الشاعر الذي يباشر القصيدة بزهد عاشق للكلم المبجل احتفت جمعية التلقي المسرحي مؤخرا بدار الشباب بوشنتوف بالدارالبيضاء، ب» كأس ديك الجن» للشاعر المغربي محمد عرش، الصادر مؤخرا عن منشورات إتحاد كتاب المغرب موسوما بلوحة تشكيلية للفنان المغربي خليل غريب، مع قصائد موزعة في 98 صفحة. وقد شارك في اللقاء الأساتذة، المترجم والناقد نصر الدين شكير، الكاتب محمد هاب، الشاعر الناقد عمر العسري، الباحث محمد الهودالي ، الشاعر محمد فراح ، بتسيير الناقد والمترجم لحسن حمامة، هذا الأخير قدم الشاعر محمد عرش معتبرا إياه غنيا عن التعريف بحكم مسيرته الشعرية والثقافية التي راكمت لحد الآن أربع مجاميع شعرية: أحوال الطقس الآتية (1987) ، أنثى المسافات (1991) ، مغارة هرقل (2009 (، علاوة على عمله الجمعوي والثقافي المدعم لكل المبادرات التي تخدم كل ما هو ثقافي. الكاتب محمد هاب الذي قدم قراءة في العمل المحتفى به عنونها ب» مؤانسة المعنى و إبداع اللفظ»، أكد على أن جمالية النص لا تتحقق إلا بمراعاة جانب اللفظ ، وإمتاعه ، وجانب المعنى ومؤانسته . لهذا انمازت لغة الديوان الشعري ( إيحاء لفظي متوازن ، خلقته الحروف ، والكلمات ، والصورة الشعرية الممتدة باستعاراتها ، و إيقاع موسيقي داخلي متلون ب» التكرار ، التجنيس ، التوازي ، و أن محمد عرش مبدع متمرس على الذخيرة الشعرية القديمة، و الحداثية قراءة، و إبداعا ..خاتما ورقته مخاطبا الشاعر '' أيها الشاعر الحاذق إذا عثرت على كأس ديك الجن فهي لي...». أما المترجم و الناقد نصر الدين شكير اختار أن يشارك بورقة عنونها ب « ماء الشعر و بهاؤه « حيث شبه كأس ديك الجن بالكأس المقدسة، وأن العمل يزخر بحوارية تطبع اختيارا جماليا عند الشاعر ، وصولا إلى احتفائه بالصداقة عبر تخصيصه لحيز كبير من العمل لثلة من أصدقائه خصوصا في نصه « قدموس» ، واصفا محمد عرش ب» الشاعر الذي لا يأتي القصيدة باندفاع الفتى المغرم الأرعن ، وإنما يباشرها بزهد عاشق للكلم المبجل «مستمدا من ليل المعاني حروفا نورانية « يدغدغنا / من آن لآخر / حرف يضيء الطريق « ( طيور الحب، ص5 ) ، وأن القصيدة في هذا العمل تصير جسدا مستفيدة من استعارة تشمل الكتاب برمته، خصوصا قصيدة « وصايا أبي تمام « وهي الأطول ضمن باقي القصائد، التي تتضافر فيها موضوعات مهيمنة: الكتابة الشعرية، الاختيار الفني الجمالي، الموقف من العالم ومن التراث الشعري ومن « قصيدة النثر تحديدا «. بالنسبة للشاعر والمترجم عمر العسري الذي عنون ورقته ب» بلاغة القصيدة القصيرة « أشار إلى أن نصوص المجموعة خصوصا، ومجاميع محمد عرش الشعرية عموما تمتاز بقصائد قصيرة « الومضة»، هذا النوع الذي عانى من غياب متابعة نقدية عربية ، وأن الشاعر اشتغل في الديوان على حوارية أشار إلى أسماء وازنة لها ثقل أدبي، كأبي تمام، المتنبي، بودلير، رامبو، معبرا عن موقفه من قصيدة النثر « سيدي ما حكم التدوير / إن تسكعت القصيدة / طوال الليل / بحثا / عن / suzanne bernard // في « أزهار الشر» / لخلق موسيقى النمل / ( وصايا أبي تمام، ص 39) أما الباحث محمد الهودالي فأشار في كلمة مقتضبة إلى أن الشاعر محمد عرش أسس لتجربة شعرية متطورة استفادت من التراث العربي ووظفته ضمن الحداثة الشعرية المغربية إلى جانب محمد بنيس وبنطلحة وإدريس الملياني.. و أن كأسه هذه المرة « و يقصد الديوان» جاء مليئا بأشياء معبر عنها كالمعاناة وواقع الاغتراب الذي يحسه الشاعر دائما، الكلمة الختامية للقاء كانت لصاحب الكأس الشاعر محمد عرش الذي خاطب النقاد و القراء « هل عثرتم على كأس ديك الجن ؟» ، شاكرا جمعية التلقي المسرحي على هذه المبادرة، مفصلا سيرة ديك الجن الحمصي الذي فتن به الشاعر و بالأحداث التي صادفته طيلة حياته، ثم معرجا على عوالم الكتابة التي تسكنه، منهيا كلمته ب'' أن الكاتب حين ينهي نصه، يصبح ملكا للناقد و القارئ «. ثم قرأ نصا حديثا عنونه ب» لا وقت للبياض «. * شاعر مغربي