أسعار الخضر تلهب جيوب المغاربة للأسبوع الرابع تشهد أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا صاروخيا في الأسواق المغربية، وعزت الحكومة على لسان الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، نجيب بوليف، هذا الغلاء إلى «التقلبات المناخية التي يمر بها المغرب نتيجة الثلوج التي أثرت على الطرق خلال الأيام الأخيرة، وأيضا بفعل موجة الصقيع التي ضربت الخضر والفواكه التي تجنى في هذا الوقت..». وتتجاوز أسعار الخضر الأساسية التي تشكل القوت اليومي لأغلبية الأسر ثمن الثمانية دراهم فيما ارتفع سعر الطماطم إلى مستوى قياسي يتراوح بين 8 و9 دراهم للكيلوغرام الواحد . وأرجع محمد السبكي مدير سوق الجملة بالدار البيضاء ارتفاع ثمن الطماطم إلى التقلص الشديد للعرض، مقارنة بالطلب المرتفع، حيث تراجع بشكل كبير عدد الشاحنات التي تلج سوق الجملة في العاصمة الاقتصادية للمملكة، والتي كان عددها يفوق 13 شاحنة محملة بالطماطم يوميا، وقد يتجاوزه إلى أكثر من ذلك، خاصة يومي الخميس والسبت من كل أسبوع، موعد قدومها من ضواحي مدينة المحمدية، ومن منطقة الغرب. ويجري الحديث، حسب السبكي، عن عودة التزويد الطبيعي لسوق الجملة من الطماطم، خلال منتصف شهر يناير القادم، تزامنا مع بداية موسم الجني في منطقة سوس ماسة درعة، التي تعتبر المزود الرئيسي لكل أسواق المغرب من هذه المادة الغذائية. وهو ما اعتبرته الجامعة المغربية لحقوق المستهلك تبريرا لا يكشف حقيقة تطورات الأسعار، محذرة من استمرار ارتفاع الأسعار الذي يمس المواد الأساسية لقفة المستهلك في التغذية، مشيرة إلى أن ذلك يوسع دائرة الفقر ويهدد أسس الاستقرار الاجتماعي. ودعت الجامعة في بلاغ لها الحكومة إلى ضرورة «تحمل المسؤولية بحزم، ووضع استراتيجية جدية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، واتخاذ إجراءات موازية تستهدف الحد من تفاقم الأزمة، وحماية القدرة الشرائية والحقوق الاقتصادية لعموم المستهلكين المغاربة، بمختلف شرائحهم الاجتماعية، خصوصا الذين يعانون من الهشاشة، ومن ذوي الدخل المحدود والمتوسط، بغاية ضمان السلم الاجتماعي والحفاظ على الاستقرار» . وقال مراد كرطومي، منسق نقابة أسواق الجملة للخضر والفواكه بالمغرب، إن الفوارق بين أسعار الجملة والتقسيط سببها المضاربات والاحتكار، موضحا أن الكثير من الخضر والفواكه التي تباع حاليا بأثمنة باهضة، يتم اقتناؤها من أسواق الجملة بأثمنة «معقولة»، مشيرا إلى أن «جشع» المضاربين هو ما يرفع من أسعار هذه المواد. وذكر كرطومي أنه من أسباب هذا الارتفاع أيضا، غلاء بذور بعض الخضر، مشيرا على سبيل المثال إلى أن بذرة البطاطس يتم استيرادها من الخارج بدرهم ونصف، لكنها تصل إلى الفلاح البسيط مقابل 16 درهما. لكن، برأي كرطومي، فإن الحل لتجاوز هذه المضاربات وبالتالي غلاء أسعار الخضر والفواكه، يتمثل في «إصلاح أسواق الجملة وتوحيد الأثمنة والرسوم الجبائية». من جانبهم، يرى مهنيو القطاع الفلاحي أن التطبيق الأمثل لمضامين المخطط الأخضر يمكن أن يجنب المغرب مطبات عديدة ويحول دون ارتفاع أسعار الخضر الأكثر استهلاكا من طرف المغاربة. بيد أنهم رهنوا نجاحه بالانخراط الفعلي والمسؤول لكل المتدخلين المطالبين بالمشاركة الإيجابية في برامجه وصولا إلى ضمان الأمن الغذائي الذي يعني وفرة المنتجات بأسعار مناسبة. بهذا الخصوص قال عبد الله مويسات، رئيس الجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الفواكه والخضر في تصريح لبيان اليوم، إن المصدرين المغاربة يصارعون عامل الزمن لتوفير الكميات اللازمة للوفاء بالتزاماتهم الخارجية. ذلك ما يفسر، حسب عبد الله مويسات، الارتفاع الجنوني لبعض المنتجات الفلاحية خاصة الطماطم التي تضررت بشكل كبير، نتيجة موجة البرد التي اجتاحت المناطق الفلاحية الرئيسية إضافة إلى موجة الجريحة التي تسببت في إتلاف مساحات مهمة مخصصة لزراعة هذه المادة الغذائية واسعة الاستهلاك في المغرب. ولا تبعث الأجواء الحالية، على التفاؤل، يقول مويسات. ففيما يخص الخضر والفواكه بمختلف أنواعها، بلغ التراجع أرقاما قياسية، خاصة على مستوى الطماطم، التي لن تعود إلى مستواها العادي سواء من حيث الكم أو السعر في الأسواق الداخلية إلا نهاية شهر يناير القادم، أي بعد جني منتوج استفاد من حرارة الجو. في ظل هذا الوضع الاستثنائي، فمنتجو ومصدرو الخضر والفواكه يطالبون الدولة، يقول مويسات، ببذل المزيد من الجهود لتأطير وإرشاد الفلاحين، والانكباب على تنفيذ برامج هيكلية للحد من مشكلا لتقلبات الجوية، وخاصة بمنطقة الغرب وسوس ماسة درعة، وذلك عبر وضع برنامج لتحويل المياه التي تهدر سنويا بهذه المنطقة، مطالبين في ذات الوقت، بمعالجة المشاكل المرتبطة بغلاء الأسمدة والمبيدات، وبدعم الفلاحين الذين تكبدوا خسائر كبيرة، وبالانكباب كذلك على المشاكل التي تعرفها الغرف الفلاحية.