادرات التي تعمل على إنجاز أبحاث علمية معمقة وأصيلة، تولي الأولوية لنصوص الرواد التي ينبغي أن تكون حاضرة دوما لدى الأجيال الحاضرة والصاعدة «. وأشار إلى أن الراحل، أشرف قبل وفاته على إنشاء مؤسسة أحمد الطيب العلج، بحضور ثلة من الأكاديميين والمثقفين والفنانين والإعلاميين المرموقين، حيث خاطبهم بقوله « إن ما يهمني من هذه المؤسسة هو الإسهام في ازدهار الفكر والفن المغربيين والحرص على التزامهما بالثوابت العقدية والثقافية، وبروح الوطنية الصادقة «. كما ألقى نجل الفقيد محمد حسن العلج، كلمة باسم أسرة الفقيد، ضمنها أصدق معاني الشكر والامتنان لكل من تقدم بتعازيه ومواساته في وفاة المرحوم أحمد الطيب العلج، وعلى رأسهم الملك محمد السادس. وقال في هذا الصدد إن « والدنا رحمه الله كان في بيته متدفق العطاءات في المحبة والصدق والإخلاص في العمل»، مشيرا إلى أنه «كان غزير الإنتاج لأن هدفه الأول هو كتابة ما هو أحسن، مما جعله طيلة حياته يكتب أو يقرأ على الدوام، مؤمنا بأن الفن والمسرح هما مرآة للمجتمع ونبض ثقافة الشعوب». وأضاف أن الفقيد أحمد الطيب العلج «'رحل عنا جسديا لكنه ترك إبداعات كثيرة قليل منها قد خرج للوجود من مسرحيات ومسلسلات وقصص قصيرة وزجل وكلمات الأغاني، ولكن أعظمها لم ينشر بعد، ولهذا لا بد أن نجعل من مؤسسة أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية إطارا، لنتعاون جميعا من أجل نشر تراثه وإبداعاته، حتى نساهم في الحفاظ على الذاكرة الثقافية لبلادنا». يذكر أن الراحل أحمد الطيب العلج، الذي وافته المنية يوم فاتح دجنبر المنصرم، يعتبر أحد أبرز وجوه المسرح المغربي، حيث تقلد في حياته أوسمة وشهادات تقدير على إبداعه في مسيرة الحركة المسرحية، وهو فنان عصامي تمكن بفضل مثابرته ومجهوده الشخصي من تسجيل اسمه في تاريخ المسرح المغربي والعالمي. وانضم الراحل إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1986، وأحرز سنة 1973 على جائزة المغرب في الآداب كما نال وسام الاستحقاق الفكري السوري سنة 1975، وسبق له أن شارك سنة 1960 في تدريب بمسرح الأمم بباريس. وقد ألف واقتبس مجموعة من النصوص المسرحية من قبيل «دعاء للقدس»1980، و»بناء الوطن» 1988، و»السعد» 1986، و»جحا» و»شجرة التفاح». ومن مؤلفات بالدارجة «عزيزي أنا»، «النفخة»، «طالب راغب»، «الشهيد».