أكد رئيس مجلس النواب٬ كريم غلاب٬ أن الدخول البرلماني المقبل «سيكون تشريعيا بامتياز». وأوضح غلاب٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة حلول السنة التشريعية الجديدة التي ستفتتح بعد غد الجمعة، أنه إلى جانب القوانين التنظيمية التي سيصادق عليها المجلس في إطار تنزيل مقتضيات الدستور الجديد٬ وقانون المالية «الذي يعد من الناحية السياسية أول قانون تقدمه هذه الحكومة في سعيها لتنفيذ برنامجها»٬ سيعكف المجلس على مراجعة نظامه الداخلي لملاءمته مع الاختصاصات الجديدة التي خولها له الدستور، لتطوير عمله وجعله يتجاوب مع انتظارات المواطن والارتقاء به إلى مستوى المرحلة التأسيسية التي يعيشها المغرب. وقال إن هذا الدخول سيكون «جد مكثف» سواء من حيث القوانين العديدة التي ستتم دراستها والمصادقة عليها٬ خاصة تلك المرتبطة بتنزيل الدستور ومراجعة النظام الداخلي للمجلس الذي سيأتي بمنهجية جديدة على مستوى الأسئلة والتنسيق مع مجلس المستشارين٬ أو من حيث التشريع العادي٬ وتفعيل البرنامج الحكومي. فالأمر يتعلق٬ في نظر رئيس المجلس٬ «بولايتين: الأولى عادية تهم التشريع المرتبط بتنفيذ البرنامج الحكومي ذي الصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية٬ والثانية مرتبطة بتنزيل عدد كبير من القوانين التنظيمية للدستور٬ وكلاهما ستتطلب نفس القدر من الجهد والحضور للمناقشة والتدقيق والدراسة». ولتحقيق هذا الغرض - يضيف غلاب - تم اتخاذ جملة من التدابير من أجل الرفع من القدرة الإنتاجية على مستوى التشريع٬ مستحضرا في هذا السياق رفع عدد اللجان من ستة إلى ثمانية٬ وتمديد المدة الزمنية للدورات التشريعية إلى أربعة أشهر٬ إلى جانب عقد دورة استثنائية كلما دعت الضرورة إلى ذلك. غير أن كريم غلاب أكد الحاجة إلى تدابير أخرى تزيد من فعالية العمل البرلماني من أجل سيولة أكبر وتفادي ازدواجية العمل البرلماني والحكومي في مجال التشريع. ومن جهة أخرى٬ شدد غلاب بخصوص المخطط التشريعي الذي سبق أن أعلن عنه رئيس الحكومة٬ على أن تقديم الحكومة لهذا المخطط سيكون «أمرا جد إيجابي»٬ وبمثابة استجابة لمجلس النواب الذي دعا إلى تقديم تصور بخصوص المسلسل التشريعي والمسطرة التي سيتم تبنيها٬ بغية تحقيق مقاربة تشاركية وتفادي بذل مجهود مزدوج من قبل المؤسستين التشريعية والتنفيذية٬ مؤكدا على ضرورة تقديم هذا المخطط في أقرب الآجال. وفي هذا الصدد٬ واستحضارا لهاجس ربح الزمن التشريعي٬ شدد رئيس المجلس على أنه ينبغي أن يتم الشروع في مناقشة كافة النصوص التشريعية بمنهجية عمل تشاركية وأفقية بين المؤسستين٬ وقال «نحن في بداية السنة التشريعية الثانية والدستور ينص على التنزيل الفعلي بعد أربع سنوات». وأضاف قائلا إن «الوقت يمر بسرعة٬ وتنتظرنا محطات جد هامة كالانتخابات والقانون التنظيمي لقانون المالية». واعتبر رئيس مجلس النواب أن التنسيق بين المؤسستين «حقق تراكما إيجابيا»٬ مسجلا التعامل التلقائي لرئيس الحكومة مع البرلمان٬ غير أنه لاحظ أن هناك بعض القضايا التي تحتاج إلى مراجعة من أجل تسريع وتيرة العمل التشريعي٬ ولاسيما على مستوى اللجان التي يصطدم عملها «بنوع من الصعوبة بسبب عدم حضور الوزراء». وأكد أن البرلمانيين واعون بتحديات المرحلة التاريخية التي يجتازها المغرب٬ وهي تحديات ما بعد خطاب تاسع مارس ودستور فاتح يوليوز٬ وخطابات جلالة الملك الداعية إلى ضرورة الارتقاء بالعمل البرلماني. وقال إن من شأن هذا الوعي المشترك٬ فضلا عن الإجراءات التي تم اتخاذها في نهاية الدورة السابقة٬ والمتعلقة بضبط الحضور وتفعيل مقتضيات النظام الداخلي للمجلس في ما يرتبط بالجزاءات٬ إضفاء مزيد من الجدية على عمل المؤسسة التشريعية. واعتبر أن حضور النواب للجلسات «كان إيجابيا» خلال الدورة السابقة التي استمرت إلى غاية منتصف شهر غشت الماضي٬ حيث بلغت نسبة هدا الحضور حوالي 80 في المائة٬ بينما كان حضور الحكومة «عاديا» مقارنة مع الدورات السابقة. وقال في هذا السياق٬ إنه بقدر ما يطلب من البرلمان بذل مجهود إضافي٬ يتعين أن تأتي رسائل مماثلة من الحكومة بحضور أكبر٬ مضيفا أن مقترحات القوانين التي تقدمت بها مختلف الفرق خلال الدورة السابقة بلغت 22 مقترحا٬ لم تتم مناقشة سوى نزر قليل منها. وارتباطا بموضوع الإنتاج التشريعي٬ أكد رئيس مجلس النواب على أهمية مساهمة المجتمع المدني في هذا الإنتاج عملا بمقتضيات الدستور الجديد٬ داعيا إلى الإسراع بإخراج القانون التنظيمي الذي سيحدد كيفية هذه المساهمة. وأكد أن مجلس النواب المنفتح على المجتمع المدني والجمعيات كما يتجلى ذلك من خلال إشراكه في المبادرات واللقاء التي سبق له تنظيمها٬ سيضطلع بدور رائد بهذا الخصوص. ولم يفت رئيس مجلس النواب الإشارة إلى العمل الدبلوماسي الذي ظل يشكل أولوية للدفاع عن القضايا الوطنية والحضور المتميز للمؤسسة في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية عبر الفرق ومجموعات الصداقة.