فريق التحالف الاشتراكي يعبر عن رفضه وضع العراقيل في وجه لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير عقد مجلس المستشارين بداية الأسبوع الجاري، جلسة خاصة لمناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير، وتدخل في هذه المناقشة المستشار محمد عداب الزغاري باسم فريق التحالف الاشتراكي ( حزب التقدم والاشتراكية) وفيما يلي نص المداخلة.. السيد الرئيس، السادة المستشارون، باسم فريق التحالف الاشتراكي أتدخل في هذه اللحظة المتميزة، والنادرة مع الأسف، ضمن الصلاحيات الرقابية للمؤسسة التشريعية، وهي لحظة مناقشة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير، بعد مرور شهور على إنجازه من طرف اللجنة المعنية، وهو أمر مؤسف لأنه كان ينبغي لجلسة المناقشة هذه أن تتم خلال هذه الدورة وليس في نهايتها حتى يكون هذا النقاش مثمرا ومؤثرا. ومن حقنا ان نتساءل عن أسباب تأخر عرض التقرير أمام المجلس من طرف الرئاسة، مع العلم ان عمل اللجنة وتقريرها هما ملك للمجلس ولا يخضعان لوصاية رئيسه مادام الدستور لا يسمح بهذه الوصاية، ونتمنى ان لا تتكرر مثل هذه الممارسات مستقبلا. إننا ننوه بعمل اللجنة وبتقريرها، رغم نواقصه، بل وضعف مضمونه مقارنة مع تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو راجع، في الغالب إلى العراقيل التي صادفتها اللجنة وهي تقوم بواجبها وتمارس اختصاصا جوهريا للبرلمان، وهو المراقبة. ونود أن نحيي استماتة اللجنة في الدفاع عن صلاحيات المؤسسة التشريعية، وإصرارها على ممارسة صلاحياتها رغم العراقيل والظروف الغير مناسبة لعملها..... ونود أن نشير إلى أننا نناقش تقرير اللجنة وعملها من منطلق كوننا جزء من هذه المؤسسة وخارج الاعتبارات السياسية والحزبية،هذا المنطلق يحتم علينا الدفاع عن المؤسسة التشريعية وعن صلاحياتها، بل والعمل على توسيع هذه الصلاحيات، ولسنا مستعدين للتنازل عن حقوقنا الدستورية تحت أي مبرر كان.إننا ممثلو الأمة ونحمل أمانة الالتزام بهذه التمثيلية، وهو التزام أسبق من أي التزام آخر... من هذا المنطلق نعبر عن رفضنا لما وضع من عراقيل في وجه اللجنة، عراقيل بدون أي أساس قانوني، وتمس في العمق صلاحيات المؤسسة التشريعية، والتفاف غير مبرر على هذه الصلاحيات بل وتمس دعائم دولة الحق والقانون...فإحالة جزء من ملف مكتب التسويق و التصدير على القضاء بعد انطلاق عملية لجنة تقصي الحقائق هو مجرد تحايل على القانون، لاعتبارات ذاتية مرفوضة قانونيا وسياسيا بل وحتى أخلاقيا....إننا ننبه إلى خطورة ذلك على صلاحيات البرلمان، وعلى مفهوم فصل السلط وضرورة احترام السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية...