أصبحت الصحافة الإلكترونية تحتل، اليوم، مكانة هامة في المشهد الإعلامي المغربي. مرتبة لم تأت اعتباطا أو بمحض الصدفة، بل جاءت عبر تضحيات جسام للمؤسسين الأوائل في المغرب. حتى عهد قريب، كانت المواقع الإلكترونية تعد على رؤوس الأصابع، و من القلة بحيث يمكن التعرف بسهولة على الأسماء التي أسست لها وجعلت لها مكانا في المغرب بعملها التطوعي المجاني. هي أسماء معروفة في الإعلام الرقمي، ويكفي زيارة موقع البحث « غوغل « للتعرف على بعضها، و على المسارات التي عرفتها الصحافة الإلكترونية في بلادنا، قبل مرحلة الاعتراف الرسمي بالصحافة الرقمية من حيث التقنين و الهيكلة و التنظيم و الدعم . اليوم، وقد أصبحت بعض المواقع أشهر من نار على علم، وبعد بروز مواقع أخرى تبحث بشكل حثيث عن فرض الذات في الساحة الإعلامية، لازالت الصحافة الإلكترونية تراهن على كسب المزيد من الزوار و القراء، عبر المهنية و الاحترافية، عوضا عن الهواية و الجنينية التي ميزتها خلال السنوات الأخيرة . إن المرحلة الجديدة التي دخلتها الصحافة الرقمية في المغرب، من حيث تعدد المواقع و الإطارات القانونية (جمعيات و أندية و اتحادات وفدراليات و عصب و رابطات)، دليل قاطع على الدور الريادي الذي أصبحت تلعبه الصحافة الرقمية في المغرب على صعيد الآنية في نشر الخبر و سرعة انتشاره وتداوله عبر المواقع الاجتماعية المعروفة و المتابعة و الحضور في كل مكان و زمان لدرجة أنها أصبحت تهدد الصحافة الورقية بسحب البساط عنها و منازعتها حصة الإعلانات الإشهارية التي كانت حكرا على الصحافة التقليدية و السمعية البصرية . في هذا الوقت بالذات، الذي يجب فيه أن نتكتل و نوحد الصفوف من أجل إعلام حر و بديل حقيقي يكون صوتا من لا صوت له، أصبحت تحاك السيناريوهات من أجل الاحتكار و الإقصاء و التهميش للمواقع التي ساهمت في بناء صرح الصحافة الإلكترونية . لقد كانت الصحافة الرقمية في المغرب الأفق المنظور للعديد من الأقلام التي أبانت عن جدارتها و كفاءتها، بعيدا عن الصحافة الورقية ، التي كان بعضها يفضل الانغلاق على الذات دون الآخرين مساهما بذلك في هجرة العديد من الأقلام من الورق إلى النت . لذا لا نريد، اليوم، أن يتكرر المشهد ذاته بمسميات مختلفة. فالدعم و التقنين و التنظيم كان مطلبا أساسيا لكل حملة الأقلام من أجل السير قدما إلى الأمام و ليس من أجل البقاء حيث نحن ، نحارب بعضنا البعض، تارة بالإشاعة و طورا بتسفيه المجهودات المبذولة من طرف بعض الإطارات القانونية ، لا لشيء إلا من أجل إرضاء نرجسية ذاتية ، وإشباع رغبة دفينة في إقصاء و تهميش الآخر. أكيد أن البقاء للمواقع الجادة و المسؤولة التي تراهن على الجودة و المهنية في نقل الأخبار، و ليس لتلك التي تسرق مجهود الآخرين و تنسبه إلى نفسها .فكثيرا من التأمل و الحكمة. فنحن لا نزال في مرحلة البداية، لم نحقق بعد كل الطموح الذي من أجله ساهمنا في وضع اللبنة الأولى ، لصحافة بديلة في المغرب . *عضو الاتحاد الدولي للإعلام الإلكتروني