صادق مجلس الأمن الدولي، بداية الأسبوع الجاري، على بيان رئاسي أعده المغرب يدعو إلى اعتماد مقاربة مندمجة ومنسقة حول الأزمة المتعددة الأبعاد في منطقة الساحل والصحراء. وأعد هذا البيان، الذي تمت المصادقة عليه خلال الاجتماع الوزاري لأعضاء المجلس ال15 حول الوضع في الساحل، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمبعوث الخاص لمنطقة الساحل الايطالي رومانو برودي، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، من قبل المغرب الذي يرأس حاليا مجلس الأمن الدولي برسم شهر دجنبر الجاري. شارك في المناقشة خلال هذا الاجتماع، وزراء الشؤون الخارجية للعديد من البلدان، وعلى الخصوص كولومبيا والطوغو، والكوت ديفوار،عن المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب افريقيا، وكذا ممثلو منظمات إقليمية (مجموعة بلدان الساحل والصحراء/سين صاد) ومنظمات دولية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وأشاد المجلس ب»المبادرات التي تقوم بها بلدان الساحل بغرب إفريقيا والمغرب العربي، والاتحاد الإفريقي، والمجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا واتحاد المغرب العربي ومجموعة بلدان الساحل والصحراء، والشركاء الدوليون كالاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي، وكذا منظمة الأممالمتحدة من أجل التصدي المشاكل المعقدة والمتعددة الأبعاد التي تواجهها منطقة الساحل». وجدد مجلس الأمن في هذا البيان» تشبثه القوي بسيادة دول منطقة الساحل وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي ووحدتها»، مؤكدا أهمية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي بناء على مسؤولية مشتركة». كما أكد مجلس الأمن مجددا الحاجة إلى التعاون والتنسيق الشاملين والمعززين فيما بين دول منطقتي الساحل والمغرب العربي، وفيما بين دول كل من المنطقتين، بالتعاون مع الهيئات ذات الصلة التابعة للأمم المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين من أجل مكافحة أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومنع زيادة تقدم عناصر هذا التنظيم والجماعات المرتبطة به في منطقة الساحل ومنطقة المغرب العربي وما وراءهما. وكذلك لمعالجة انتشار الأسلحة بجميع أنواعها، والجريمة المنظمة عبر الوطنية، بما في ذلك الأنشطة غير المشروعة مثل الاتجار بالمخدرات. كما أقر مجلس الأمن بأن تعزيز مؤسسات الدولة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، كلها أمور ضرورية لضمان الأمن والتنمية والاستقرار على المدى الطويل في منطقة الساحل، مبرزا أهمية إتباع نهج شامل يتضمن الأمن والتنمية والقضايا الإنسانية، لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل في منطقة الساحل. وأعرب المجلس أيضا عن بالغ قلقه لعواقب انعدام الاستقرار في شمال مالي، وفي منطقة الساحل وخارجها، والأخطار الجسيمة للجريمة المنظمة عبر الوطنية في المنطقة، وصلاتها المتنامية بالإرهاب في بعض الأحيان. وأجرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في اليوم نفسه، بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، مباحثات مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني على هامش هذا الاجتماع الرفيع المستوى لمجلس الأمن الدولي، تناولت القضية الوطنية وعددا من المواضيع الراهنة على المستوين الإقليمي والدولي. وقال العثماني، في تصريح للصحافة عقب هذه المباحثات «ناقشنا التطورات الأخيرة المتعلقة بقضية الصحراء المغربية والزيارة الأخيرة (في المنطقة) للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس». وأبرز الوزير أن زيارة روس، التي جاءت تبعا للمكالمة الهاتفية التي جرت بين جلالة الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم 25 غشت الماضي، كانت مناسبة للتأكيد على ضرورة تحقيق تقدم في مسلسل التسوية على أسس متينة وسليمة، والالتزام بالمعايير الواضحة الواردة في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعلى الخصوص الواقعية وروح التوافق والاعتراف بالطابع الجدي وذي المصداقية للجهود التي يبذلها المغرب في إطار مبادرة الحكم الذاتي. وقال الوزير»طلبنا من بان كي مون مواصلة السهر شخصيا على الجهود المبذولة من أجل إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن مسلسل المفاوضات يتعين أن يندرج في إطار مبادئ الأممالمتحدة، ولاسيما احترام السيادة الترابية للدول، والارتكاز على التوافق والواقعية، وهي المعايير التي يدعو إليها المجتمع الدولي والواردة في كل قرارات مجلس الأمن الدولي. وأضاف الوزير» لقد تطرقنا كذلك إلى قضية تفعيل اتحاد المغرب العربي والأمن في المنطقة، لاسيما في ضوء الأزمة المتعددة الأبعاد في منطقة الساحل». وقال إن الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب خلال هذا اللقاء، عن «تقديره لرؤية جلالة الملك محمد السادس في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، خاصة ما يرتبط بسورية «، مضيفا أن بان كي مون أشاد ب»المساعدة الإنسانية التي منحها المغرب لفائدة اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة لسورية». وأضاف الوزير، أن هذا اللقاء الذي جرى على الخصوص، بحضور سفير المغرب بالأممالمتحدة محمد لوليشكي، شكل أيضا مناسبة للتطرق للاجتماع المقبل لأصدقاء الشعب السوري المزمع عقده يومه الأربعاء بمراكش والذي « سيكون من بين أهم الاجتماعات الرامية إلى العمل على التخفيف من معاناة الشعب السوري». وعلى هامش الاجتماع الرفيع المستوى لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الوضع في منطقة الساحل، أجرى العثماني، في ذات اليوم بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، مباحثات مع العديد من نظرائه الأفارقة. وتباحث العثماني على التوالي مع وزيرة الماليين في الخارج والاندماج الإفريقي تراوري روكياتو غويكيني ونظيريه الايفواري شارل كوفي ديبي والطوغولي اليوت أوهين. وتركزت هذه المباحثات، التي حضرها على الخصوص سفير المغرب لدى الأممالمتحدة محمد لوليشكي، بالأساس على العلاقات الثنائية المتميزة وسبل تطويرها، وكذا حول الأزمة المتعددة الأبعاد في منطقة الساحل والصحراء. وأشاد الوزراء، بهذه المناسبة، بعمل المغرب لفائدة إفريقيا، والذي تبين من خلال الاجتماع الرفيع المستوى المنظم بمبادرة من المملكة في إطار رئاستها لمجلس الأمن لشهر دجنبر، والذي توج بإصدار بيان رئاسي سيصبح وثيقة للأمم المتحدة. وأكدوا ، في نفس السياق، على» أهمية وشمولية» هذا البيان الذي أعده المغرب.