فالقبول بهذه السابقة والتسليم بها سيعني أن أي لجنة لتقصي الحقائق سوف لن تقوم بعملها وبواجبها بدون رضى السلطة التنفيذية، مما يفرغ مفهوم الرقابة على هذه السلطة من أي مضمون. وعلى المكونات الحزبية سواء للحكومة أو البرلمان أن تتحلى بروح المسؤولية وتجاوز الاعتبارات الحزبية والذاتية في التعاطي مع قضايا مرتبطة بمصالح بلدنا وشعبنا،فما حدث للجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير يدعونا إلى استخلاص الخلاصات اللازمة حتى لا يتكرر ما حدث في المستقبل، وأساسا تجنب تشكيل لجان تقصي الحقائق لتصفية حسابات سياسية أو حزبية من طرف مكونات البرلمان ( ونحن نتذكر الظروف السياسية التي تشكلت فيها لجنة التقصي حول مكتب التسويق والتصدير ) من جهة، ومن جهة أخرى تجنب الحكومة لوضع عراقيل أمام لجان التقصي لنفس الاعتبارات. نقول ذلك لأن آلية لجان تقصي الحقائق آلية ناجعة في العمل الرقابي للبرلمان، ومن المفروض، مواكبة للمستجدات الدستورية وللمكانة الأساسية للمؤسسة التشريعية في نظامنا السياسي وأهمية وبل وضرورة تطوير الأداء الرقابي للبرلمان، ضمن استراتيجية التخليق الشاملة ومحاربة الفساد، أقول من المفروض أن يستخدم البرلمان ، بغرفتيه، هذه الآلية بشكل مستمر، مثلها مثل باقي الوسائل الرقابية الأخرى. ومن المؤسف أن لا يشكل مجلسنا لجنة لتقصي الحقائق إلا بعد مرور حوالي 9 سنوات على تشكيل اللجنة الأولى حول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن لا يشكل مجلس المستشارين سوى لجنتين لتقصي الحقائق منذ تأسيسه... الملاحظة الأخرى التي نريد الإشارة إليها، وهي متضمنة في توصيات اللجنة التي نناقش تقريرها اليوم، هي المتعلقة بضرورة تدقيق القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق. فنحن لم نستسغ أن يرفض مسئولون، لهم علاقة مباشرة بمكتب التسويق والتصدير، الحضور أمام اللجنة رغم وضوح القانون التنظيمي. إنه استهتار وتحقير للمؤسسة التشريعية، ولا يمكن لنا القبول بذلك، سواء بصفتنا كبرلمانيين أو كفاعلين سياسيين، و نقترح بهذا الخصوص على إخواننا في كل الفرق البرلمانية أن نتقدم بشكل مشترك بمقترح تعديل للقانون التنظيمي رقم 95.05 المتمم بالقانون التنظيمي رقم 54.00 المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق حتى لا يكون هناك أي مجال للتأويل والتحايل لعرقلة لجان التقصي، و حتى يكون لإجبارية حضور من ترى اللجنة ومن تقرر حضوره أمامها أمرا مسلما بل هو واجب والتزام. السيد الرئيس، رغم الظروف غير المناسبة التي اشتغلت فيها اللجنة، وانشغالها بمواجهة العراقيل عوض التركيز على مهمتها الأساسية، فإن ما كشف عنه تقريرها من اختلالات، وهي نماذج فقط لكون اللجنة لم تتمكن من الاطلاع على كل الملفات، يعبر عن مدى التسيب الذي عاشته مؤسسة عمومية لها موقع استراتيجي في الاقتصاد الوطني، ولها دور كبير في تطور النشاط الاقتصادي، الفلاحي منه بالخصوص، وفي توازن ميزاننا التجاري. اننا امام نموذج لوضعية المؤسسات العمومية،أو بعضها على الأقل ،وكيفية تدبيرها ،والضياع المالي الأكيد الذي تتكبده مالية الدولة، اضافة الى ضعف الأداء والإنتاجية ،وبالتالي خسارة الاقتصاد الوطني، والتأثير السلبي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بوجه عام.ومما لاشك فيه ان هذا الضياع ضخم وهائل ويقابله استفادة واغتناء جهات معينة ينبغي الكشف عنها من طرف الجهات المختصة. لقد وقفت اللجنة على غياب الحكامة او ضعفها، وضعف المراقبة، والتهاون في استرجاع الديون المستحقة للمكتب سواء تلك المتعلقة بالمتعاملين معه او المتعلقة ببعض اطره ومسئوليه، ومنح تسبيقات بدون ضمانات، وإثقال ميزانية المكتب بتكاليف غير ضرورية وغير مجدية،وبيع عقارات خارج المساطر القانونية.