شاركت في سلسلة «ياك احنا جيران» لكي يعرفني الأطفال للفنان محمد مجد جذور راسخة في المسرح المغربي، ورغم أنه خلال المدة الأخيرة ركز اهتمامه أكثر على الميدان السينمائي والدراما التلفزيونية؛ فإن بصماته في المسرح تظل بارزة ولا يمكن القفز عليها، غير أن الظروف المتردية لأب الفنون هي التي أجبرته على الابتعاد عن هذا الميدان مؤقتا. وفي أغلب الأعمال السينمائية التي شارك فيها، نجد أنه حاز على جائزة أفضل ممثل، وإذا لم ينل هو الجائزة؛ فغالبا ما يحظى الشريط الذي يشارك فيه بتتويج في المحافل الدولية. وفي هذه المذكرات التي خص بها بيان اليوم، يتحدث محمد مجد بكثير من العفوية والحنين، عن الطفولة القاسية، الحي الشعبي درب السلطان بالدارالبيضاء، البحث عن الذات، ممارسة مهنة إصلاح صفيح السيارات، التوظيف بالملاحة التجارية، اللقاء الأول بالمسرح، التخلي عن الوظيفة، الدراسة بفرنسا، الفرقة المسرحية التي قام بتأسيسها والتي لم تقدم سوى عرض مسرحي واحد، المشاركة في الأعمال السينمائية وفي الدراما التلفزيونية، آماله وطموحاته.. -5- عند الشروع في البث التلفزيوني ببلادنا، مطلع السيتينيات من القرن الماضي، كان الفنانان عبد القادر البدوي ومحمد الخلفي يتوفران على مجموعة من المسرحيات القصيرة، فعقدا اتفاقية مع إدارة التلفزة، لعرض هذه المسرحيات، فصار عبد القادر البدوي على الخصوص، مرة في كل أسبوع يقدم إحدى تلك الأعمال، التي سبق لنا أن شخصناها على خشبات المسرح، غير أننا كنا نقوم بإعدادها من جديد لأجل العرض التلفزيوني بصفة خاصة، فهذه هي بدايتي بالدراما التلفزيونية، وكان يتم ذلك بشكل مباشر، فمنذ سنة 1963 حتى حدود سنة 1972، تواصلت مشاركتي في الدراما التلفزونية، ثم توقفت هذه المسيرة حتى حدود سنة بداية الثمانينات، حيث استمررت في هذا الشأن، وقدمت أعمالا عديدة في هذا الإطار، إلى حد أنني لم أعد أتذكر جملة من هذه الأعمال. وكان آخر عمل درامي تلفزيوني شاركت فيه إلى حد الآن، هو سلسلة «ياك احنا جيران»، وقد قبلت المشاركة في هذه التجربة، بعد إيماني بأن صورتي وصلت إلى فئة كبيرة من الراشدين، وأصبحوا يعرفونني، غير أن هناك فئة ما زالت لم تتعرف علي، وتتمثل بالخصوص في الأطفال الصغار، ولما أتت فكرة سلسلة «ياك احنا جيران»، قلت لنفسي إن هذه التجربة إذا خضتها من شأنها أن تقربني من الأطفال، على اعتبار أن الجميع سيتابع السلسلة خلال شهر رمضان، وفي وقت واحد، وحاولت بالتالي أن أكسب هؤلاء الأطفال. بحثت عن الشخصية التي سوف تنال إعجابهم، وأحمد الله أن ذلك تم بالفعل، فبالنسبة إلي، كانت مشاركتي مقتصرة على الجزءين الأول والثاني، وكان من المفترض أن أشارك في الجزء الثالث، غير أنه وقع خلاف بيني وبين أحد أصهار منتج السلسلة، فتقرر التخلي عني، ولأجل تنفيذ هذا الأمر، اشترطوا علي أن تكون مشاركتي مقتصرة على ثلاث حلقات فقط، فأجبتهم بأن شرطي الوحيد لقبول هذا العرض، هو الاطلاع على الحلقات الثلاث، فإذا نالت إعجابي سأشارك وإذا لم تنل إعجابي، فإنني سأعرض عن المشاركة، وبعد اتصالات عديدة بيننا، دعوني إلى توقيع العقد، لأجل قيامهم بكتابة الحلقات، فأجبتهم بأنه لا يمكن لي التوقيع على العقد، بينما أنا لم أطلع بعد على الحلقات المزمع أن أشارك فيها، وهذا ما دفعني إلى الانسحاب من هذا العمل، واتخاذ القرار بعدم الاشتغال معهم، إلى حد أنهم كانوا ينادونني، وأرفض الجواب على ندائهم، سيما وأنني لمست انتفاء الجدية، حيث كنت ألح عليهم بأن يهيئوا الحلقات ويطلعوني عليها وبعد ذلك، أقرر إذا ما كنت سأوقع على عقد المشاركة أو لا، لكنهم لم يهيئوا الحلقات، وأنا من جهتي قررت الانسحاب. هناك اعتقاد خاطئ بأنني كنت من بين مؤلفي سيناريو سلسلة «ياك احنا جيران»، لكن الحقيقة أننا كنا نقوم بإصلاح السيناريو، كنا عندما نجد فكرة صالحة للعرض، نجتمع حولها في ما يشبه ورشة كتاب، ثم نقوم بإعادة صياغتها، لكي تكون صالحة للعرض، على اعتبار أننا إذا لم نقتنع بها، فإن الجمهور بدوره لن يكون مقتنعا بها، والدليل على ذلك، أنني خلال السنة الحالية التي تعرف عرض الجزء الثالث، أنا غائب، وليس هناك من نتحاور معه، وكل واحد يفعل ما يريد، والنتيجة كما نراها.