وقد كان لافتا التعامل التمييزي للمكتب مع متعاملين بعينهم،واللجوء المبالغ فيه لأوامر التسخير وسندات الطلب، وغيرها من الاختلالات. لقد حصلت لدى اللجنة قناعة بان هناك تلاعب بالمال العام، ويرجح ان يترتب عن ذلك اختلاسات وتصرف سيء في هذا المال، واستعمال النفوذ من طرف جهات يتعين الكشف عنها، لذلك نفترح ان يفتح تحقيق وافتحاص دقيق يشمل كل ممتلكات المكتب، على الأقل انطلاقا من خمس سنوات قبل رفع الاحتكار في مجال التسويق والتصدير إلى اليوم، وذلك من طرف الهيئات المختصة في وزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات والقضاء، ان اقتضى الحال، مع فتح كل إمكانيات الفحص والتدقيق أمامه. أيها السيدات والسادة ان تنويهنا بعمل اللجنة لا يمنعنا من تسجيل ملاحظات على تقريرها، دون ان يعني ذلك تنقيصا من عملها وجديته، مع التأكيد، مرة أخرى، أن النواقص التي سجلناها على التقرير قد تكون راجعة الى الظروف التي احاطت بعمل اللجنة والعراقيل التي واجهتها. وقد لاحظنا عدم التدقيق في بعض الأحكام مثل الحديث عن تلاعبات في بعض ممتلكات جمعية الاعمال الاجتماعية دون تحديد طبيعة هذه التلاعبات والوثائق المؤكدة لها. كما يتحدث التقرير عن شكوك دون تقديم دلائل مثل الحديث عن شكوك في وجود حسابات بنكية خارج المغرب يتم فيها تحصيل الفارق بين الثمن الحقيقي والثمن المعلن بعد تواطؤ بين مسؤولين بالمكتب وبعض المنتجين، وهذا أمر خطير و تلاعب بأموال المكتب وحساباته. كما لاحظنا قراءة ناقصة للجداول الاحصائية وغياب الاستنتاجات الضرورية من هذه القراءة. وسجلنا ان الخلاصات الواردة في نهاية التقرير ركزت على العوائق التي صادفتها اللجنة اكثر منها تلخيص للاختلالات ولمضمون التقرير برمته،وكذا غياب تحديد دقيق للمسئولين المباشرين عن اي اختلال او سوء تدبير،وغياب تقدير اجمالي للضياع المالي وتأثير سوء التدبير، ولو بالتقريب،على المجال الذي ينشط فيه المكتب وعلى الحياة الاقتصادية بوجه عام. ولم تتضمن توصيات اللجنة أي مقترحات بخصوص التدبير المستقبلي للمكتب، وكيفية تجاوز الاختلالات، وتحسين دوره في الحياة الاقتصادية الوطنية. ونسجل في الأخير اسفنا على الطريقة التي تعاملت بها كل مكونات مجلسنا، وعلى رأسها رئاسة المجلس،مع اللجنة، علما انها لجنة لمجلس المستشارين برمته، ومكونة من كل فرقه ،وكان علينا جميعا دعمها اكثر واتخاذ تدابير قانونية وحتى سياسية في حينه دفاعا عن صلاحياتنا الرقابية، وعن القانون، وعن التخليق الذي يدعو اليه الجميع، وعن حماية المال العام كضرورة وطنية ومصلحة عامة تسمو عن الاعتبارات السياسية والحزبية. وأملنا ان لا يتكرر ذلك مستقبلا وان يتعامل المجلس مع الملفات المعروضة عليه ليس كمكونات ،تتغير مواقعها ومواقفها حسب الظروف السياسية، بل كمؤسسة دستورية لها صلاحيات وعليها واجبات ومسؤوليات . شكرا على انتباهكم والسلام عليكم